الكشافة.. فكرة «بريطانية» تشكل علامة فارقة في مواسم الحج عند «المسلمين»

أطول قافلة كشفية عالمية العام الحالي

TT

لم يكن يدر في خلد أحد أن فكرة اللورد باول الضابط في الجيش البريطـاني مطلع القرن الماضي، ستصبح الفكرة التي يطبقها العالم بأسره باسم «الكشـافة» وفيها يتم شحذ همم الشباب ودفعهم للعمل التطوعي ومساعدة الآخرين، وهو مايتجلى كل عام في موسم الحج الذي يشارك فيه آلاف الكشـافة في مساعدة ملاييـن الحجاج القادميـن لأداء فريضة الحج، وفق قـاعدة كشفية عالمية تقول دائمـا: «كن مستـعدا».

وفكرة القائد الانجليزي التي تبلورت خلال حرب لجيشه في جنوب أفريقيا وهي ما عرفت بمعركة «مافكنج» عام 1899، حيث حوصر بادن باول ورجاله في قلب مافكنج ليستعين بالشباب في فك الحصار ووزع عليهم أعمال الخدمات العسكرية كالحراسة والطهي ونقل الرسائل، ليعود بعد 217 يوما من الحصار إلى بلاده بطلا قوميا، هي نفسها الفكرة التي أصبحت بمدلـولاتهــا وزي كشافيها رسالة سلام عالمية لا تفرق بين الأجناس والأعراق، وفيها يشعر الشباب بدورهم المهم في الحياة.

واليوم يجتمع في المشاعر المقدسة أكثر من 2100 كشاف من جميع مدن ومناطق السعودية، يمثلون بهذا العدد الكبير نصف عدد الكشـافة الذي اجتمع لأول مرة على مستوى العالم عام 1920 وفيه عين اللورد البريطاني رئيسا لكشافة العالم، فيما يرأس أعلى مسؤول تعليمي في البلاد الدكتور عبد الله بن صالح العبيد، وزير التربية والتعليم السعودي باعتباره رئيس جمعية الكشافة العربية السعودية.

ويقول محمد العنـقري، وهو رئيس لجنة النقل والخدمات في جمعية الكشافة العربية السعودية: إنه «لمـدة ثـلاثـة عشر يوما وهي الفترة التي يحتاج فيها الحجيج لخدمات الكشافة تتحرك أطول قافلة كشفيـة في العالم بأكثر من 50 رحلة تضم كشـافة وجوالة وقادة للقيام بأعمال المسح والإرشاد لمنطقة منى وعرفات» فيما يسميه كشافون، رحلة الليل والنهار بحثا عن مساعدة التائهين من الحجاج وإرشادهم من خلال 12 مركزا إرشاديا في منى طوال اليـوم ودون توقف حسب نظام الورديـات.

وفكرة الكشافة التي كانت بدأت بـ20 شابا دعاهم القائد الانجليزي لإقامة مخيم لمدة أسبوع، هي اليوم تتجسد كشبكة عالمية تحمل أفكار الاستعداد والشهامة والعطاء بلا حدود، وتطورت لتلامس جوانب حياتية عديدة جعلها تتقاطع مع شتى الاختصاصات الانسانية، وانعكست في تطورها على روح الشاب الكشفي في تبني أفكار خلاقة ومبدعة في مختلف الجوانب الثقافية والاجتماعية، حتى أن قصص الكشافة في مواسم الحج تغدو جزءا من الذكريات الجميلة التي يحملها الحجاج إلى بلدانهم وهم يحكون لأقاربهم قصصاً بطولية في إنقاذهم أو إرشادهم وحياة المخاطرة بأنفسهم لأجل أن يقضي الحاج فريضته بيسر وسهولة.

وكانت جمعية الكشافة العربية السعودية قـامت بإجراء التحصين الوقـائي لجميع أفراد الكشافة والجوالة المشــاركين في معسكرات الخدمة العامة لحج هذا العام في مكة المكرمة والمشاعر ضد مرض الحمى الشوكية ممن لم يتم تطعيمهم قبل وصولهم لمكة المكرمـة.

كما وفرت الأدوية الضروريـة للأمراض المعتادة في هذه الفترة ومن أهمها أمراض الجهـاز التنفسـي مثل الزكام والاحتقان والكحة وآلام الأقـدام من المشـي، ثم أمـراض الجهاز الهضمـي بسبـب تغيـر الأطعمة التي يتناولها الكشافة، حيث تكشف الاستعـدادات الصحية طبيعة ونوع الأمراض التي تصيب الكشــافة في العادة نتيجة الإجهاد الكبير خلال موسم الحج الذي يعتبر أكبر تحدٍ يواجه الكشــاف وقـدراته على الإطلاق.