اشتراطات المهندسين والأمانة الجديدة تطيح بـ470 مكتبا هندسيا في جدة

الأمانة لـ«الشرق الأوسط»: هدفنا إخراج تجار الشنطة من السوق

طفرة سعودية في مجال البناء منذ العام الماضي
TT

اطاحت الاشتراطات الجديدة التي فرضتها هيئة المهندسين وامانة جدة على المكاتب الهندسية بنحو 470 مكتبا هندسيا، وذلك لعدم تسجيلها ضمن النظام الجديد للحصول على تراخيص واعتمادها من قبل الامانة.

وكانت أمانة جدة قد اعلنت امس رسميا، اعتماد 59 مكتبا هندسيا من بين 529 مكتبا تعمل في مدينة جدة بنسبة لا تتجاوز 11 في المائة من اعداد المكاتب الموجودة وذلك لعدم تسجيل بقية المكاتب بسبب الاشتراطات التي طلبت من هذه المكاتب وعدم توفرها لديها.

واوضح المهندس عبد الله المعداوي مدير الإدارة المركزية لرخص البناء بأمانة محافظة جدة أن الأمانة بدأت في تطبيق نظام لاعتماد المكاتب الهندسية بمدينة جدة، ويغطي هذا النظام أنشطة وأعمالها المتعلقة بالبناء والمنشآت الواجب إصدار تراخيص بناء لها من أمانة محافظة جدة، أو البلديات التابعة لها.

وأضاف «يشمل النظام الأنشطة الهندسية المتخصصة أو المتعددة والمصنفة ضمن مجموعتين، الأولى الأنشطة التي لا تحتاج إلى أجهزة ومعدات خاصة، والثانية الأنشطة التي تحتاج إلى أجهزة ومعدات خاصة، كما يقوم اعتماد المكاتب الهندسية على محورين أساسيين هما محور الموارد والإمكانات، محور الأداء».

واعادت الامانة قلة اعداد المكاتب التي تم اعتمادها الى تأخر المكاتب في التقدم للحصول على التصاريح وفق الانظمة الجديدة، وقال المهندس المعداوي «ان الأمانة قامت بالإعلان والتوضيح في وسائل الإعلام المختلفة حول هذا النظام وإعطاء فرصة للمكاتب الهندسية البالغ عددها 529 مكتبا بمدينة جدة لإدراجها في النظام، علما بان الأمانة قد اعتمدت يوم 22 مايو (آيار) 2007 كموعد نهائي لتقديم الطلبات، وستقوم الأمانة بوقف التعامل مع المتأخرين في 13 أغسطس (آب)».

من جهة اخرى اوضح احمد الغامدي مدير المركز الاعلامي في الامانة لـ«الشرق الأوسط»: ان «الهدف من هذه الاشتراطات هو القضاء على تجار الشنطة المنتشرين في جدة وستكون هناك فرصة اخرى في الشهر المقبل لتصحيح اوضاع المكاتب التي توفر الاشتراطات المطلوبة».

وأضاف «ان اسباب قلة اعداد المكاتب التي تم اعتمادها تعود الى عدم توفر المكاتب المناسبة لها والامكانات الادارية والمهنية من شهادات وتراخيص، مشيرا الى عدم وجود آلية لتحديد الاسعار، انما يحكمها العرض والطلب».

وبالعودة الى المهندس المعداوي، اوضح ان الإدارة المركزية لرخص البناء تعاقدت مع شركة متخصصة بقطاع التقنية لتفعيل إمكانية تقديم طلبات رخص البناء عبر شبكة الانترنت مما يؤدي إلى توفير الكثير من الوقت على المواطن والمكاتب الهندسية، ومن المتوقع ان يبدأ المشروع العمل بعد الانتهاء من تأسيس البنية التقنية للمشروع والتي ستمكن الإدارة من إصدار التراخيص بمدة أقصاها 5 أيام من تاريخ التقديم شرط استيفاء كامل الشروط، وتأتي هذه الخطوة رغبة من الأمانة في تقديم أفضل الخدمات للمواطنين وتقليص أعداد المراجعين للاستفادة القصوى من الوقت والجهد. وسعيا من الأمانة للارتقاء الخدمي والعمل على تجميل مدينة جدة وعمرانها، فقد أسندت إلى المكاتب الهندسية مهام تقديم طلبات رخص البناء نيابة عن المواطنين، بما يتلاءم مع المعايير الهندسية العالمية في الدقة والاختصاص، ويتيح سرعة انجاز المعاملة وسهولة معالجة الخلل وإعادة صياغة الأفكار التطويرية.

وعن الاشتراطات التي طلب من المكاتب الهندسية اعتمادها اوضح المعداوي «انه توخت الدقة في تحديد معايير ومقومات المكاتب لاعتمادها بالتنسيق مع الهيئة السعودية للمهندسين في وضع معايير تعد بمثابة الحد المقبول لإقامة مكتب هندسي استشاري ومزاولة المهنة بعد تجهيز المكتب بكامل وسائل التقنية الهندسية الضرورية، وسائط الاتصال، وبان يكون طالب الترخيص قد أمضى في ممارسة المهنة مدة 3 سنوات على الأقل، كما يهتم بالنظر في مؤهلات فريق العمل وما يمتلكه من الدرجات العلمية».

يشار الى انه جرى خلال العام الماضي استخراج نحو 7313 ترخيص بناء من امانة مدينة جدة والبلديات التابعة لها للبناء في انحاء متفرقة من جدة واحيائها، اذ تشهد الاحياء الجديدة، خاصة شمال مدينة جدة ثورة في مجال البناء.

