السعودية: دعوات لمسرح سعودي مستمر طوال العام بعد نجاح عرض 12 مسرحية خلال العيد

دعوات للقطاع الخاص لدعم المسرح أسوة بالمجالات الفنية الأخرى

الآلاف حضروا العروض المسرحية خلال أيام العيد («الشرق الأوسط»)
TT

دفع العرض المسرحي المتعدد والكبير الذي وصل إلى 12 مسرحية في الرياض فقط خلال احتفالات العاصمة السعودية بعيد الفطر المبارك وتبنته أمانة منطقة الرياض، ونجاح هذه المسرحيات باستقطاب الآلاف الذين ضاقت بهم صالات العرض، إلى مطالبة عدد من المسرحين والمؤلفين وأبطال المسرحيات باستمرار العروض المسرحية طوال العام وعدم قصرها على مناسبات الأعياد. ولعله ليس جديداً أن تبرز مطالبات باستمرار العرض المسرحي إلى ما بعد عيد الفطر المبارك، لاسيما أن عروضاً مسرحية شهدت نجاحاً واستمرارا مؤقتا خلال العام الماضي، إلا أن الأمر الذي يميز هذا العام، ذلك الكم الكبير من المسرحيات التي غصّت قاعات العرض بجماهيرها إلى درجة اضطر معها حراس الأمن إلى إغلاق بوابات صالات العرض المسرحي منعاً لحدوث ازدحام نظراً للاكتظاظ.

وفي هذا الصدد، أكد الممثل السعودي عبد الإله السناني في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن المسرح السعودي الذي تفوق رغم ضعف الإمكانات المتاحة وغياب العديد من العناصر الفنية الأساسية في المسرح، ونافس في مسابقات خليجية وعربية ودولية، بات من المهم أن تستمر عروضه على مدار العام، مشيراً إلى أن المسرح السعودي بفضل المهنية والاحتراف التي يملكها الكثير من المؤلفين والمخرجين تمكن في وقت قياسي من كسب جمهور كبير أصبح بحاجة إلى المسرح أكثر من أي وقت مضى.

ولفت السناني الذي يقوم وزملاؤه من الفنانين بأدوار مسرحية بالغة الأهمية في الوقت الراهن إلى أن العروض المسرحية المقدمة إلى الجهات المختصة خارج نطاق العيد لا زالت تعاني من ضعف في إجراءات الموافقة والتعميد، الأمر الذي يتطلب قراراً أو نظاماً ينظم كل ما يتعلق بالمسرح السعودي والعاملين فيه. وكان محمد العثيم، المؤلف المسرحي وأستاذ قسم المسرح بجامعة الملك سعود سابقاً، قد أكد أن هناك رغبة جادة في استمرار العروض المسرحية لفئات الشباب وعرضها مرة أو مرتين في نهاية الأسبوع، معتبراً أنه كمسرحي يقف مع هذا التوجه لافتاً إلى أنه مدرك للصعوبة الحالية بتمويل عروض أسبوعية من الجهات الرسمية.

وسبق للعثيم أن أطلق مطالب بتحركات يقوم بها القطاع الخاص في بلاده لرعاية الأعمال المسرحية المختلفة أسوة برعايته للأعمال التلفزيونية والدرامية وبرامج المسابقات على التلفزيون وغيرها ليشكل المسرح قوة وإرادة مشتركة إلى جانب الفنون والوسائل الأخرى.

وأعاد المؤلف المسرحي الذي يعد من أبرز رواد الثقافة والمسرح في السعودية الحديث عن المراحل التي مر بها المسرح السعودي، موضحاً أن هذه المراحل بدأت منذ الستينات الميلادية التي لم ينجح فيها مشروع أول مسرحية «فتح مكة»، ثم مرحلة السبعينات والثمانينات الميلادية التي زخرت بأعمال درامية من اجتهادات مهتمين بالمسرح وبدعم من الإنتاج التلفزيوني آنذاك بجانب النشاط المسرحي المقام خلال مهرجان الجنادرية بشكل سنوي «تلى ذلك تعثر في مسيرة المسرح واقتصر تفاعله على المهرجانات الدولية التي تتبناها الجهات الثقافية في الدول».

