حرفيات الجوف يغزلن السجاد والسدو على نغمات الشعر الشعبي

جمعية خيرية تسعى لإنشاء مصنع لاستقطابهن

TT

«يا أهل الجوف لا تنسوا ماضيكم، الشجاعة والكرم من عوايدكم، وامشوا باللي مشوا به كل أهاليكم».. بهذه الأبيات البسيطة تقضي حرفيات جمعية الملك عبد العزيز الخيرية في منطقة الجوف أوقاتهن أثناء غزلهن السجاد والبسط والسدو المشهورات بصناعتها، حيث يتم ترديد الأهازيج الشعبية والاغاني الوطنية طيلة فترة عملهن إلى جانب استعراض مشاكلهن اليومية والذي يجدن من خلاله متنفساً لهن رغم الدخل الضعيف الذي يحصلن عليه من جراء العمل الشاق الذي يعتمد على الدقة.

وبالرغم من متعة العمل إلا أن الحرفيات طالبن أن يتم النظر إلى ظروفهن المادية من قبل القائمين على الجمعية وزيادة رواتبهن التي لا تغطي مصاريف الحياة اليومية.

وذكرت واجدة الرويلي مديرة الجمعية لـ«لشرق الأوسط» أن الحرفيات كن موجودات في مؤسسة الرعاية الصحية المنزلية ولمدة أربع سنوات قبل انضمامهن إلى الجمعية التي احد أهدافها إحياء التراث وإيجاد مصدر دخل لتلك الحرفيات، وقد ابتدأ العدد بعشر حرفيات حتى أصبح عددهن حاليا 26 حرفية، مشيرة إلى أن العدد حاليا يعتبر محدوداً لعدم استيعاب المكان لأكثر من ذلك لكن هناك توجهاً لإنشاء مصنع للسدو واستقطاب كل حرفيات المنطقة للعمل به.

وقالت الرويلي إن الحرفيات يتلقين راتباً شهرياً مقابل عملهن ويقع عليهن ما يقع على الموظفات من إجازات وتأمينات اجتماعية وتأمين صحي ما عدا المواصلات التي لم تؤمن لهن حتى الآن موضحة أن رواتبهن بين 500 و1700 ريال والأخير خاص بالمشرفة على المشروع.

وعن رعاية الأسر في الجمعية قالت الرويلى إن الجمعية ترعى 800 أسرة انطبقت عليها الشروط من مجموع 2000 أسرة تقدمت إلى الجمعية طلبا للرعاية وتتحدد رعاية الجمعية لها بتوفير المواد العينية فقط في الوقت الحالي وهناك توجه بتقديم إيجارات وعلاج وغيرهما من الرعاية، مشيرة إلى أن ضعف دخل الجمعية الذي يعتمد على دعم الوزارة والتبرعات السبب الرئيسي في عدم تقديم رعاية كاملة للمحتاجين.

وتقول أم نواف، 70 عاما، المشرفة على الحرفيات إنها تعمل في هذه الحرفة منذ خمس عشرة عاما وبدأت العمل من المنزل لطالبات السجاد والبسط من الاهالي وضيوف المنطقة وبعدها ابتدأ العمل مع الجمعية منذ سبع سنوات الذي يكمن في تدريب الحرفيات وتعليمهن على فنون الغزل التي سبقتهن فيه· وعن الصعوبات التي يواجهنها قالت لا توجد صعوبات تذكر إلا المواصلات حيث يجدن صعوبة في توفير مواصلات دائمة لهن.

وتقول أم حسين (حرفية) منذ أن عملت في الجمعية مع الحرفيات تبدد كثير من مشاكلي وهمومي المنزلية فأثناء غزل السجاد ننشد الأغاني والأهازيج المعروفة وقد أحدث وجودنا اليومي مع بعضنا وملازمتنا الدائمة أثناء العمل ألفة كبيرة رغم أننا لا نعرف بعضنا إلا من خلال العمل في الجمعية ولذلك ما أن تغيب واحدة إلا ونسأل عنها ونتفقد أحوالها ونزورها إذا كانت مريضة ونساعدها في عملها إذا أحست بتعب لان العمل يقوم أساسا على قوة اليدين مما جعلنا نعمل بروح الفريق.

وعلقت أم عيد (حرفية في عمل البسط) على عملها الذي استمر لمدة أربعة عشر عاما في غزل البسط ابتدأته من المنزل حتى عملت مع المجموعة منذ قيام المشروع قائلة: إنها تعمل في حياكة البسط منذ سنوات لكنها وجدت من خلال عملها في الجمعية دخلا ثابتا وان كان لا يكفيها لسد حاجتها وأسرتها الكبيرة لكنها حققت هدفا اكبر من خلال وجودها مع الأخريات في نفس المكان من تبادل النصائح وعرض المشاكل مع مثيلاتها من كبار السن.

وقسمت دخلها الذي تتقاضاه (700 ريال) وأيدنها من معها في المجموعة حيث قالت نتشارك جميعنا في راتب السائق الذي نحضر معه كل بأن تدفع كل واحدة منا 150 ريالا ونتقاسم وجبة الفطور فتدفع كل واحدة خمسين ريالاً وما يتبقى فهو لاسرتي. وتمسك أم سلطان ظهرها وتكشف عن يدها المتقشرة من لف السجاد على النول وتقول الألم يمزق ظهري من الجلوس لفترة طويلة ويداها قد جفت وتقشرت من استخدام الصوف لكن كل هذا يهون أمام تجمعنا وتسليتنا طوال الوقت. وتردد نختلف في كثير من الأحيان لكننا نعاود الحديث مع بعضنا لأننا في الآخر زميلات مهنة واحدة ولا يستمر خلافنا إلا للحظات.

وعن رأي زوجها في عملها تضحك وهي تقول اجلس وأنا أتوجع من مفاصلي فيتهمني بالهرم وارد عليه انني شباب والجأ لإظهار اوجاعي رغبة في مزيد من الاهتمام منه خاصة انه عاطل عن العمل ويحس بوقت خروجي الطويل عليه فأداعبه يوميا بشراء ساندويتش له أو عصير في طريق العودة.

وبصوت متحشرج قالت أم طراد التي تعمل معهن منذ 7 سنوات ولا تستطيع العمل معهن في غزل الصوف لإصابتها بالربو فقصرن عملها على برم الصوف دون الدخول في العمل اليومي لغزل السجاد لم تتوان إدارة الجمعية على مساعدتي في قصر عملي على برم الصوف لكنني أقضي أوقاتا مليئة بالمداعبات مع زميلاتي في الغرفة وهو ما يخفف علي احساسي بنوبة الربو من جراء ازدحام الغرفة بالصوف.

وتصرف أم طراد على أسرتها من دخلها (500 ريال) فأبناؤها الأربعة في مرحلة الدراسة وزوجها عاطل عن العمل وتقطن بمنزل شعبي قديم يبعد 11 كيلومتراً عن الجمعية وتعاني من صعوبة المواصلات وأحيانا تتأخر عن العمل خاصة في فترة الأمطار لكنها تحرص على الحضور كل يوم للترفيه عن نفسها.

وتقول دخلي ضعيف لكنني أوفر لاسرتي أهم الالتزامات اليومية من مواد عينية وغذائية ولا يتوانى أهل الخير في تقديم الصدقات لي لعلمهم بأوضاعي المادية المتدنية.