السلطات الصحية تتوعد بإغلاق العيادات العاملة في نشاط الحجامة

د. المانع: قلت لهم إذا كان عندكم شيء علمي فأهلا وسهلا.. وعلى أيام الرسول لم تكن هناك أجهزة لسحب الدم

TT

هددت السلطات الصحية في السعودية أمس، بالتعامل بحزم وقوة مع أي عيادة طبية تعمل في نشاط الحجامة الممنوع أصلا في البلاد، وذلك بإغلاق العيادة ككل، ومنع الكوادر الصحية فيها من العمل.

وتوعد الدكتور حمد المانع وزير الصحة، أي عيادات طبية تعمل على إدخال نشاط الحجامة ضمن عملها الطبي، بإغلاقها وإيقافها عن العمل.

وقال المانع في تصريحات له على هامش اختتام فعاليات المؤتمر العربي السادس والخليجي الثالث لخدمات نقل الدم، والذي استضافته العاصمة السعودية على مدى الأيام الثلاثة الماضية، أن وزارته لم تعمل على استصدار تراخيص لأي جهة طبية لممارسة نشاط الحجامة فيها، لافتا إلى أن كل جهة تعمل وفق هذا النشاط تعتبر مخالفة للأنظمة والقوانين المعمول بها.

وكشف المانع أن السلطات الصحية عمدت إلى إيقاف عدد من الأطباء العاملين لصالح المستشفيات التابعة لوزارة الصحة، بعد أن تم اكتشف أنهم يمارسون هذا النشاط.

ويأتي حديث المانع فيما يبحث مجلس الخدمات الطبية في السعودية، التأثيرات الطبية الإيجابية الناجمة عن الحجامة، بعيدا عن المدلولات الدينية لهذا النشاط.

وقال الوزير، ان وزارته رفضت البحث الأولي لمجلس الخدمات الطبية عن نشاط الحجامة، والتي اعتمدت فيه على المداخل الدينية، مضيفا «لقد رفضت ما تقدم به مجلس الخدمات الطبية من دراسة حول الحجامة، وقلت لهم إذا كان عندكم شيء علمي فأهلا وسهلا.. لكن إذا كنتم تعتمدون على الجانب الديني (...) فعلى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم لم تكن هناك أجهزة لسحب الدم».

وطالب وزير الصحة أمس، المجتمعين في عاصمة بلاده، والذين ناهز عددهم ألفي خبير وفني، بإخضاع موضوع الحجامة إلى المزيد من الدراسات والبحوث، وإبداء رأيهم فيه، باعتبار أن موضوع الحجامة أصبح الشغل الشاغل للرأي العام الداخلي والخارجي.

وشدد المانع أمام التجمع العربي، الذي نظمته الهيئة العربية لخدمات نقل الدم، على ضرورة إجراء البحوث والدراسات العلمية لإثبات أن الحجامة بمثابة دواء لعديد من الأمراض، حتى لا نسمح لأدعياء الطب والذين عادة ينظرون إلى هذا الموضوع من منظور ديني، بممارسة هذه المهنة وسط ظروف قد تكون ليست في صالح المريض، وهو ما اعتبره أمرا مرفوضا.

ومن وجهة نظر الدكتور المانع، فإن الحجامة كانت تستخدم في السابق لتنفيس الضغط عن المرضى الذين يعانون من ارتفاع في ضغط الدم، وهو الأمر الذي تحل محله الآن، عمليات التبرع بالدم.

وأوضح في موضوع متصل، أن بلاده تسجل سنويا 350 ألف حالة تبرع بالدم، وذلك بعد قرار إيقاف استيراد الدم من الخارج قبل أكثر من 21 عاما، وهو القرار الذي قال إنه لم يأت اعتباطيا، بل أتى بعد دراسات وتحليلات مضنية.

ولفت الوزير المانع إلى المرحلة التي سبقت قرار مجلس الوزراء الذي نصّ على إيقاف استيراد الدم من الخارج، إذ ذكر أن السلطات الصحية عانت الكثير من المشاكل خلال تلك الفترة، في حين أن مرحلة ما بعد الإيقاف شهدت انخفاضا كبيرا في مستوى الأمراض الناتجة عن عمليات نقل الدم، والتي يأتي أبرزها مرضا نقص المناعة المكتسبة الإيدز، والتهاب الكبد الوبائي.

وفي هذا الصدد، أفصحت الأرقام التي تطرق إليها التجمع العربي، الذي اختتم أعماله بعد ظهر أمس الخميس، أن السعودية تسجل حالة إيدز واحدة من أصل مليون عملية نقل الدم، فيما تسجل حالة واحدة أيضا في مرض التهاب الكبد الوبائي من أصل 400 ألف عملية نقل الدم.

