سجناء يقضون شهر رمضان خلف القضبان ويحاربون ألم الوحدة بجو خاص

إدارة السجون لـ«الشرق الأوسط»: الإفراج عن سجناء العفو على دفعات

TT

بين جدران ثلاثة رابعهم قضبان حديدي، يقضي آلاف السجناء شهر رمضان، يتسحرون آلامهم ووجعهم ويفطرون بدموع وحشة ذويهم وحسرتهم على أنفسهم، في قصة تتكرر يوميا في مختلف السجون.

قصة السجناء موجعة، تزيد مأساتها في المناسبات الدينية والخاصة، يرويها ابطالها بدموع من دم، ويصفها (م. ر. الحربي) أحد السجناء الذين يقضون محكوميتهم بقوله «رمضان في السجن يحمل الكثير من الأسى والحزن لعدم وجود الشخص مع أهله وناسه، لكنه فرصة كبيرة للشخص لمراجعة نفسه والندم على الخطأ الذي اقترفه».

وأضاف والألم يعتصر قلبه «نستغل فترة رمضان في العبادة وقراءة القرآن والالتحاق بحلقات تحفيظ القرآن والمعاهد المهنية الموجودة داخل السجن، وبعد الإفطار أحاول حضور المحاضرات والندوات التوعوية التي تقام داخل السجن، وذلك لأثبت لمجتمعي ونفسي انني عنصر فعال بهذا المجتمع ولاستعد للخروج من السجن وانأ احمل شهادة مهنية».

ويستغل الحربي فرصة الحديث ليوجه دعوة الى افراد المجتمع بأن يغيروا نظرتهم تجاه السجين التي غالبا ما تكون سببا في تدهور حياته، مشيرا الى ان كل شخص معرض للخطأ وطالبا منهم الدعاء لجميع السجناء، خصوصا في هذا الشهر الفضيل.

وفي عنبر آخر وخلف باب حديدي موصد يجلس (م. ق غلاب) يتذكر رمضانات مضت بصحبة الاهل والاحبة، ويقول «حفظت ستة أجزاء من القرآن الكريم وسأحاول بقدر المستطاع استغلال فترة رمضان لإكمال حفظ القرآن الكريم في هذا الشهر».

وبرغم الألم يحاول السجناء ان يصنعوا لأنفسهم جوا رمضانيا خاصا حتى لا يقتلهم الألم تساندهم فيه ادارة السجون، وهو ما يشير اليه غلاب بوجود الجو الأسري الذي نصنعه، وذلك لمعايشة الأجواء الروحانية بين السجناء، وذلك عبر المشاركة الجماعية في حلقات القراءة الجماعية لقراءة القرآن، وأيضا من خلال حضور الندوات والمحاضرات التوعوية التي تقام داخل السجن والمشاركة بعد الإفطار في الليالي الرمضانية التي تقيمها إدارة السجن مشكورة، ولم ينس غلاب السعادة التي شعر بها من خلال إقامة إدارة السجن حفل التكريم والذي رعاه العديد من المسؤولين والمواطنين ولما لهذه الخطوة من اثر نفسي على السجناء.

(ط. ن اليزيدي) احد السجناء المفرج عنهم من خلال العفو الملكي في فترة سابقه، أشار إلى أن جميع السجناء تنتابهم حالات من الندم والحزن، خصوصا مع أول أيام الشهر الفضيل لعدم وجودهم مع أهاليهم بسبب أخطاء اقترفوها، ولكنهم يحاولون بقدر المستطاع إيجاد جو الفة ومحبة بينهم، وذلك من خلال الإفطار في مجموعات، محاولة إعداد العصائر واقامة جلسات البلوت والسمر في محاولة جادة لإمضاء الوقت الطويل. ادارة السجون تحاول جاهدة ان تصنع للسجناء جوا خاصا يستطيعون من خلاله تجاوز محنتهم، وهو ما يشير اليه اللواء احمد صالح الزهراني مدير إدارة السجون بجدة إلى أن «إدارة السجون بجدة لا تغفل عن الجانب النفسي للسجناء في هذا الشهر الفضيل»، مبينا أن الدور الكبير الذي تقوم به إدارة السجون يتمثل في إيجاد جانب توعوي ديني واجتماعي كبير، واستغلال الشهر الفضيل بإقامة عدة مناشط للسجناء، مثل الرياضية منها أو المحاضرات التوعوية وإقامة صلاة التراويح داخل السجن وإقامة برامج الليالي الرمضانية والمسابقات الثقافية، كما تهتم بتقديم وجبات الإفطار للسجناء ومعايشة أوضاع وحالات السجناء النفسية.

من جهة أخرى أفرجت إدارة سجن جدة عن مجموعة من السجناء الذين شملهم العفو الملكي، وسيتم الإفراج عن مجموعات أخرى تباعا، كما أشار اللواء الزهراني والذي ابان انه تم إطلاق مجموعة من السجناء وسيتم إطلاق مجموعات أخرى تباعا خلال أيام الشهر الفضيل.

واشار الى أن العفو يتم بعد دراسة ملفات السجناء ودراسة تعليمات العفو وتطبيقها وفق هذه الدراسات وموجها رسالته لسجناء الاستفادة من هذه المكرمة من خلال العمل الصالح ونسيان الماضي وفتح صفحة جديدة في الحياة، كما شدد على دور المجتمع في إصلاح هذه الفئة من خلال الأخذ بأيديهم في الوظائف والتعاملات الاجتماعية.