دراسة لمؤسسة الملك عبد الله: 46 توصية للقضاء على مشاكل السكن للفقراء

تعتزم إنشاء مراكز تدريب للنساء وربط التعليم بالحرف والمهن

توجيهات عاجلة للقضاء على مشاكل السكن للفقراء
TT

كشفت دراسة حديثة عن وجود 41 موقعا في 8 مناطق سعودية تعتبر الأمس حاجة لخدمات الإسكان التنموي، حيث خرجت الدراسة بـ 46 توصية يمكن تنفيذها بمشاركة عدد من الجهات الحكومية للقضاء على مشاكل السكن للفقراء والمحتاجين في تلك المناطق. ومن أبرز توصيات تلك الدراسة توفير مراكز ومعاهد تدريب للشباب للقضاء على مشكلة التسرب من التعليم والبطالة العالية، وربط التعليم في هذه القرى والمراكز بقيم الحرفي أو المهني، والاهتمام بتوفير الموارد المائية، خاصة في مناطق الشمال.

واقترحت الدراسة الاستطلاعية التي نفذتها مؤسسة «الملك عبد الله بن عبد العزيز لوالديه للإسكان التنموي»، استثمار العنصر النسوي الموجود في مناطق الدراسة، وذلك من خلال توفير مراكز تدريب وتأهيل خاصة بالنساء في تخصصات كالخياطة، والمشغولات، والكومبيوتر، إضافة إلى تنفيذ دراسة متعمقة لكيفية رفع مستوى الخدمات في مناطق الدراسة وملاءمة ذلك لأعداد السكان. ودعت الدراسة الجهات المختصة إلى إيجاد نشاطات اقتصادية لها علاقة بالسياحة والاصطياف في المناطق الساحلية، التي تمتاز بشواطىء مميزة، وتسويقها على مستوى المملكة كبعض المدن مثل مدينة الوجه، حقل، ضباء، القنفذة، أملج، بهدف تنويع مصادر دخل السكان، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في المشاريع السياحية كالفنادق والشقق والمدن الترفيهية، وذلك بتسهيل الإجراءات الإدارية، والتنسيق بين الجهات المشرفة على المناطق، التي يمكن استثمارها سياحيا، كالمناطق الساحلية والأثرية.

وأكدت الدراسة ضرورة توفير مراكز أو معاهد تدريب للشباب للقضاء على مشكلة التسرب من التعليم والبطالة العالية في القرى والمراكز، حيث ان «البطالة العالية» أدت إلى وجود مشكلة الجريمة، مشيرة إلى أهمية ربط التعليم في هذه القرى والمراكز بقيم الحرفي أو المهني، حيث أن هناك حرفا ومهنا في طريقها للانقراض، لأن الشباب لا يقبل عليها بسبب النظرة الدونية، أو تدني العائد منها كالصيد والزراعة، على أن تتم دراسة القاعدة الاقتصادية، لكل منطقة على حدة، وتطوير الأنشطة الاقتصادية التي يمكن تطويرها في تلك المناطق، واقتراح أنشطة اقتصادية جديدة توفر للأهالي فرصا وظيفية استثمارية جديدة مثل المناحل في المناطق الزراعية والجبلية، والكسارات في المناطق الصخرية والجبلية، ومصانع الطوب، والمزارع السمكية في المناطق الساحلية، وأيضا المزارع السمكية التي تعتمد على مياه الآبار كتجربة خليص والكامل.

وفي الجانب الاجتماعي، رأت الدراسة ضرورة تدعيم وتعزيز إنشاء جمعيات تعاونية تهدف إلى خدمة الأعضاء المنتسبين، حسب النشاطات الاقتصادية (زراعي، رعوي، صيد) من خلال التدريب والتأهيل، وتقديم القروض لهم، وتسهيل تسويق منتجاتهم في الأسواق المختلفة، وتجميع السكان المتناثرين في شعاب الأودية، وذلك عن طريق إيجاد مركز تجمع سكاني يتوسط هذه المناطق، ويقوم على إيجاد خدمات أساسية كعامل جذب للأهالي مثل مسجد عام، مدرسة، بئر ماء، بعض المساكن الخيرية.

