«الدراما».. نهج جديد للعلاج في مستشفى الأمل بجدة

شكلت فرقة مسرحية من المدمنين السابقين

TT

«من سيخسر المليون»، «انتبه»، «عالم بلا دخان».. أسماء لمسرحيات فكاهية ذات مضمون هادف، عرضتها فرقة مسرحية شبه متخصصة في عدد من المدارس والمؤسسات الحكومية والتجمعات في جدة. المسرحيات التي استدرت ضحكات الجمهور الذي شاهدها في كل مرة، دفعته إلى التفكير كثيراً في المضمون ليس بسبب أهميته، لكن بسبب واقعيته، خاصة وأن أبطال المسرحيات هم أفراد يمثلون واقعهم بعد معالجتهم من الإدمان.

الفرقة المسرحية التي تشكلت من خلال جلسات معالجة المدمنين بطريقة جديدة تنفرد مستشفى الأمل في جدة باستخدامها، وتدعى هذه الطريقة العلاج الدرامي أي التمثيل العلاجي، حيث يقوم البرنامج بمعالجة المرضى من خلال مشاركتهم وتجسيدهم للأدوار التمثيلية المختلفة بهدف معالجة الأسباب التي دفعتهم إلى الإدمان، حيث طورت المستشفى هذه الطريقة لتضمن استفادة أكبر عدد ممكن من فئات المجتمع، عن طريق تنمية موهبة كل مريض متعافى يملك موهبة التمثيل، وتشكيل فريق مسرحي مدرب على أداء مسرحيات لها نص ورسالة توعوية تسعى لإيصالها إلى جميع فئات المجتمع.

الدكتور هشام نجم رئيس وحدة العلاج الدرامي بمستشفي الأمل، تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن الدور الذي تلعبه هذه الطريقة في العلاج ضمن البرنامج الطبي المتكامل الذي يخضع له المدمن في المستشفى بقوله «تم إنشاء وحدة خاصة للعلاج الدرامي ضمن المرحلة التأهيلية وهي عبارة عن مرحلة متقدمة من العلاج تسبقها في ذلك مرحلتان تعرف المرحلة الأولى بالمرحلة الانسحابية، وتليها مرحلة تعديل السلوك، ومن ثم المرحلة الثالثة والتي تعرف بالمرحلة التأهيلية والتي تتضمن مجموعة من البرامج كالعلاج الديني والتأهيل الوظيفي والإرشاد الأسري».

وعن النتائج التي يحققها هذا الأسلوب العلاجي الجديد قال نجم «يعتبر العلاج الدرامي أحد الطرق المستخدمة لعلاج مدمني المخدرات، وهو مفيد لجهة معادلته للآثار السلبية التي يفرزها تعاطي المخدرات على مشاعر وأحاسيس المدمن، ما يفقده تدريجياً مهارة التعبير عن مشاعره للآخرين، الأمر الذي يجعله يعاني من اختلال في السلوك الاجتماعي فيبدأ بالانطواء والعزلة التامة عن مجتمعه ويخاف من مواجهته ونظرات الآخرين له، خصوصا في المحافل الاجتماعية المختلفة»، بحسب قول نجم الذي يرى بأن هذا الأثر السلبي هو أكبر عقبة يمكن أن تصادف عملية إعادة تأهيل المدمن ودمجه في المجتمع من جديد.

تجدر الإشارة إلى أن المستشفى بدأ باستخدام طريقة المعالجة عن طريق الدراما والتمثيل منذ حوالي 6 سنوات، بحسب ما أشار نجم، كما أن المستشفى قام بتوفير كافة الأدوات الدرامية، التي تستخدم على خشبات المسارح كالإضاءة، والديكورات المختلفة، وأنظمة الصوت وغيرها، وحتى ملأ مقاعد المسرح بجمهور من المدمنين الذين يخضعون للمعالجة داخل المستشفى.

وأوضح نجم بأن النتائج التي حققها هذا الأسلوب إيجابية جداً، وتساعد المريض على الخروج من تجربته المريرة والتعبير عن الأسباب التي دفعته إلى الإدمان بطريقة إيجابية، من خلال لعبه لشخصيات مختلفة في كل مرة كشخصيات الأب أو الابن أو تاجر المخدرات، أو حتى تجسيد شخصيات وهمية كوساوس الشيطان والهواتف الداخلية التي جملت له الاعتماد على المخدرات، وقال «لعب هذه الأدوار سيساعد المريض على التفكير الإيجابي والعقلاني واكتشاف مواطن الخلل بالنسبة للإدمان وتحويل التفكير الانفعالي والسلبي إلى إيجابي، بالإضافة إلى أن تكرار صعود المريض إلى المسرح يدربه على مواجهة الآخر وتعزيز ثقته بنفسه وتبادل المشاعر وكسر حاجز الخوف والانطواء وتفريغ الانفعالات بمعنى التحرر من التوتر نتيجة لإطلاق العنان للمشاعر الحبيسة بداخلنا».