جدة مصابة بالزكام.. والصيادلة والعطارون أكثر المستفيدين

أطباء: لا علاج للإنفلونزا.. والأدوية في الصيدليات تكتفي بمعالجة الأعراض

TT

«قليل من المطر.. والإنفلونزا تنال من الجميع» بالنسبة لمعظم سكان مدينة جدة تختصر هذه الجملة جميع مظاهر شتاء المدينة، التي لا تهبط درجات حرارتها كثيراً إلا بالقدر الذي يرفع درجات حرارة سكانها، وهو ما تشهد به معظم عيادات الأطباء والصيدليات المزدحمة بـ«المزكّمين» هذه الأيام.

هذا المرض الذي يزعج حتى الأطباء، يبقى مصدر إزعاج لا علاج له، والكلمة الفصل التي يصر عليها كافة الأطباء، هي أنه ليس هناك علاج واحد فعال وفوري لحل أزمات البرد، والعلاج الأكيد والأكثر فعالية هو الراحة والتغذية الجيدة، كما يقول محمد العيداني، استشاري أمراض الباطنة، الذي يبرر عدم انتاج عقار قادر على علاج المرض لحد الآن، بقوله «السبب هو في تعدد الميكروب أو الفيروس المسبب للمرض للدرجة التي يستعصي معها تحضير علاج ناجع لجميع الأنواع».

الإنفلونزا، والرشح، والزكام، والكريب، كلها أسماء للمرض الذي تسببه عدوى فيروسية، وأهم أعراضه ارتفاع درجة الحرارة، والرشح، وسيلان الأنف، والصداع، إضافة إلى الإجهاد العام، والسعال أحياناً، وتتراوح فترة العلاج من شخص إلى آخر، إلا أنها لا تتجاوز الأسبوع أو الـ10 أيام على أطول تقدير، بحسب ما أوضح العيداني، إلا أنه حذر من أن الزكام قد تنجم عنه مضاعفات غير مستحبة في حال إهماله، كالتهاب اللوزتين، أو التهاب الحنجرة، وانسداد مجاري الأنف والأذن والجيوب الأنفية.

نوبة الزكام التي تجتاح جدة هذه الأيام أسهمت بشكل كبير في رفع نسبة مبيعات الصيدليات، كما يقول فتحي عبد الحافظ (صيدلي)، الذي يقول بأن غالبية المصابين بالبرد لا يلتزمون بوصفات طبية بقدر ما يجتهدون في وصف الدواء المناسب بأنفسهم أو بالاعتماد على نصيحة «مجرب»، سواء كان من الأصدقاء أو الأقرباء الذين سبق وأصيبوا بالبرد في وقت مبكر، وربما كانوا هم مصدر العدوى.

وعلى الرغم من خطورة أن يلجأ الإنسان لوصف دوائه بنفسه من دون استشارة طبيب، إلا أن عبد الحافظ يقلل من هذه الخطورة في حالة مرض الإنفلونزا، ويقول «الزكام ليس مرضاً خطيراً وهو وعكة عابرة، ومعظم الأدوية الموجودة في الصيدليات، على الرغم من كثرتها واختلاف مسمياتها والشركات التي تنتجها، إلا أنها تتشابه كثيراً من حيث الخواص والتأثيرات».

ويضيف «هذه الأدوية تفيد فقط في تخفيف أعراض الزكام، كالسعال القوي، أو تخفيض الحرارة، وإيقاف السيلان الأنفي، ودورها يتوقف عند هذا الحد، ولهذا لا يوجد خطورة من أخذ هذه الأدوية من دون وصفات طبية، لكن الخطورة عندما يقرر المريض تناول مضاد حيوي من دون اللجوء إلى الطبيب، هنا نتدخل وننصح المريض بمراجعة الطبيب».

نزلة الانفلونزا التي اجتاحت جدة لم تكتف بتنشيط مبيعات الصيدليات فقط، لكنها زادت من مبيعات محلات العطارة والطب البديل، التي لجأ إليها البعض، مفضلين أدويتها عن تلك التي تقدمها شركات الأدوية.

الليمون، والعسل، ومغلي الأعشاب، خاصة البابونج والزنجبيل والمردقوش وغيرها، وصفات شعبية كثيرة شائعة لعلاج الإنفلونزا والزكام، ويكاد يندر أن تصادف شخصاً وأنت مصاب بالزكام من دون أن يصف لك وصفة شعبية، إلا أن متبعي هذه الطريقة في المعالجة لديهم قناعة أكيدة بآثارها، بحسب ما يوضح حسن قايد (بائع في محل عطارة).

ويؤكد قايد بأن زبائن محله ممن يتعصبون للعلاج الطبيعي في تزايد ولا يقتصرون على كبار السن كما قد يتبادر إلى ذهن البعض، خاصة أن مفعول الأعشاب الطبيعية والعسل في معالجة آثار الزكام مجرب ومضمون، وهو ما يجعل حتى صغار السن ممن يعتقدون بالطب الحديث أكثر من العطارة والعلاج الشعبي يقبلون عليه يوماً بعد يوم.

وتبقى انفلونزا الشتاء معلماً يذكر أهالي جدة دائماً بحلوله في مدينة دافئة طوال العام، لا تعرف البرد إلا مرضاً، وضيفاً ثقيلاً يزور كل منازل المدينة، لا يترك لهم خياراً إلا في طريقة التعامل مع مرضهم واختيار العلاج، إما على النمط الشعبي والطبيعي، أو باستخدام الأدوية التي تمتلئ بها الصيدليات.