مدير إدارة تطوير المنتجات في هيئة السياحة: لسنا مسؤولين عن خلق سياحة جاذبة

حمد آل الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: الهيئة تقر منتجات جديدة لتنمية قطاع السياحة في السعودية

حمد آل الشيخ
TT

وضعت الهيئة العليا للسياحة في السعودية، خطة للتنمية السياحية في البلاد، بدءاً من الموسم الحالي، من خلال إقرار مشروعات ومنتجات، من أبرزها إطلاقها أخيراً «الروزنامة الالكترونية»، التي تضم جميع الفعاليات التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر في الحركة السياحية الداخلية مع رصد الخدمات التي تتطلبها الصناعة السياحية من فنادق ورحلات طيران ووسائل النقل بشكل عام وغيرها من اضلاع القطاع. وأوضح حمد آل الشيخ، مدير إدارة تطوير المنتجات بالهيئة العليا للسياحة، في حوار مع «الشرق الأوسط»، بأن «الروزنامة الالكترونية» لأطراف الصناعة السياحية في السعودية، ستمكن شريحة كبيرة من السياح المحليين من الحصول على معلومات عن الواقع السياحي في البلاد. مشدداً على أن صناعة سياحة جاذبة وتحقيق الاستمتاع بالإجازة لطالبي الخدمة ليست مسؤولية الهيئة لوحدها، بل تشاركها في ذلك جهات حكومية عديدة، بالإضافة إلى القطاع الخاص، معتبراً أن الهيئة تعمل مع هذه الجهات لخلق وتنظيم صناعة سياحية جاذبة والإشراف عليها وتحسين وزيادة الخدمات وجودتها.

وتناول الشيخ جوانب تتعلق بالدور الذي تقوم به الهيئة العليا للسياحة لصناعة وتنمية سياحة ترضي طالبيها في الداخل وجاء نص الحوار كما يلي...

* أطلقت الهيئة العليا للسياحة هذا العام «الروزنامة الالكترونية» للفعاليات، ما هي أهمية مثل هذا المشروع؟

ـ «الروزنامة الالكترونية» للفعاليات تمثل أداة للتخطيط لأطراف صناعة السياحة في المملكة وللسياح. وهي تتكون من عدة عناصر من أهمها النظام الالكتروني، والتغذية بالمعلومات، فالنظام الالكتروني تم تطويره ذاتيا في الهيئة ويتضمن عناصر جيدة مثل عرض معلومات الفعاليات بطرق مختلفة، وإمكانية البحث، والعرض حسب المنطقة، والربط مع الآوتلوك، وإمكانية التسجيل للحصول على أية معلومات إضافية أو تغيير في مواعيد الفعاليات، ولدى الهيئة خطة لتطويره خلال الفترة المقبلة ليشمل مواصفات جديدة مثل التاريخ الهجري واللغات الأخرى وغير ذلك. أما عنصر التغذية، فهو يتطلب مشاركة من جهات عديدة لإدخال وتحديث المعلومات الخاصة بها، وقد وجدنا تجاوبا كبيرا من الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة الثقافة والإعلام وجهات عدة أخرى للمساهمة مع الهيئة في تغذية «الروزنامة الالكترونية»، سواء مباشرة عن طريق الانترنت أو بإرسال معلومات فعالياتها للهيئة، ونسعى إلى مشاركة العديد من الجهات الأخرى، مثل منظمي المعارض والمؤتمرات ووزارة التجارة والصناعة والشركات الكبيرة وغيرهم كثير. وذلك لضمان أن تضم الروزنامة جميع المعلومات عن الفعاليات التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر في الحركة السياحية وعلى المؤسسات السياحية بكافة أنواعها لمساعدتها على التخطيط لخدماتها لمعرفة أوقات ذروة الطلب على الخدمات الفندقية أو رحلات الطيران أو سيارات التأجير أو مواعيد إقامة المؤتمرات والمعارض والفعاليات الأخرى.

