أولياء أمور يشتكون من إجبار صغارهم على الصوم وإغلاق المقصف المدرسي

«التربية والتعليم» لـ«الشرق الأوسط»: تحديد سن صيام الطلاب ليس مسؤولية المعلمين والمعلمات

فتيات في طريقهن إلى المدرسة سيرا على الأقدام في نهار يوم رمضاني حار («الشرق الأوسط»)
TT

حذرت وزارة التربية والتعليم المعلمين والمعلمات من إلزام أي طفل في المدارس بالصيام، مشيرة إلى ان هذا الأمر ليس من شأن الوزارة ولا «التربية والتعليم».

وأوضح سالم الزهراني مدير عام تعليم البنات في الطائف في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول إلزام بعض المدارس طلابها او طالباتها الصغار بالصيام وإغلاق المقصف المدرسي، أنه ليس من شأن الوزارة ولا التربية والتعليم تحديد سن الصوم ولا المرحلة الدراسية اللذين يتم فيهما الصوم، مبيناً أن الشرع وحده هو الفيصل بمعية موافقة الأسرة ومدى تعويد أبنائها على الصيام.

وأضاف «أن المدرسة لا تتدخل في هذا الشيء وأوامر التكليف هي شرعية موضحاً أن مدارس البنات ليست ملائكيةً في الطائف في ظل وجود 136 ألف طالبة و 14 ألف معلمة و 900 مديرة مدرسة والأخطاء واردة وينبغي تزويد إدارة التربية والتعليم بأسماء المدارس التي لها منهج خاص في التعامل مع قضايا الصوم».

يأتي ذلك في وقت أكد فيه أولياء أمور إجبار بعض المدارس لأبنائهم الصغار على الصوم، وقال هلال اليوسفي استنكاره لتصرف مديرة مدرسة تدرس فيها ابنتاه اللتان تبلغان من العمر 9 و10 سنوات بمنعهما من مقصف المدرسة رغم السماح لهما بالإفطار من قبلنا، مبيناً أنه موقف متشدد ومتصلب ولا ينبغي أن يأتي من إنسانة تمرست في التربية.

وأوضح ولي الأمر، أن تجويع الطالبات في قالب ديني أمر غير مقبول، وهؤلاء البنات هن ضحايا مزاجات وأهواء بعض المعلمات، مستغرباً في ذات السياق عدم وجود آلية واضحة تحدد سن الصوم في مدارس البنين والبنات.

وقالت ابنته الطالبة «روان» التي تدرس في احد مجمعات الطائف بالصف الرابع، أن مديرة المدرسة منعتهن من الشراء من المقصف بحجة تعوديهن على الصيام، الأمر الذي اضطرها لأخذ فطورها من البيت والأكل في خلسة عن عين مديرتها.

ولا تعد مدارس البنين ببعيدة عن مايحدث في مدارس البنات، حيث يقول محمد السعدي الأخصائي الاجتماعي بتعليم جدة «ان مشاكل كثيرة ترد إلينا أحيانا من آباء يشكون إجبار أبنائهم على الصيام، وحقيقة الأمر انه لا يتعدى نصيحة تقدم من معلم أحيانا يجتهد في تقديمها بغض النظر عن خطئها أو صوابها، ويكون الطالب صغيرا ويتقبلها على انها امر من معلمه بالصيام».

وأضاف «أنا شخصيا أرى أننا في مجتمع ملتزم ولا يتطلب الأمر إلزام الطالب بذلك لان أسرته تدرك وتحرص على أن يصوم أبنها متى ما أصبح قادرا على ذلك، إضافة إلى ان الطلاب يتنافسون أحيانا فيما بينهم على الصيام».

ويتابع السعدي «تحسنت الأوضاع حاليا في نواح كثيرة ففي السابق كان بعض مديري المدارس يجبرون الطلاب على الصيام، ولو عدنا الى الوراء ربما مرت بنا في مراحل دراسية معينة، لكن في الوقت الحالي ليس من حق أي معلم او غيره إلزام الطالب بالصيام في هذه المرحلة العمرية المبكرة، وقد يكون التدخل ضروريا فيما لو كان الطالب كبيرا، وبآلية معينة وبعلم ذويه، أما غير ذلك فلا يمكن».

