إنشاء مراكز استشارات أسرية في الأحياء يحد من الخلافات الأسرية ويخفض نسبة الطلاق

د. ليلى الهلالي لـ«الشرق الأوسط»: غياب المفردات الجميلة بين الأزواج وعدم التحلي بالصبر يولد المشاكل

مطالب بوجود مراكز استشارات داخل الأحياء للحد من الخلافات الأسرية («الشرق الأوسط»)
TT

كشفت مستشارة أسرية واجتماعية أن نسبة الطلاق في المجتمع السعودي في ارتفاع ويرجع السبب في ذلك إلى على عدم فهم الطرفين لبعضهما البعض ولأساسيات الحياة الزوجية، مشيرة إلى نسبة الطلاق بلغت 38 في المائة من العدد الكلي لحالات الزواج و33 في المائة من حالات الطلاق تقع في الثلاث السنوات الأولى من الزواج.

وقالت الدكتورة ليلى الهلالي، مالكة لمركز يحمل اسمها للاستشارات الاجتماعية: إن اغلب المشاكل الزوجية التي لاحظتها خلال الحالات التي تمت معالجتها بداخل المركز تكمن في عدم فهم الطرفين لبعضهما بالقفز إلى النتائج دون معرفة طبيعة وتحليل المشكلة مع غياب الحوار بينهما والتحلي بالصبر وتركيز الطرفين على رصد الأخطاء لبعضهما البعض وعدم الإحساس بأنهما يمثلان فريقا واحدا لا فريقين كل منهما يعمل ما يريد من دون النظر الى الآخر، مع عدم خلق المبرر الكافي للآخر في تصرفه الخاص بالمشكلة المتسببة بالخلاف، مشيرة الى أن غياب المفردات الجميلة بين الطرفين هي من أهم المشاكل بين الزوجين والتي تترتب عليها حياة زوجية جافة وقاسية، ويعود ذلك الى عدم تعودهما عليها خلال التربية داخل اسرتيهما. وأضافت أنها أنشات المركز لخدمة الطبقتين المتوسطة والغنية في المجتمع من خلال إقامة دورات تأهيلية للفتيات المقبلات على الزواج وتوعيتهن للدور المطلوب منهن والمعالجة بأسلوب الجلسات الفردية للمشاكل الأسرية التي قد تؤدي إذا لم يتم معالجتها الى الطلاق، كما أنها تقدم استشارات لعلاقة أفراد الأسرة ببعضهم البعض، موضحة أن الجلسات الجماعية لم تنجح في إقامتها لأن المجتمع ما زال غير مؤمن بجدواها ولأهمية السرية في طرح ومعالجة تلك المشاكل حيث أن اغلب السيدات لا يفضلن مناقشة مشاكلهن في جو جماعي حتى لو كانت هذه المشاكل عامة وغير سرية مثل علاقة الأبناء بأمهاتهم وعقوق الوالدين.

ونوهت الدكتورة ليلى الهلالي الى أن العدد الموجود لمثل هذه المراكز لا يتجاوز الخمسة مراكز، ثلاثة منها خيرية وهي غير كافية مقارنه بالعدد السكاني للمنطقة، وان الحاجة الواقعية والماسة هي لوجود مركز الى مركزين في كل حي حتى تستطيع هذه المراكز رصد تلك المشاكل وعلاجها قبل استفحالها، مشيرة الى ان قانونا صدر بدولة الإمارات يرفض قبول أي حالة طلاق فى المحاكم الشرعية قبل الرجوع الى مراكز الاستشارات الأسرية، وفي حالة تعذر حل المشكلة بين الطرفيين لدى هذه المراكز تحكم المحكمة بفسخ عقد النكاح بينهما ووقوع الطلاق.

وفي سياق وضع حلول للمشاكل الزوجية أشارت الدكتورة ليلى الهلالي الى ضرورة إنشاء مراكز استشارات أسرية مكثفة في الأحياء تقدم دورات تأهيلية للمقدمين على الزواج وإلزامهم بها على شاكلة الإلزام بتحليل الأمراض الوراثية قبل الزواج، ويجب على الزوجين ان تكون لديهما مرونة لفهم بعضهما البعض، وان يقدم كل منهما ما يستطيع لجعل الحياة جميلة وناجحة بينهما، وألا يعتبران ما يفعلانه معروفا يذكران به بعضهما البعض في غالبية الأحيان. وناشدت وزارة الداخلية ووزارة العدل والشؤون الاجتماعية بأن تتيحا الفرصة لإنشاء المزيد من المراكز الاجتماعية، حيث أن وجودها سيشكل عاملا مهما في الحد من المشاكل الزوجية وظاهرة الإرهاب المتفشية في المجتمع لأنها ستعمل على استقرار الأسرة البانية لهذا الجيل. وأشارت الى أن دراسة تم عملها بالمركز على مستوى المدارس المتوسطة والثانوية حول القيم التي تمثل الأولويات لدى الشباب، وجاءت قيمة البر بالوالدين في المرتبة التاسعة لدى الشباب، بينما حلت في المرتبة الأولى والثانية الأصدقاء وبرامج الواقع.

وحول قضايا العنف التي ارتفعت معدلاتها داخل الأسر، أشارت الدكتورة الهلالي إلى أن مشاكل العنف موجودة منذ القدم، لكن تركيز وسائل الإعلام عليها ووجود جهات تتابعها جعلاها تطفو على السطح، وأرجعت أسباب استفحالها وبروزها بهذا الشكل الى ضعف المرأة بشكل عام حيث عودت الرجل على قبول ذلك والصمت عليه وساعدتها في ذلك أسرتها التي أشبعتها بمفاهيم الضعف والخضوع.

وطلبت الدكتورة ليلى الهلالي أن تتضافر جهود المجتمع بمؤسساته المختلفة في الحد من هذه الظاهرة التي لو تركت من دون علاج فإنها ستدمر البنية التحتية التي تمثل الأسرة أحد مقوماتها.