* كيف وجدتم تفاعل المواطنين مع هذا المنتج؟

ـ نظرا لانخفاض استخدام الانترنت في المملكة فنتوقع في الوقت الحالي استفادة شريحة محدودة من السياح مباشرة من الروزنامة، أما الشريحة الكبرى فستستفيد من الروزنامة بطرق غير مباشرة من خلال الإعلام أو من خلال منشـآت الإيواء (الفنادق والشقق المفروشة)، التي تزود ساكنيها بالمعلومات بشكل يومي. ويمكن قياس مدى تفاعل المواطنين مع الروزنامة وانتشارها بعد ما تتوفر معلومات عن مدى انتشار الروزنامة واستخدامها كأداة للتخطيط للسائح وذلك بعد مضي عدة أشهر، حيث تتوفر لدينا بيانات كافية عن زوارها.

* ما هي أهمية قيام الهيئة بتقديم الروزنامة لصناعة السياحة؟

ـ يأتي ذلك من اهتمام الهيئة بدورها في مساندة الصناعة على التخطيط، وبالإضافة إلى موقع الهيئة كجهاز يتولى التخطيط والتنظيم لصناعة السياحة مما يضعها في المنتصف مع جميع الشركاء من شركات ومنشآت السياحة والأجهزة الحكومية والشركاء الآخرين وفي جميع المناطق مع دور الهيئة في تطوير وتسويق المنتجات والخدمات السياحية، وهذا يجعلها قادرة على إدارة وتسويق الروزنامة بشكل أفضل لخدمات جميع المستفيدين في جميع مناطق المملكة. وجميع هيئات السياحة في العالم، تعد روزنامة الفعاليات في دولها وتتولى نفس الدور الذي تتولاه الهيئة، ودور الجهات الحكومية هو المساهمة في تغذية الروزنامة.

* كيف ترون دور المهرجانات السياحية في تشجيع القطاع داخلياً؟

ـ إضافة إلى دورها في الجذب السياحي السريع، فإن الفعاليات والمهرجانات تؤدي دورا مهما في تكوين الوجهات السياحية من خلال قدرتها على جذب الطلب السياحي على الوجهة السياحية وعلى المنشآت السياحية والمقومات السياحية فيها، بالإضافة إلى إبراز المنطقة أو المدينة أو المحافظة من خلال تجربة السياح أو من خلال الإعلام. كما أن الفعاليات والمهرجانات تساهم في توعية المجتمع وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن السياحة، وان السياحة نشاط اقتصادي واجتماعي ضروري لمجتمعاتنا المحلية، بالإضافة إلى دورها في تعزيز الوطنية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتكوين الفرص الوظيفية، بالإضافة إلى مساهمتها في الأمن الداخلي. كما أنها تساهم في إقناع رجال الأعمال في الاستثمار في المنشآت الاقتصادية والسياحية في المنطقة، بالإضافة إلى تطوير البنية التحتية فيها، فمثلا منطقة حائل وبمساهمة من الهيئة العليا للسياحة، نظرت إلى «رالي حائل»، كوسيلة للتنمية بما فيها التنمية السياحية، وإضافة إلى الدخل المباشر على المنطقة، الذي تجاوز أكثر من 50 مليون ريال خلال سنتين. كما أن الرالي أسهم في زيادة المنشآت السياحية وتحسين جودتها وتنوع خدماتها، كما أن حائل أصبحت وجهة على مدار العام للسياح الذين سمعوا عنها وعن مقوماتها من خلال الرالي وزواره والتغطية الإعلامية له. بالإضافة إلى ذلك، فإن المدن العالمية تتسابق إلى استضافة الأحداث العالمية الكبيرة والاستثمار فيها لقدرتها على إحداث التنمية فيها. فمثلا قطر اختارت الألعاب الآسيوية لدفع عجلة التنمية بشكل سريع، كما أن الصين أنفقت مليارات الدولارات استعدادا لاستقبال الألعاب الاولمبية، لأنها ترى قدرتها على تحقيق التنمية الاقتصادية والجذب السياحي خلال السنوات التي تلي ذلك. ومدينة برشلونة الاسبانية ارتفع عدد الفنادق فيها من مائة فندق إلى مائتين في خلال عشر سنوات بعد تنظيمها لأحد الأحداث الرياضية الكبيرة.