الى ذلك أوضح الدكتور صالح الأنصاري مدير عام الصحة المدرسية بوزارة التربية والتعليم «أن الطفل الذي لا يتناول طعام السحور قد يقضي حوالي 20 ساعة يمكن أن يتعرض فيها للجفاف ونقص السكر في الدم، وقد يظهر ذلك على شكل إجهاد أو إعياء أو خمول أو رعشة في الأطراف، فعندها يجبر الطفل على الإفطار أما من هو أقل من 5 سنوات فلا يمكن ولا ينبغي أن يشجع بحماس على الصيام من الناحية الصحية».

وأضاف الدكتور الأنصاري «يمكن أن يشجع الأطفال على الصيام في بعض أيام رمضان عندما تتوفر ظروف أفضل مثل أن يكون قد تناول وجبة سحور متأخرة أو في أيام إجازات المدارس بالإضافة إلى إمكانية أن يصوم الطفل بطريقة بديلة مثل نصف اليوم أو من بعد الظهر ويشجع على الإفطار مع الصائمين وهو صائم مثلهم».

وأبان مدير عام الصحة المدرسية أنه يراعى عدم صيام الأطفال المصابين بالنزلات الحادة أو الأمراض المزمنة التي تتأثر بالجفاف ونقص طاقة الجسم، ويستشار في ذلك الطبيب المختص، وبالنسبة للأطفال زائدي الوزن، ينبغي ألا يشجعوا على الصيام، وبالذات إذا كانت لديهم صعوبة في التحكم في كمية الأكل عند الإفطار، فكثير من هؤلاء الأطفال يسجلون زيادة في الوزن مع نهاية شهر رمضان، على عكس المطلوب.

وتابع مدير عام الصحة المدرسية بأنه يجب مراعاة عدم صيام الأطفال في السفر أو إذا صادف رمضان حرا شديدا يطول يومه، أو برداً قارساً تشتد فيه وطأة الجوع، وبالنسبة للأعمار يمكن البدء في تعويد الطفل على الصيام من سن 7 إلى 10 سنوات مع ضمان الظروف المشار إليها سابقاً.

من جانبٍ آخر أوضح الدكتور محمود حمو أستاذ جراحة المناظير والسمنة في مستشفى الملك فهد العام بجدة أن «صيام الأطفال يرتكز على مبدأين الأول هو تربية الطفل على الناحية الإيمانية للصيام وهو مبدأ الإقناع العقائدي، ولا بد أن يدرس ويعطى للطفل من البداية حتى يكون عن قناعة لأن قوة الإرادة تنبع من الإيمان بالشيء، وهو مبدأ عام في العلوم الاجتماعية الحديثة وطبق منذ قرونٍ عديدة بسبب الإسلام وظهوره ومبادئه».

وبين الدكتور محمود أن المبدأ الثاني يركز على عنصر الجذب، بحيث يتم الاجتماع بالأطفال ويبدأون صيامهم بنصف يوم فقط أو يصومون عن الأكل من دون الشرب ومن ثم الصيام عن كليهما، مبيناً أنه لا بد أن تكون هناك حوافز مدرسية وتوجيهية بالنسبة للأطفال وهو الشيء الذي ينمي ويعظم الصيام في أعينهم.

وحذر الدكتور محمود من وقوع الأطفال في «فوبيا الصوم» وهو الذي ينتج عنه خوف من العطش والجوع لدرجة مخيفة فمن الممكن أن يتخيلوا أشياء لا وجود لها نتيجة وقوعهم في دائرة الجوع والعطش، موضحاً أنه يجب تهيئتهم وتربيتهم على الاقتناع، ولابد كذلك للمبدأين أن يسيرا بخطٍ متواز ويطبقا بنفس القوة والثبات، بحيث نضمن أن النشء ينشأ على مبدأ الصيام من دون رواسب أو خوف.

وطالب الدكتور حمو معشر المعلمين والمعلمات أن يتعاملوا مع كل حالة على حدة، فكل طفل يأتي من وسطٍ مختلف وبمفهوم مختلف عن الآخر وبشخصية مختلفة، وإذا ما لوحظ أن هناك طفلاً ليس في نطاق التحكم فيجب الرجوع إلى أسرته والتعامل معها.