أحمد الهذيل، عميد الدراما السعودية، سبق أن قدم مطالبة باسم الفنانين والمسرحيين السعوديين بإيجاد مسرح متكامل في بنائه ومواصفاته وموقعه لمدينة الرياض، ويقدم عروضه على مدار العام وفي مختلف المناسبات الوطنية والعامة محملاً الجزء الكبير من مسؤولية غياب المسرح على القطاع الخاص الذي اكتفى بتوجيه دعمه لمجالات ثقافية وفنية أخرى غير المسرح.

وقبل بدء احتفالات عيد هذا العام، انتقد مجموعة من الفنانين السعوديين تجاهل الجهات المعنية هنا للنشاط المسرحي. ولعل أشد تلك الانتقادات، ما ساقه الفنان السعودي عبد الله العامر، حينما قال «إن إنتاج أمانة منطقة الرياض خلال 3 سنوات من المسرحيات، يعادل ما أنتجته وزارة الثقافة والإعلام منذ تأسيسها». وكانت العاصمة السعودية قد شهدت الأسبوع الماضي عرضاً مسرحياً كبيراً شمل 12 مسرحية أقيمت في مختلف أنحاء الرياض؛ منها 9 مسرحيات موجهة للكبار واثنتان موجهتان للأطفال ومسرحية واحدة موجهة للنساء. ونجحت هذه العروض التي أقيمت على مدى الثلاثة أيام الأولى من العيد، ولامست قضايا وهموما من صميم واقع المجتمع السعودي كالسينما والقنوات الفضائية والتعليم وغيرها، ومن أبرز تلك العروض مسرحية «فشار» التي تناولت الواقع الذي تمر به السينما السعودية وانتكاسة افتراضية لتلك السينما بسبب إعلان تجاري ودخلاء على صناعة السينما في السعودية، ويعرض تحولاً للسينما ليصبح أداة تسويقية للفيشار. وشارك في هذه المسرحية نجمان من نجوم الفن السعودي ونحو 9 ممثلين من الطلاب الجامعيين.

وتضمنت العروض المسرحية لهذا العيد عرضاً احترافياً لمسرحية بعنوان «حراج أكاديمي»، وتتضمن إسقاطات على بعض الإشكالات التي يمر بها المجتمع متأثراً بالقنوات الفضائية وبعض البرامج، إلى جانب مسرحية أخرى حملت عنوان «الزبال نصف الدنيا» التي تناقش علاقة الفاشلين بمناصب الإدارة العليا في الوطن العربي وتتساءل عن سبب كثرتهم في هذه المواقع رغم أنهم لا يملكون المهارات والقدرات الكافية التي تؤهلهم لذلك.

ورغم ارتباط المسرح السعودي هذا العام وكل عام، بالأعياد والمناسبات الرسمية فقط، إلا أنه تمكن من استقطاب فنانين من دول مجاورة للمشاركة مع زملائهم السعوديين في إحياء العروض المسرحية، كما حدث في مسرحية «الريموت» التي شارك فيها النجمان الكويتيان شعبان عباس واسماعيل سرور. وتعرض المسرحية التي ضمت نجوماً كثراً تبعات السياسات المادية للقنوات الفضائية، وغيرها.

وتضمنت العروض مسرحيات حضرتها جموع غفيرة من الجماهير كمسرحية «رابح الخسران» و«طار وطبل» و«عيال الكحة والسكاكية». كما سجل العرض المسرحي النسائي الذي حمل عنوان «نسوان نت» نجاحاً باهراً، وكان من تأليف نورة العبد الله وإخراج نسرين قطان وبطولة سعاد علي وفاطمة الحوسني وميار الببلاوي وأغادير السعيد وأخريات، وتناولت المسرحية استخدام السيدات للكومبيوتر والإنترنت، وتعليم البنات وعدد من المشاكل النسائية. يذكر أن أمانة منطقة الرياض، كانت قد تبنت خلال الـ3 سنوات الماضية، إقامة أكثر من 70 مسرحية خلال فترات الأعياد فقط، موزعة في اتجاهاتها للنساء والأطفال والرجال.