وكما نشاهد خلال فصل الصيف، فإن المناطق أصبحت بمساعدة الهيئة العليا للسياحة كمصدر لجذب الطلب على زيارتها من السياح وما يحققه ذلك من فوائد اقتصادية واجتماعية على المجتمع فيها.

* ما هو الدور الذي قامت به الهيئة في تنظيم الفعاليات والمهرجانات في المناطق؟

ـ الهيئة العليا للسياحة بتوجيهات وزير الداخلية، ورئيس مجلس إدارة الهيئة، وبقيادة الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، الأمين العام للهيئة، تعمل بشكل مكثف مع المناطق من خلال مجالس التنمية السياحية وأجهزة التنمية السياحية ومن خلال إدارات الهيئة على التخطيط للعديد من الفعاليات والمهرجانات التي تتراوح بين المحدودة إلى الدولية، والمساهمة في تنظيمها وقد شمل ذلك خلال اقل من ثلاث سنوات أكثر من مائة فعالية ومهرجان ذي طابع خاص ومتطور. كما تضمنت استراتيجية تنمية السياحة الوطنية المستدامة التي تعد من أهم استراتجيات تنمية السياحة على مستوى المنطقة والعالم، التأكيد على أهمية المهرجانات والفعاليات في التنمية السياحية كما تضمنت استراتيجيات المناطق الفعاليات والمهرجانات المناسبة لكل منطقة، التي تتماشى مع تعليمات ديننا الحنيف ومع عاداتنا وتقاليدنا ومع التعليمات العامة، خاصة تلك التي تعتمد على مقومات كل منطقة.

وأصبحت أجهزة السياحة في المناطق هي مركز التخطيط والتنسيق للفعاليات وأصبح دورها محوريا في السياحة المحلية، وساهمت جهود الزملاء في تلك الأجهزة في تنظيم وتطوير العديد من الفعاليات والمهرجانات مما نتج عنه زيادة عدد المهرجانات الصيفية مثلا بنسبة 30% عن العام الماضي مع التنوع والتجديد في الفعاليات، وقد أصبحت المناطق تنظر إليها على أنها القائد في عملية تنظيم وتنسيق الفعاليات والمهرجانات، بالإضافة إلى الأعمال الكثيرة المناطة بها.

وخلال السنوات الثلاث الماضية، سعت الهيئة إلى تنمية قطاع مهم في صناعة السياحة، هو قطاع تنظيم الفعاليات السياحية، والمقصود به جميع الشركات والمؤسسات ذات العلاقة بتنظيم الفعاليات من منظمين ومزودي خدمات، حيث عملت الهيئة على توفير البيئة المناسبة للاستثمار في ذلك القطاع، وتولى القطاع الخاص تنظيم الفعاليات السياحية لتحويلها إلى الاحترافية لضمان تطوير الفعاليات وتوجيهها لتحقيق الأهداف منها، سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو البيئية وغيرها، بالإضافة إلى مساهمة ذلك القطاع في تكوين الفرص الوظيفية للشباب السعودي، مع توظيف المقومات التراثية والثقافية والطبيعية في تنظيم الفعاليات. وفي مجال تطوير قطاع أو صناعة الفعالية، قدمت الهيئة الدعم الفني والتسويقي والإعلامي والمالي للمناطق من خلال منظمي الفعاليات لتنظيم الفعاليات، كما قامت الهيئة بتنظيم دورات تدريبية للعاملين في تنظيم الفعاليات. وخلال الفترة الماضية، استعانت الهيئة بأحد الخبراء العالميين في تطوير خطة عمل للسنوات المقبلة، تتمثل أهم محاورها في تنظيم لقاء ومعرض للفعاليات، بالإضافة إلى تنمية القدرات الوطنية في تنظيم الفعاليات وتكوين الفرص الوظيفية للشباب السعودي فيها. كما قامت الهيئة بزيارات لأكثر من خمس عشرة جامعة ومؤسسة علمية وطنية لحثها على تقديم مواد وتخصصات في مجال تنظيم وإدارات الفعاليات، التي أصبحت تدّرس في العديد من الجامعات السعودية على مستوى البكالوريوس والماجستير وحتى الدكتوراه. بالإضافة إلى أن المتخصص في الفعاليات سيتمكن من الحصول على الوظيفة بسهولة في مجالات عديدة تحتاج إلى تخصص الفعاليات وليس بالضرورة في صناعة الفعاليات، فمثلا جميع الشركات تحتاج إليه من خلال إدارات التسويق أو العلاقات العامة وغيرها.