وأبدى الدكتور المانع توقعات باختفاء مرضي الأنيميا والتلاسيميا، وهم المرضان المنتشران في بلاده، في غضون العشرين سنة المقبلة، بفضل الفحوصات الإضافية التي فرضت على المواطنين، وبخاصة ما يتعلق منها بفحص ما قبل الزواج.

من جهته، رأى الدكتور علي الشنقيطي المدير الطبي للمستشفى الرئيسي لمدينة الملك فهد الطبية، استشاري أمراض الدم والأورام، أن عملية نقل الدم في بلاده باتت أكثر أمنا من قيادة السيارة في أحد شوارع العاصمة. وقال: إن احتمالية الضرر في قيادة سيارتك في السعودية أكبر من نقل الدم.

وكشف الشنقيطي عن وجود توجه في السعودية لإعداد معايير وقوانين لبنوك الدم العاملة في البلاد، لافتا إلى أن هيئة الغذاء والدواء بدأت بالتنسيق مع وزارة الصحة والوكالة المساعدة لشؤون المختبرات بوضع برنامج للرقابة والترخيص لبنوك الدم المختلفة، باعتبار أن مسالة التعامل مع الدم مسألة خطيرة ودقيقة، على حد تعبيره، في ظل عدم وجود جهة رقابية مستقلة محايدة تتأكد من هذه المعايير.

ويسعى المؤتمر العربي السادس والخليجي الثالث لخدمات نقل الدم، من خلال توصياته التي ستبدأ ملامحها بالتكشف مطلع الأسبوع المقبل، للخروج بمعايير موحدة لبنوك الدم لتطبق في كافة الدول العربية.

وفي رده على سؤال حول الحقوق التي تترتب على من يتعرضون لأخطاء في عملية نقل الدم، أوضح الشنقيطي أن الأخطاء التي تقع في عمليات نقل الدم، تخضع للجان طبية شرعية متخصصة وهي التي تحدد نوعية الخطأ إن كان في التحليل أو المطابقة أو التخزين.

واستبعد استشاري أمراض الدم والأورام، أن تتجه بلاده لتحفيز الأشخاص بالتبرع عبر تقديم مقابل مادي لهم، باعتبار أن التوجه العالمي يرفض تقديم الحوافز النقدية، بسبب المشاكل التي من الممكن أن يتسبب بها الأشخاص المتبرعون المحتاجون والذين قد يعمدون إلى إخفاء إصابتهم بأمراض معينة، كي يقبضوا المقابل المادي.

وشكا الشنقيطي من أن التبرع الطوعي في الدم ببلاده لا يرقى إلى مستوى الطموحات والمطلوب، مقدرا نسبة المتبرعين الطوعيين بـ30 في المائة فقط، لافتا إلى أن هناك توجها لإدخال قضية التبرع في المناهج الدراسية وتوعية المواطنين من خلال وضع منشورات تحفيزية في الأماكن التي تغص بالمرتادين.

واعتبر أن دخول القطاع الخاص على خط عمليات التبرع بالدم، غير مفيد في الوقت الحالي، بسبب عدم وجود جهة رقابية مستقلة. مادة تؤخذ بكادر مستقل يذكر أن تجربة الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض لاقت في مجال التبرع بالدم، ترحيبا واسعا من قبل المشاركين في المؤتمر العربي السادس والخليجي الثالث لخدمات نقل الدم، حينما علموا أن الأمير السعودي تبرع بدمه قرابة الـ14 مرة.

ونشط الأمير سلمان بن عبد العزيز في مجال التبرع بالدم منذ سنوات طويلة، حيث كان من أوائل الأمراء الذين يدشنون حملات التبرع بالدم في مناطقهم الـ13· وقال الدكتور حمد المانع وزير الصحة في كلمة مرتجلة أمام التجمع «أعتقد أن الأمير سلمان نجم هذا الملتقى، باعتباره تبرع 14 مرة بدمه لصالح حملات التبرع المتنوعة».

وأشاد المانع بحرص أمير منطقة الرياض على حملات التبرع تلك، باعتبارها المصدر الرئيسي الذي يشجع المواطنين على الإقدام لفعل هذا العمل، لافتا إلى أن الأمير سلمان بن عبد العزيز هو من كان يذكر المسؤولين في وزارة الصحة بحلول وقت التبرع بالدم.

يذكر أن الحكومة السعودية، تمنح المتبرعين الذين يتبرعون لأكثر من 10 مرات، ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثالثة، فيما تمنح الذين يتبرعون لأكثر من 50 مرة، ميدالية الاستحقاق من الدرجة الثانية، وفقا للمانع.