د. الربيعة.. الطفل الحالم بمساعدة الأطفال

ابن حارة «دخنة» التي لم تتسع أزقتها لعبور السيارات

TT

* يلاحظ الزائر لمكتب الدكتور عبد الله الربيعة في مدينة الملك عبد العزيز الطبية، باعتباره المدير العام التنفيذي للشؤون الصحية بالحرس الوطني، أن أبرز ما فيه طبق كبير من الحلوى. قدمته إحدى عائلات التوائم السيامية (أنجز 13 عملية فصل ناجحة)، تقديراً وحباً لمن ساهم في أن يكون بمستطاع أطفالهم الحبو واللعب بيدين وقدمين كأي طفل في العالم.

يقول الربيعة «كنت أسعى من وراء تخصصي مساعدة كل أب وأم على الفرح مجدداً بشفاء طفلهم، حيث أصبحت أنظر لكل مريض مع عائلته كجزء من عائلتي، حتى بعد سفرهم أكون على تواصل معهم عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني، وجراح الأطفال دائماً يتعامل مع مريضه (الطفل) بشكل أسري». ويضيف «بالنسبة لي، حياتهم هي جزء من حياتي حتى آخر العمر».

وبالفعل، تحقق حلم رسم السعادة على وجوه أباء وأمهات الأطفال، حيث أجرى، منذ ديسمبر (كانون الاول) 1990، 13 عملية فصل توائم سيامية، بالإضافة إلى أكثر من 50 عملية جراحية للقلب، وصفت بالمعقدة، لاطفال.

ورغم أن الجميع يسجل ما تحقق من نجاحات للربيعة وفريقه، الذين اعتبروا صُناع لقب «مملكة الإنسانية» للبلاد في العالم، إلا أن للربيعة رأيا آخر «لن أجيـر النجاحات التي تحققت لي أو لزملائي في الفريق الطبي، بل للوطن. الوطن هو من صنع (مملكة الإنسانية) والفريق الطبي، وهو منحنا كل شي، وله كل نجاح يتحقق».

والحديث عن مملكة الإنسانية يستلزم الحديث عن (قلبها) خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والحديث للربيعة «خادم الحرمين الشريفين، بالنسبة لي، والد وقائد، ولم يبخل علينا بالدعم في كل الجوانب المتمثلة في الاتصال والمتابعة، ليس لي فقط بل لجميعنا كفريق طبي».

وعبد الله الربيعة أب لثمانية أبناء (ابن واحد، وسبع فتيات). وخالد هو الابن البكر. وقد تخرج في الفصل الدراسي الماضي من جامعة الملك سعود طبيباً عاماً، ويستعد للتخصص. وأصغرهم شذى التي قررت مع أخيها خالد السير على طريق أبيهم. وهي الآن طالبة في كلية العلوم الطبية التطبيقية.

وهم نتاج زواج غير تقليدي ـ كما يقول ـ الربيعة «زواجي ليس تقليديا بقدر ما هو بشكل أكبر إسلامي، لأني تعرفت على زوجتي عن طريق والدة أحد أصدقائي المجاورين لهم بالسكن، والتي اختارتها عروساً لي، والتقيت بوالد زوجتي، وكان رجلاً ناضجاً، فتم الاتفاق والزواج».

ويفضل أبو خالد، الذي منح في عام 2002، وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى تقديراً لنجاحاته، في تعامله مع أبنائه المزج بين أساليب التربية الأبوية القديمة، وما يتناسب مع مرحلة أجيال التقنية والمعلومات الحديثة. ويستدرك قائلاً «هناك ضوابط تعلمتها من والدي، وأطبقها على أبنائي، ضمن هامش من الحرية، وبواسطة الحوار، ويجب أن نتذكر أن آباءنا بنوا أجيالا ويجب ألا تنسى تجربتهم».

وبالعودة للماضي، لا بد من الإشارة إلى أن الدكتور عبد الله الربيعة ولد في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) 1954. وكانت نشأته وسط عائلة تتكون من والده، الذي كان رجل أعمال بسيطا، ووالدته وخمسة اخوان (اثنين ذكور وثلاث من الإناث) أصغرهم فهد الاستشاري في مستشفى التخصصي، حيث كانوا يقطنون في حارة دخنة الغربية في العاصمة الرياض.

وعن ذكرياته في «دخنة» والرياض يقول: «لم تكن السيارات تدخل أزقتها، ورغم ذلك كنا نجتمع في أزقتها ونلعب فيها، وحين نزورها الآن نستغرب كيف كانت الحياة فيها، وجمالها ومعرفة الناس فيها والجيران.. لم يكن هناك زحام وقيود في الرياض كلها. رياض الأمس أفضل من اليوم بالنسبة لي».

وما بين اليوم والبارحة، تاريخ طويل من العلم والعمل والصبر والإنجاز في مسيرة ابن عبد العزيز الربيعة الذي كانت أمنيته أن يرى احد أبنائه طبيباً، وهمس بالأمنية في أذن ولده الطالب عبد الله، حينذاك، في ابتدائية المحمدية.

فهل كان يحلم بالشهرة والأضواء والنجاح احفظوا الرد يا أجيال السعودية من قول الربيعة «كأي طفل في المحمدية، عشت أحلام الطفولة... وأحلام الطفولة لا تنظر إلى الشهرة».