* السياحة البيئية هل هي حاضرة في صيف السعودية 28؟

ـ لنبدأ بتعريف السياحة البيئية أولا، فهي سفر المواطن أو المقيم لإحدى المدن أو المناطق في المملكة للاستمتاع بمقوماتها الطبيعية. وخلال الصيف الحالي، هنالك نسبة كبيرة من السياح هدفهم الرئيسي هو الاستمتاع بما انعم الله به علينا من بيئات طبيعية متنوعة ومتعددة. فمن الطائف والباحة وعسير وحتى مرتفعات جازان، كلها تقدم للسائح المحلي البيئات الطبيعية الجميلة والجو الجميل. كما كل منطقة من مناطق المملكة تقدم فرصة للاستمتاع بمقومات طبيعية فيها، فالبحر، سواء الشواطئ أو الرحلات البحرية أو الغوص، هي عناصر للسياحة البيئية، ويستمتع بها المواطنون والمقيمون في فصل الصيف، كما أن الصحاري تعد عناصر جاذبة حتى في فصل الصيف. لذا فإن السياحة البيئية موجودة في صيف السعودية 28 وبقوة.

* تتحمل الهيئة عبء تلقي انتقادات المواطنين بشأن الخدمات السياحية التي لا تدخل ضمن نطاق صلاحياتها، فما هي أبرز هذه الانتقادات وكيف تتعامل الهيئة معها؟

ـ ابرز تلك الانتقادات تتعلق بحاجة المواطن للاستمتاع بإجازته الصيفية ومن أهمها أسعار السكن في بعض المناطق الذي تؤثر فيه عوامل متعددة منها الموسمية الحادة في بعض المناطق، وضعف تخطيط السائح لرحلته، وعدم وجود تنظيم لأسعار الشقق المفروشة وغيرها.

وعادة يربط المواطنون بين الهيئة العليا للسياحة والإجازة والسفر، لذا فإن المواطنين ينظرون للهيئة بأنها الجهة المسؤولة عن استمتاعهم بإجازاتهم أو سفرهم، وهذا حمل كبير فقط من الناحية المعنوية للعاملين في الهيئة، فالإجازة والسفر والسياحة بشكل عام وما يتضمنه ذلك من أنشطة مختلفة، تتشارك في تنظيمه والإشراف عليه والتخطيط له جهات حكومية عديدة، بالإضافة إلى القطاع الخاص. فمثلا الطيران، والطرق البرية، والمراكز الترفيهية، والفنادق، والشقق المفروشة وأسعار السكن فيها، ووكالات السفر وغيرها، تشرف عليها جهات حكومية أخرى وليست الهيئة. لكن الهيئة تعمل مع تلك الجهات المسؤولة عنها على تحسين وزيادة الخدمات وجودتها. فمثلا تعمل الهيئة مع وزارة النقل ووزارة الشؤون البلدية والقروية على تحسين استراحات الطرق وقد يتحقق ذلك قريبا، وهنالك الأعمال الكثيرة التي تعمل عليها الهيئة مع العديد من الجهات وسترى النور قريبا. لكن من أهم الأعمال التي تعمل عليها الهيئة لتنمية السياحة في مجالس التنمية السياحية في المناطق أجهزة السياحة التي سيكون لها الدور الأكبر في تحسين الخدمات والمنتجات السياحية في كل منطقة بدعم ومساندة من الهيئة، حيث إن اللامركزية التي يقودها الأمير سلطان بن سلمان ستسهل وستسرع من التنمية السياحية.