مطالب بتكريس الحوار في المناهج المدرسية بدول الخليج

خلال لقاء تعليمي شارك فيه مسؤولون عن الحوار الوطني في السعودية

TT

كشفت ورقة عمل شارك بها أكاديمي إماراتي في جلسة نقاش عقدها مكتب التربية العربي لدول الخليج بالتعاون مع عدد من الجهات المختصة بنشر ثقافة الحوار داخل المجتمع في جدة يوم أمس، عن أن المناهج التعليمية في دول مجلس التعاون الخليجي لا تعطي الطالب قدراً وافياً من المعلومات عما يدور حوله في العالم، إلى جانب عدم وجود اهتمام واضح في المناهج بتنمية ثقافة الحوار لدى الطلاب والطالبات خلال دراستهم في التعليم العام.

وأشارت الدراسة التي قدمها الدكتور سعيد حارب الأستاذ في جامعة الإمارات، حول التعليم وثقافة الحوار في دول الخليج، إلى أن المناهج الحالية غير قادرة على معالجة الظواهر السلبية التي يمر بها شباب المنطقة، خاصة ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب، وقالت الدراسة إن «المناهج الحالية لا تدرس ظاهرة العنف ضد الآخر، ولا يتلقى الطلاب والطالبات أي محتوى دراسي يعالج هذه الظاهرة، فضلاً عن عدم معالجتها لموضوعات التعصب المذهبي، أو العنصري، أو الطائفي، أو القبلي».

الدراسة التي أجراها الدكتور حارب على كتب التربية الإسلامية واللغة العربية في المراحل التعليمية الثلاث الأخيرة من التعليم العام، وغطت 91 كتاباً دراسياً، إضافة إلى تحليل مضمون 1978 منهجا تعليميا جديدا، تم تدريسها عام 2006، وما زالت تدرس في كافة الدول الخليجية، حاولت رصد مدى احتواء المناهج المذكورة على قيم ومصطلحات ذات مضامين تتعلق بثقافة الحوار مع الآخر، مثل الحرية، وحقوق الإنسان، حق الاختلاف، السلام والتسامح، التعرف على الآخر، الاعتدال، حوار الحضارات، العدالة، الاتجاهات الفكرية، العولمة، التطرف والغلو، الشرك والتكفير، الإرهاب والعنف، التعصب، والجهاد.

وأكدت الدراسة أن معظم المصطلحات المذكورة لم يتم ذكرها في المناهج إلا بمعدل تكرار يقل عن عدد أصابع اليد الواحدة في أحيان كثيرة. وأشارت الدراسة إلى أن الكثير من المفاهيم والمصطلحات الدينية مثل الجهاد، والولاء والبراء، والتكفير، والشرك، لا يتم توضيحها للطلبة بصورة تجمع بين حقيقتها الشرعية ومتطلباتها التربوية المعاصرة.

وجاءت دولة الكويت في المرتبة الأولى من حيث احتواء مناهجها على مضامين ثقافة الحوار مع الآخر بواقع تكرار المصطلحات المتضمنة لهذه القيمة 48 مرة، في حين جاءت البحرين في المرتبة الثانية بواقع تكرار الكلمات التي تصف قيم الحوار في مناهجها 37 مرة، وحلت السعودية في المرتبة الخامسة بواقع تكرار مضامين الحوار 24 مرة، وجاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة السادسة بواقع تكرار 13 مرة فقط.

وقال صاحب الدراسة، الدكتور سعيد حارب لـ«الشرق الأوسط» ان «مناهجنا ما زالت تفضل عدم الخوض في التفاصيل المهمة بالنسبة للطلبة وتمر بها مرور الكرام، وهو ما يعيق تفعيل الحوار، وما لم يتم التركيز على الجزئيات المهمة والموضوعات الأكثر حساسية ومناقشتها بشكل واضح وصريح فلن يتغير شيء».

من جانب آخر أكدت الشيخة لولوة آل خليفة، التي شاركت بورقة عمل حول الدور الريادي للمدرسة كأساس لتكوين ثقافة الحوار لدى الناشئة، بأن الإعلام يعرض نماذج حوارية غير سليمة وغير صحيحة، وهي تترسخ في ذهن الناشئة في ظل غياب نموذج صحيح، كما أنها تعيق إلى حدٍ كبير المشاريع التربوية الطموحة لأجل إحلال ثقافة حوارية ملائمة، وشددت آل خليفة على الدور الأساسي الذي تلعبه المؤسسات التعليمية في إحداث نقلة نوعية للمجتمع عن طريق تبنيها لثقافة الحوار وإحلالها كقيمة أصيلة لدى طلبتها.

تجدر الإشارة إلى أن حلقة النقاش تأتي في سياق عمل منهجي ومنظم لمجلس التربية العربي لدول الخليج، ومكتب الآفاق المتحدة للاستشارات التقنية والمعلومات، ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني بهدف وضع خطة عمل وآلية لنشر ثقافة الحوار وتقبل الآخر في مؤسسات التعليم.

المشروع الذي بدأ بجمع معلومات ومعطيات عن معوقات نشر ثقافة الحوار داخل المؤسسات التعليمية، وصل إلى مرحلته الثانية بجمع الخبراء من مختلف دول الخليج العربي لمناقشة أنجع الوسائل والطرق لتفعيل هذه الثقافة بحسب ما أوضح الدكتور توفيق القصير مدير مكتب الآفاق المتحدة للاستشارات التقنية والمعلومات، الذي أكد بأن الخطوة المقبلة ستتضمن تدريب كوادر تعليمية مختارة من كافة دول الخليج على الطريقة التربوية الصحيحة لتكريس الحوار كقيمة أساسية من خلال المدرسة.

وأضاف «سينتهي المشروع أيضاً إلى إصدار منتوجات مساندة تتضمن دليلاً إرشادياً للمعلمين والمشرفين التربويين ومديري المدارس وجميع المشاركين في العملية التعليمية للكيفية الأمثل لتفعيل الحوار وتقبل الآخر كقيمة مهمة ومبدأ تربوي أساسي، إضافة إلى حقيبة تتضمن كتباً وأدوات تعليمية وتثقيفية تعين على أداء المهمة ذاتها».