الى ذلك زادت امس مخاوف العقاريين والراغبين في البناء من ارتفاع اسعار وتكاليف المكاتب الهندسية في السعودية عموما وجدة خصوصا في ظل تخصيص امانة جدة واعتمادها نحو 59 مكتبا فقط.

وبرغم ارتفاع الاسعار منذ مطلع العام الماضي الذي رافقه اقبال كبير على البناء عقب انهيار سوق الاسهم، سجلت اسعار المكاتب الهندسية ارتفاعا كبيرا قفز في بعض المخططات والخرائط الى 50 في المائة في ظل تقديرات رسمية باستخراج نحو 7313 رخصة بناء في جدة وحدها خلال العام الماضي.

ويأتي اعلان امانة جدة ليزيد من تلك المخاوف بارتفاع جديد في الاسعار، في ظل عدم وجود أي سقف للاسعار وهو ما يوضحه سعيد الغامدي مستثمر عقاري في جدة بقوله «إن المستثمر يواجه عددا من المعوقات ما يجعله بين أنظمة معقدة تأخره في إكمال مشروعه وترهقه ماديا، بداية بإجباره على دفع قيمة إضافية وعالية إلى أصحاب المكاتب الهندسية من أجل الخرائط التي من شأنها تكون مرضية من الناحية القانونية خلاف أجرة المقاولين المعماريين، إضافة إلى ارتفاع حدة الأسعار لجميع مواد الخام للبناء».

ويوافقه عبد الله صندل الذي يعمل على بناء منزل خاص به ويضيف «على الجهات المسؤولة تحديد سقف أسعار المكاتب الهندسية من ناحية والمواد الخام من ناحية أخرى، ليتسنى للمستثمر إتمام المشروع من دون أعباء الديون التي تكبدها جراء تلك الزياد». مضيفا ان «الاسعار زادت في الوقت السابق من دون مبرر، الان بوجود مبرر ماذا سيحدث؟».

وبالمقابل دافع الدكتور يحيى كوشك رئيس هيئة المكاتب الهندسية في محافظة جدة، عن المكاتب الهندسية وتهمة ارتفاع الاسعار موضحا أن «الأمانة تضع أنظمة ترفع من خلالها مستوى البناء ما جعل المكاتب الهندسية ترفع من أسعار الاستشارة والتخطيط والإشراف أيضا، بوجود تلك الزيادة باضافة طلبات الأنظمة المقرة من الأمانة، خصوصا إذا علمنا أن تلك الأنظمة الجديدة التي أقرتها الأمانة من فقراتها خرائط تفصيلية للبناء، ووجود خرائط سبل السلامة مطابقة للمواصفات والمقاييس، ما يجعل المكاتب الهندسية تزيد في أسعارها»، مشيرا الى ان المالك يستكثر على المكاتب الهندسية إعطاءهم ما نسبته 3 في المائة من قيمة المشروع مع العلم أن تلك المكاتب هي الجهة التي تحفظ حقوقه، سواء من الجهات الحكومية، أو لدى المقاول المخول له بالإشراف على البناء.

واضاف الدكتور كوشك «أن الهيئة تطالب أصحاب المكاتب الهندسية الالتزام بأخلاق المهنة وتعليمات الأمانة، خصوصا في ما يتعلق بالبناء كأدوار المباني والإشراف على التصاميم، ومشيرا الى أن الهيئة وضعت أخلاقيات للمهنة ولا بد من الالتزام بها والتوقيع عليها».

وتابع كوشك «إن المقاول إذ اكتشف وقوعه في أخطاء تتعلق بالبناء، فيكون المكتب الهندسي ملتزما بإبلاغ الأمانة بتلك الأخطاء ومتابعة الإنشاء إلى أن يتم تنفيذه»، داعيا الملاك والمستثمرين الى اختيار مكاتب هندسية استشارية موثوق بها تلتزم بالأنظمة التي أقرتها الأمانة حول الإنشاء.

ولم يختلف كثيرا المهندس محمود غريب، صاحب مكتب هندسي، في رأيه عن الدكتور كوشك، حيث أضاف أن ارتفاع أسعار المكاتب الهندسية شيء طبيعي في مقابل العمل المبذول مع العلم أن الخرائط للمشروع زادت وأصبحت أكثر تفصيلا عن السابق ولا بد أن تتفق مع ما حددته الأمانة من أنظمة وقرارات.

واضاف المهندس غريب ان «حصة المكتب الهندسي في معظم الأحيان ما بين 3 في المائة إلى 7 في المائة من قيمة المشروع، فهو مبلغ عادل للمكتب وصاحب المشروع ونجاح المشروع يبدأ بالمكتب الهندسي وينتهي به، إذا طلب المالك ذلك كمشرف على المشروع». مضيفا ان «جودة العمل هي هدف يجب تحقيقه لكسب ثقة المالك من قِبل المكتب الهندسي والمقاول أولا».

الى ذلك قدر المهندس عوض الربعي الذي يعمل في مكتب هندسي في جدة الارتفاع بالنصف، مشيرا الى ان الجهد ارتفع الى الضعف اضافة الى تغير آلية البناء واشتراطاته ومخططاته، مبينا ان المباني السكنية العامة كانت تعد تصاميمها في السابق بحدود 5 آلاف الى 7 آلاف ريال حسب الادوار والمواصفات.