سعوديات يطلبن الولادة القيصرية «الاختيارية»

غياب التهيئة والرعاية الطبية المتكاملة للمرأة الحامل أبرز أسبابها

TT

دفع غياب الرعاية الطبية المتكاملة والتهيئة النفسية للمرأة الحامل في كثير من المستشفيات إلى اختيار السيدات الخضوع لعملية الولادة القيصرية.

وقد أصبحت عبارة «لا أرغب بتجربة الولادة الطبيعية» من قبل فتاة متزوجة حديثا شائعة في وقتنا الحالي، وتتردد أصداؤها كثيرا داخل أوساط المجالس النسائية التي لا تخلو من سرد لوقائع الولادة وظروفها القاسية، وسواء أكان هذا النوع من التعبير نابعاً عن رغبة أم أنه قرار، إلا أنه يفسر اتجاهاً أخذ بالتزايد أخيرا ولمصلحة عمليات الولادة القيصرية «الاختيارية» لدى الأمهات الجدد.

وتقول اختصاصية النساء والتوليد الدكتورة سحر السويلم من مركز التخصصي الطبي، إن عمليات الولادة القيصرية لا تمثل طلبات جميع الأمهات في السعودية، مشيرة إلى أن نسبة الإقبال عليها في السعودية لم تصل إلى أرقام قياسية كما هي في الولايات المتحدة وبريطانيا، ولكنها أشارت إلى ميل بعض الأمهات الصغار أخيرا إلى اللجوء إلى العمليات القيصرية دون دواع طبية مما ينذر بمخاوف من احتمال تزايدها في المستقبل.

ولا يقتصر الاهتمام الذي تستأثر به الولادة القيصرية «الاختيارية» على حديثات الزواج، بل إن الميل للجوء إلى الولادة القيصرية تغذيه حتى العازبات المقبلات على الزواج اللاتي تراودهن الرغبة بطلب الولادة القيصرية في المستقبل.

وكشف اختصاصي النساء والتوليد الدكتور عماد المردني، أن أحد الأسباب التي تقف وراء تفضيل عدد من السيدات الولادة القيصرية التي لا تخضع لدواع طبية، إلى الخوف من آلام الولادة الطبيعية أو ما قد يحصل لهن أثناءها من تأثيرات جانبية قد تمثل أمرا مفزعا لهن نتيجة لما قد يتوارد إليهن من حقائق مغلوطة عن تجارب الأخريات، كما أن البعض يرى بأن الولادة القيصرية مناسبة لهن على اعتبار امكانية تحديد موعد الولادة في وقت ملائم لهن.

وحول التخوف الذي يعتري كثيرات في الوقت الراهن تقول الدكتورة السويلم إن السبب في ذلك يرجع إلى غياب التهيئة النفسية للمرأة الحامل نتيجة لغياب الرعاية الطبية التي لا بد أن تحظى بها كل امرأة حامل في معظم المستشفيات. مشيرة إلى أن المتابعة الطبية للحوامل في معظم المستشفيات تقتصر على إجراءات روتينية «كالفحص الدوري للجنين، واخذ الأشعة المنتظمة». ولكن لا يتم اعتبار التحضير البدني والتهيئة النفسية وإطلاع الحامل عن أدق ما ستتعرض له قبل وأثناء وضع الجنين على حد تعبيرها.وتتابع الدكتورة السويلم «لو اعتبرنا الخدمات التي تحظى بها المرأة الحامل في الدول المتقدمة فهي رعاية طبية متكاملة تحظى بها كل حامل من قبل طاقم يشمل الطبيب والممرضة ومتخصصاً في أمراض النساء والتوليد مهمتهم المتابعة الدورية للحامل والجنين، وتقديم الإرشاد والنصائح قبل كل شهر، حيث يتم إطلاع الحامل على ما ستتعرض له من أعراض وإرشادها حول كيفية التغلب على بعض العوارض التي قد تحدث أثناء الولادة الطبيعية، واطلاعها بشكل واسع على الغذاء المناسب ووضعية الجلوس والقيام بالنشاطات أثناء الحمل بالشكل الصحيح إلى جانب التمارين الرياضية الخاصة بتسهيل مهمة الولادة وتدريبها على آلية التنفس أثناء الوضع كل ذلك كإجراء تحضيري قبل الولادة.

إلى ذلك لا يمكن الاستناد إلى مدى انتشار هذا التوجه أو تحديد نسبته في السعودية نظرا لان شهادات الميلاد وفواتير المستشفيات لا توثق بأي حال من الأحوال ما إذا كانت العملية القيصرية أجريت بناء على طلب الأم أو أنها تمت بناء على مشورة الطبيب.

وأشار المتحدث باسم وزارة الصحة لـ «الشرق الأوسط» الدكتور خالد مرغلاني أن مسألة إجراء العملية القيصرية أمر تقديري للطبيب الذي لا بد أن يعتبر مصلحة حياة الأم والجنين في المقام الأول.

وتشير الإحصاءات في السعودية إلى أن نسبة الولادات بالطريقة القيصرية بدواع طبية تمثل حوالي 20% من إجمالي الولادات في السعودية التي تحتل المرتبة الأولى على مستوى العالم في معدل النمو السكاني، حيث يولد طفل كل 19 ثانية. وحول ما إذا كانت هذه الظاهرة سلبية أم طبيعية تعود الدكتورة سحر السويلم لتقول «بالتأكيد هي سلبية، خصوصا أن تكوين جسد المرأة متهيىء ومحضر للولادة الطبيعية الأقل خطرا على حياة الأم والطفل. وترى الدكتورة بأن ميل النساء في الخارج لإجراء هذه العمليات له أسبابه ودواعيه التي تناسب طبيعتهن لا سيما أنهن يكتفين بطفل أو اثنين بحيث لا يعرضن أنفسهن لأكثر من عملية طوال حياتهن، إلا أن هذه التجربة لا تناسب المرأة في المجتمع السعودي التي تنتظر في الغالب 5 أطفال أو أكثر مما يشكل خطراً على صحتها في حال خضعت لأكثر من 5 ولادات قيصرية».

وشددت الدكتورة السويلم إلى ضرورة التهيئة النفسية للفتاة منذ سن مبكرة وبالتحديد من المرحلة المدرسية من خلال عقد ندوات ومحاضرات حول الحمل ودواعيه والتحضير له لا سيما أن بعض الفتيات يقبلن على الزواج في سن 17 أو اقل ما يستدعي التركيز على التوعية في المراحل السنية المتقدمة. إلى جانب تركيز المستشفيات على تقديم الخدمات الطبية المتكاملة للمرأة الحامل والاهتمام الخاص بكل حامل حتى نحظى بأمهات وأطفال يتمتعون بصحة جيدة.