تشتت المسؤوليات بين جهات حكومية يعرقل إنعاش خدمات الطرق البرية

هيئة السياحة: أحجام استثمارية عالية في استراحات الطرق

مراكز خدمات الطرق البرية ما زالت تفتقر إلى أبسط المقومات الخدمية والسياحية
TT

في الوقت الذي تتصاعد به أرقام السياح في الداخل، بين المدن والقرى والمحافظات، ومن وإلى المدن والمحافظات والقرى السعودية إلى الأماكن المقدّسة، يبرز موضوع مراكز خدمات الطرق البرية مرة أخرى، كإشكال ما زال قائماً منذ زمن رغم جهود الحكومة واللجان المكلفة بحسم هذا الموضوع.

وأوضح مسؤول بهيئة السياحة السعودية أن التأخر الذي حصل في مشروع تحسين مراكز الخدمة على الطرق البرية يعود إلى معوقات عدة، أبرزها عدم القدرة التنظيمية، وتشتت المسؤوليات بين جهات حكومية لها علاقة بتنفيذ المشروع وتنظيمه.

ورغم المعوقات التي ما زالت تحول دون إنجاح مراكز الخدمات، توقعت الهيئة العليا للسياحة ارتفاع حجم الاستثمارات في استراحات الطرق في السعودية إن تم التوجه المعلن عنه منذ نحو عام ونصف العام لإنعاش الخدمات على الطرق البرية السريعة وتطوير الخدمات فيها، في الوقت الذي أنهت فيه لجنة بادرت بإنشائها الهيئة العليا للسياحة من وضع إطار نظامي لتحديث الأنظمة والتشريعات الخاصة بمراكز الخدمة على الطرق الإقليمية التي عرفت بتدني مستواها وافتقادها لكثير من الاحتياجات التي يفترض توفرها بها كما هو معمول به عالمياً.

وكانت الهيئة العليا للسياحة قد تقدمت بمشروع لتحسين أداء مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية متضمناً إشارةً إلى أن 68 في المائة من السياح في السعودية استخدموا الطرق البرية خلال تنقلهم بين الوجهات السياحية فيها خلال عام 2004، كما تضمن المشروع تشخيصاًَ للوضع الراهن للاستراحات والمرافق الخدمية على الطرق الإقليمية.

ويحتوي المشروع الذي بادرت به الهيئة تحت عنوان «مشروع تحسين أداء مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية» على مقترحات وتوصيات، سبقها تشخيص دقيق لتدني مستوى أداء تلك المراكز، وحلول قصيرة المدى وأخرى بعيدة المدى،مع دليل مقترح لإجراءات تنفيذ وتشغيل مراكز الخدمة على ضوء لائحة لمحطات الوقود، مع تشكيل لجنة على مستوى الوكلاء من وزارة الشؤون البلدية والقروية، ووزارة النقل، والهيئة العليا للسياحة.

وبحسب وصف الهيئة، فأداء مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية ما زال «سيئاً للغاية»، وأضافت الهيئة «كما أنه لا يفي بالحد الأدنى من الجودة ومن متطلبات المسافرين على الطرق، ولا يتناسب مع مكانة السعودية اقتصادياً وحضارياً ولا يرتقي إلى مستوى شبكة الطرق المنفذة بأعلى المواصفات العالمية»، مشيرة إلى أن أداء مراكز الخدمة المتدني على الطرق الإقليمية ينعكس سلباً على تنمية وتطوير السياحة بالسعودية، «إذا ما أخذ بالاعتبار أن ما نسبته 68 في المائة من رحلات السياح الداخلية تتم عن طريق شبكة الطرق».

