دعوة وزارة التربية والتعليم بإعادة هيكلة التعليم الثانوي

نائب الوزير لـ«الشرق الأوسط»: الإعداد لسوق العمل ليس من مهمات التعليم

بحث جامعي يدعو إلى إحداث تغيير في التعليم
TT

دعا بحث جامعي لمسؤول في جامعة الملك عبد العزيز الى إعادة هيكلة التعليم العام، خصوصاً في مرحلته الثانوية وإلغاء الأقسام المصطنعة "الشرعي، والإداري، والعلمي، ودمجها بما يسمى «الثانوية الشاملة» لمواجهة سوق العمل، مشيرا الى ان التعليم تحول الى حقل للتجارب التي اثبتت فشلها.

ورغم ان وزارة التربية والتعليم أكدت على لسان الدكتور سعيد المليص نائب وزير التربية لشؤون البنين لـ«الشرق الأوسط» انه ليس من مهمات التعليم العام الإعداد المباشر لسوق العمل، لأنها تخص مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات التدريب الأخرى.

الا ان الدكتور محمد يوسف، المسؤول الاول عن برامج الدبلومات التربوية في جامعة الملك عبد العزيز في جدة، اعتبر ان التعليم تحول الى حقل تجارب، حيث جرت فيه العديد من التجارب التي اثبتت فشلها، مثل تطبيق نظام القسم العلمي والأدبي، ثم نظام الثانوية العامة المطور، إلى إن انتهى إلى التجربة المعمول بها حالياً وهي الأقسام الثلاثة المتمثلة في العلوم الطبيعية والإدارية والشرعية في الثانوية العامة.

وانتقد الدكتور يوسف في بحث حمل عنوان «رؤية جديدة لإعادة بناء الهيكل التعليمي في المملكة العربية السعودية»، أنظمة التعليم السائدة في السعودية من خلال مشكلات تعليمية كثيرة أجملها في التقسيم القاصر في تخصصات الثانوية العامة، وعزلة التعليم الفني والتقني، اضافة الى تكدّس المناهج، وزيادة أعداد الخريجين في التخصصات النظرية، وعجز مخرجات التعليم عن مواكبة سوق العمل والتنمية في البلاد، إضافة إلى عدم وجود القاعدة العلمية التقنية، ونقص البنية التحتية.

ويعتقد الدكتور يوسف، من خلال بحثه أن نظام التعليم الحالي يخرّج سنوياً كماً هائلاً من الشهادات التي تقف على هامش خطط التنمية، مبينا أن التقسيم الحالي في المرحلة الثانوية العامة قد أثبت فشله على مر السنين، بدليل أن نتائجه سلبية، كونه لا يتوافق مع متطلبات الخطط التنموية، والحضارية، إضافة إلى نفور الطلاب من الالتحاق بالتعليم الفني، وعزا ذلك الى التقسيم الحاصل في أساس الثانوية نفسها.

ودلل الدكتور يوسف على فشل ذلك التقسيم، إلى وجود نسبة كبيرة من الطلاب ينتظمون في الأقسام الشرعية والإدارية، ثم يتجهون بعدها إلى التخصصات النظرية في الجامعات على حساب التخصصات العلمية التطبيقية المطلوبة تنموياً، ومن ثم لا يجدون الوظائف المناسبة لتخصصاتهم النظرية.

واستشهد بإحصائية تشير إلى أن الملتحقين في التخصصات النظرية في الجامعات السعودية عام 1425 هجري بلغوا ما نسبته 77.7 في المائة من إجمالي الملتحقين في التعليم العالي للطلاب والطالبات، بينما بلغت نسبة الملتحقين في التخصصات العلمية أقل بكثير مما تحتاجه سوق العمل، إذ بلغت هذه النسبة 3.22 في المائة.

وأضاف الدكتور يوسف، بأن هذه الاحصاءات وغيرها تؤكد أن مخرجات التعليم الثانوي العام تسير بعكس اتجاهات خطط التنمية، كون التعليم العالي مرتبطا أشد الارتباط بمخرجات التعليم الثانوي كماً وكيفاً وإيجاباً وسلباً.

ولم يغفل مسؤول البرامج التربوية في جامعة الملك عبد العزيز عن تقديم اقتراحات لحل تلك المشكلات، وأجملها في إعادة النظر في المناهج ودراستها، والاهتمام بالبنية التحتية، وإعادة هيكلة التعليم العام، خصوصاً في مرحلته الثانوية، من خلال إلغاء الأقسام المصطنعة «الشرعي، والإداري، والعلمي»، ودمجها بما يسمى (الثانوية الشاملة)، كون المرحلة الثانوية ليست مرحلة تخصص، بل هي مرحلة إعداد عام، والتعليم العالي هو ما يهتم بالتخصص.

وتؤكد الصورة الواقعية قصورا في قبول الكليات والجامعات للطلاب والطالبات الدارسين في المسارات الادارية والعلوم الشرعية، والسبب أنهم يحملون شهادات متخصصة في العلوم الشرعية أو الإدارية، إذ لم تشفع لهم الدرجات العالية المدونة في شهاداتهم للالتحاق بالتخصصات التي يحلمون بها، بل تحولت شهاداتهم الثانوية الى عبء على حامليها لأنها تحمل في طابعها تخصص«شرعي»، و« إداري»، بينما طلاب وطالبات الطبيعي لهم النصيب الأكبر في استقبالهم في الجامعات، وإن كانت شهاداتهم تحمل درجات متوسطة. وبين تلك التقسيمات في نوعية الشهادة الثانوية يرى أكاديميون وتربويون أن المشكلة تكمن في ذلك التقسيم غير المبرر على حد تعبيرهم، مؤكدين في الوقت نفسه أن التقسيم الحاصل في المرحلة الثانوية اثر على الطلاب والطالبات أنفسهم، مفضلين أن يكون ذلك التقسيم في الجامعات لا في الثانويات التي تكون الدراسة فيها دراسة شاملة لجميع المواد الدراسية بعد تقنينها ودمج بعضها وإلغاء البعض.

وحول وجود دراسة لإلغاء التقسيم الحاصل في الثانوية العامة أوضح الدكتور سعيد المليص نائب وزير التربية والتعليم للبنين أنه لا توجد دراسة من هذا النوع، إذ إن المطبق حالياً في الثانوية العامة أمران: العلوم الطبيعية والعلوم الأدبية، وقد تم إقرار مشروع الثانوي المطور وفق التقسيم الحاصل كونه يطبق على سبيل التجربة تمهيداً لإقراره بعد دراسة نتائجه.

وقال المليص لـ«الشرق الأوسط» ليس من مهمات التعليم العام الإعداد المباشر لسوق العمل لأنها تخص مؤسسات التعليم العالي ومؤسسات التدريب الأخرى، مضيفاً أن التعليم العام يركز على تثقيف الناشئة في كافة مجالات الحياة، وإكسابهم الأسس العلمية والمهارات الاجتماعية والمثل والقيم العليا التي ينبغي أن يعرفها ويعمل بها المسلم، لكي يساعد على تكوين الشخصية السوية القادرة على التعامل مع الواقع بفهم ودراية ليشق الطالب طريقه في مناحي الحياة المختلفة، ومن ذلك ما يتعلق بالمهنة أو المجال الدراسي الذي يرغب بمواصلة الدراسة فيه وفقاً لقدراته وميوله، وظروفه العلمية.