وأظهرت الدراسة أهمية تدعيم جهود بنوك التسليف الزراعية، من خلال تقديم قروض للمزارعين والصيادين والرعاة، وذلك لمساعدة الأهالي، وتشجيعهم على الاستمرار في المهن المتأصلة في المنطقة، وتفادي انقراض الكثير من المهن غير المدعومة، وتوسيع نشاطاتهم، والاهتمام ببعض المناطق الزراعية والتي يفيض إنتاجها عن حاجة المنطقة، وذلك بتشجيع سكان المنطقة عن طريق شراء إنتاجها، كمنطقة القنفذة، في محصول الذرة والدخن، ومن ثم بيعه في الأسواق الدولية، أسوة بما تم عمله في محصول التمر، الذي يباع في إفريقيا، و طالبت الدراسة دعم الاستثمار في إنشاء برادات ومستودعات، خصوصا في المناطق الزراعية، وذلك لمساعدة المحافظة على الإنتاج لأطول فترة ممكنة، وعلى مختلف مواسم العام، مع مراعاة العمل على عدم فصل السكان عن مصادر رزقهم وأماكن النشاطات التي يقومون بها من مراعٍ ومزارع ومناطق شجرية، بمعنى آخر، أن تكون الأفضلية لتوفير مشاريع إسكانية تنموية في المناطق الزراعية والرعوية.

وأوضحت الدراسة أن التنمية الاجتماعية والاقتصادية لا تتم من دون الاهتمام بتوفير الموارد المائية، خصوصا في منطقة الشمال، حيث تم إثبات ذلك في مشاريع جمعية مكة للتنمية والخدمات الاجتماعية، حيث تم توفير مصدر المياه و أدى ذلك إلى حث السكان على الانتقال والعيش في القرية الجديدة، فيما أشارت الدراسة إلى إمكانية توفير مصادر مياه جديدة، خصوصا للقرى والمراكز والمحافظات التي تقع قريبا من البحر، حيث يمكن توفير محطات تحلية مياه صغيرة، بتكاليف معقولة، كحل سريع لمشكلة المياه، خصوصا في مناطق الشمال، بالإضافة إلى إمكانية استثمار مياه الأمطار في الأماكن التي تتمتع بنسبة عالية منها، وذلك بعمل دراسة متخصصة للاستفادة من المياه المهدرة، وإيجاد طرق لتخزينها في الأرض.

وأشارت الدراسة إلى أهمية ألا يكون النموذج العمراني للقرية بصفة عامة، وللوحدة السكنية بصفة خاصة نموذجا موحدا نمطيا، يطبق على جميع المحافظات والمراكز، من دون مراعاة الفروق الرئيسة في أنماط الحياة، واختلافها بين قرى الصيد أو الرعي أو التجارة، وألا تكون الوحدات السكنية المراد قيامها ذات شكل أو طراز مختلف عن الوحدات السكنية الموجودة في المنطقة حتى لا تكون هناك (وصمة) للسكان تميزهم سلبا عن غيرهم وتدل على أنهم فقراء، والأخذ في الاعتبار متوسط حجم الأسرة بالمناطق التي تستهدف بالمشاريع الإسكانية، بتوفير مسكن مناسب ومراعاة حاجة كل أسرة في الزيادة والتوسع، بحيث يمكنها زيادة عدد من الغرف داخل المساحة المتوفرة للوحدة السكنية. وتبين أنه يغلب على معظم القرى والهجر والمراكز التي تمت زيارتها ظاهرة تعدد الزوجات، مما يعني كبر حجم الأسر، وبالتالي مراعاة أن يكون في المساكن الجديدة متسع للحجم الكبير من الأسر، وإمكانية أن يتم التوسع المستقبلي وبناء حجرة للأبناء في حالة الزواج.

وبينت الدراسة أن معظم المحافظات تفتقر لوجود بعض الخدمات الأساسية، التي لا بد من توفيرها، مثل الكهرباء، المياه، محطات تحلية، الهاتف، الميناء، المطار، الأرصفة لصيادي الأسماك، ومعاهد تدريب مهني، وكليات معلمين أو معلمات، والكليات التقنية، حيث ترى الدراسة ضرورة استثمار وجود المخططات المعتمدة من قبل البلديات، في العديد من المناطق، مما يسهل ويسرع من الخطوات اللازمة لتوفير مشاريع إسكان لأهالي المنطقة، والحد من هجرة الشباب للمدن الكبرى من أجل التعليم، وكذلك الفتيات اللائي قد كن سببا في هجرة الأسرة وانتقالها إلى المدينة، بسبب ضغط العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية.

ووفقا للدراسة فان المناطق الأمس حاجة للإسكان التنموي تشمل 8 مناطق، مكة المكرمة، المدينة المنورة، تبوك، الباحة، عسير، جازان، الشرقية، القصيم، وتضم منطقة مكة 12 موقعا تتبع لمحافظات القنفذة، الليث، خليص، الجمجوم، الكامل، وفي المدينة 5 مواقع في ينبع، وفي تبوك 6 مواقع تابعة لمحافظات أملج، الوجه، ضباء، البدع، حقل، وثلاثة مواقع في كل من الباحة وعسير، وموقعين في الباحة، وفي المنطقة الشرقية رصدت 4 مواقع ضمن المناطق الأكثر احتياجا للسكن التنموي في الأحساء والقطيف، وفي القصيم 6 مواقع.