ومن أبرز إشكالات مراكز الخدمة ومحطات الوقود، غياب الرقابة عن تلك المراكز والمحطات، وتنفيذ وتشغيل الأعمال من قبل أفراد غير مؤهلين مادياً وفنياً وإدارياً وسط تلك المراكز، إلى جانب العشوائية في تصميم وتنفيذ مراكز الخدمة وتوزيع المرافق فيها، حيث لا توجد مخططات نموذجية معتمدة لتلك المراكز، إضافة إلى العشوائية في توزيع مواقع مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية وإغراق في بعض الأجزاء أو عدم وجود في أجزاء أخرى، فضلاً عن التدرج في تشغيل مراكز الخدمة الذي ينتهي بتأجير عمالة غير متخصصة وغير نظامية. وتضمّن تشخيص الهيئة العليا للسياحة لأوضاع مراكز الخدمة قصوراً ومخالفات في عمل محطات الخدمات والوقود من أبرزها عدم رغبة الشركات المتخصصة بالدخول في مجال الاستثمار في مراكز الخدمة على الطرق خارج المدن نتيجة المنافسة غير المنطقية، وغياب نظام تأهيل المستثمرين في مجال تنفيذ وتشغيل مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية، إلى جانب ضعف الرقابة على هذه المراكز في الوقت الذي تشتمل هذه المراكز على منشآت سكنية وخدمات كثيرة يمكن أن تؤدي إلى سوء استخدامها من الناحية الأمنية.

وتمثلت توصيات قدمتها الهيئة في وقت سابق في تبني توجه تأهيل شركات متخصصة في مجال تشغيل مراكز الخدمة، وقيام الجهات الثلاث: وزارة الشؤون البلدية والقروية، الهيئة العليا للسياحة، وزارة النقل بوضع ضوابط شاملة للتأهيل، ودعم الجهود التي تقوم بها أجهزة السياحة بالمناطق بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية ووزارة النقل والجهات ذات العلاقة في المناطق، في تفعيل الالتزام بمعايير لائحة محطات الوقود والغسيل والتشحيم بشأن تصميم وتشغيل مراكز الخدمة، وطرحها للمستثمرين بعد تأهيلهم.

وأوصت الهيئة بتطبيق برنامج حوافز المستثمرين ومن ذلك وضع شعار الجودة «علامة التميز»، تصدره الهيئة العليا للسياحة لمراكز الخدمة المتميزة، وإدراج اسم المركز في دليل مواقع الخدمات السياحية والخرائط السياحية.

وأبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور فيصل المبارك نائب الأمين العام للهيئة العليا للسياحة المساعد للتخطيط والمتابعة، بأن المؤشرات الأولية للدراسات المتعلقة بالاستثمار في استراحات الطرق تشير إلى توقع أحجام استثمارية عالية في هذا المجال، مشدداً على أن اللجنة المعنية بإنعاش مراكز خدمات الطرق الإقليمية درست تجارب عدد من الدول في استراحات الطرق ومنها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا واستنتجت ضرورة قيام شركات متخصصة ومؤهلة بتنفيذ وتشغيل مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية.

وأوضح المبارك أن اللجنة التي تشكلت قبل نحو عامين تحت مسمى «اللجنة التوجيهية لتحسين مراكز الخدمة على الطرق الإقليمية»، انطلقت من قناعة الجميع بأن الوضع الراهن لمستوى الخدمات على الطرق متدن جداً ولا يرتقي للمستوى الحضاري والاقتصادي للسعودية، لافتاً إلى أن المراحل التي مر بها عمل اللجنة إلى الآن تتضمن إعداد مقترح متضمن تنفيذ حلول عاجلة، ووضع حلول جذرية وشاملة على المدى البعيد تتمثل في إجراء دراسة وضع إطار نظامي لتحديث الأنظمة والتشريعات الخاصة بمراكز الخدمة على الطرق الإقليمية. وأكد نائب الأمين العام للهيئة العليا للسياحة بأن أبرز صعوبتين واجهتا اللجنة خلال فترة عملها تكمنان في اعتماد التوصيات المقترحة من قبل بعض الجهات المشاركة، إضافة إلى توحيد الرأي بين أعضاء اللجنة نظراً لاختلاف التوجه حيال هذا الموضوع لدى الجهات المشاركة، لافتاً إلى أنه لا يوجد تاريخ محدد للخروج بنتائج لكنه قال: «يعتمد ذلك على توصل الأعضاء المشاركين إلى مقترحات موحدة يتفق عليها وسرعة اعتمادها من المقام السامي الكريم».

وحول آخر اجتماع للجنة قال المبارك: «توصلت اللجنة إلى ضرورة إنهاء إعداد التقرير النهائي لمشروع دراسة الإطار النظامي للأنظمة والتشريعات الخاصة بمراكز الخدمة والرفع بتوصيات اللجنة بناء على استنتاجات الدراسة».