أبناء نجران يعولون على زيارة الملك عبد الله سياسيا واقتصاديا

TT

رغم أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمنطقة نجران، تظهر في سياقها العام جزءاً من رحلة طويلة مرت بالكثير من مناطق المملكة منذ توليه العرش، الا أن أهالي نجران ووجهاءها يعولون عليها الكثير سياسياً. فمنذ بدايات تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، واللافت أن الأقليات المذهبية بدأت تأخذ حيزاً واضحاً في المشهد السياسي السعودي، وحفلت لقاءات وطنية متعددة بمشاركة من الطائفة الاسماعيلية السليمانية التي تستوطن جنوب البلاد في منطقة نجران. وفي هذا السياق يقول عبد الله السدران أحد ممثلي منطقة نجران في لقاءات الحوار الوطني «زيارة الملك تأتي كجزء من تطبيقه سياسة منفتحة على جميع أبناء الوطن بدون تمييز، وهذا الانفتاح على جميع المذاهب الاسلامية في السعودية تجلى اكثر ما يكون في مؤسسة الحوار الوطني، حيث تم اشراك أطياف متعددة المشارب في هذا الحوار الهادف الى تعميق اللحمة الوطنية». ويزيد سدران في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الزيارة تؤكد أن سياسة الدولة تسعى للتوازن بين جميع أبنائها، فمواطنو نجران سعوديون لديهم نفس الواجبات ولهم ذات الحقوق، فضلاً عن أن زيارة الملك فرصة مهمة للالتقاء به ويولي عهده وطاقم المسؤولين المرافقين، ليبادلوهم همومهم السياسية والتنموية، ومناسبة لطرح أهالي نجران للمشكلات التي تواجههم».

وعن أبرز القضايا السياسية التي يرى سدران أنها مهمة لالقاء الضوء عليها، أضاف «اكمال مسيرة المساواة بين المواطنين، وضخ مزيد من البرامج التنموية التي تدعم البناء الحضاري للمنطقة، وتشجيع الكوادر النجرانية المشهود لها بالكفاءة للاسهام في الادارات الحكومية والخدمية في المنطقة، اضافة الى أحاديث حول بعض القضايا القبلية في المنطقة وتركيبتها الاجتماعية».

والحال أن الحوارات الوطنية السابقة حفلت بشفافية عالية من قبل المشاركين النجرانيين والقائمين على هذه الحوارات· كان آخرها اللقاء الذي عقد في مدينة نجران نفسها قبل حوالي الشهرين، كإعداد للحوار الوطني القادم والذي يدور حول التعليم، وشاركت فيه زكية أبو ساق المعلمة بوزارة التربية والتعليم، وطالبت فيه «بعدم اقصاء أصحاب المذهب الاسماعيلي السليماني والذي يشكل معتنقوه ما يقارب مليونا و800 الف مواطن في السعودية».

وزادت أبو ساق «الأهم هو توحيد صفنا الداخلي فكيف نتعامل مع الاخر فيما يحس البعض انه غير مقبول في بلده»· مؤكدة على أن «همومنا والقضاء على الخلاف بيننا وبين المذاهب الاخرى يأتي عن طريق ترك الغلو والتشدد ونشر روح التسامح المذهبي بين الجميع».

جدير بالذكر أن مركز الملك عبد العزيز الذي عقد أول ملتقى للحوار الوطني في يونيو (حزيران) 2003 وشارك فيه 35 من علماء الدين وأكاديميون يمثلون لاول مرة مختلف الاتجاهات المذهبية في السعودية، وناقش المؤتمر على مدى ثلاثة أيام قضايا الوحدة الوطنية ودور العلماء في ترسيخها.

أما عن البعد الاقتصادي للزيارة، فيرى محمد أبو ساق عضو مجلس الشورى السعودي أن هذه هي الزيارة الملكية الثالثة للمنطقة التي يعول أهالي نجران على جانبها الاقتصادي الكثير، كونها تأتي في هذا العهد السعودي الزاهر والمدعوم بطفرة مادية ثانية. هذه الزيارة تعكس حرص الملك على تقوية اللحمة الوطنية، والنظر لنجران التي ربما ظلمها بعدها الجغرافي عن مياه البحر ووسط البلاد، فباتت برامج التنمية فيها متواضعة ولا ترقى لمستوى رؤية الملك عبد الله او طموح مواطنيه». ويضيف «نجران تملك مقومات مهمة وعمقا تاريخيا يجعلها قادرة على لعب دور بارز في البناء الحضاري للمملكة. وتستحق المنطقة تطوير خدماتها الادارية والفنية والادبية والفكرية والصحية. فضلاً عن الاهتمام بالبيئة الزراعية التي اشتهرت بها نجران في أوقات طويلة ولكنها تدهورت وتراجعت، وأصبحت غير قادرة على الانتاج الفاخر· كما نتمنى أن تحظى منطقة نجران بوسائل اتصال أوسع مع محيطها بتعبيد طرق تصلها بما حولها بسهولة كونها عمقا استراتيجيا للبلاد». الأكيد أن زيارات العاهل السعودي المتواصلة لمناطق المملكة والتفاعل مع مطالبها والاستماع لها، يأتي في سياق توسع الرئة السياسية للبلاد، والذي يبدو واضحاً للعيان في أكثر من منحى سياسي في الأعوام الأخيرة.