1000 «مدونة» سعودية.. وسباق محموم على نشر الأخبار والصور والمذكرات الشخصية

هيئة الاتصالات: لا يوجد تنظيم خاص بها.. وتسري عليها الأنظمة الخاصة بمواقع الإنترنت

برزت ثقافة التدوين والمدونات بين أوساط الشباب في السعودية قبل حوالي 4 سنوات («الشرق الاوسط»)
TT

انتشر «التدوين» أو «البلوقرز» في الوقت الراهن كإحدى أدوات الإعلام الإلكتروني، الذي يحاول أن يحدث حراكاً في الوسط الاجتماعي والثقافي والفكري، فتوالى ظهور المدونات بأشكال وأصناف متعددة، بكثرة اهتمامات الأفراد وأطروحاتهم والأهداف التي ينشدون الوصول إليها والرسائل التي يودون إيصالها إلى الآخرين.

وفي السعودية يدور سباق محموم بين «مدونين» سعوديين غالبيتهم من الشباب على الحصول على أحدث الأخبار السياسية والاجتماعية والاقتصادية المهمة والصور المثيرة للاهتمام والتنافس على نشرها في مدوناتهم الخاصة على شبكة الإنترنت، إلى جانب التنافس في عرض مذكراتهم الشخصية اليومية وتعليقاتهم على الأحداث من حولهم وآرائهم في الظواهر الاجتماعية المختلفة بشكل لا يخلو من الجرأة في كثير من الأحيان.

ورغم حداثة التجربة في السعودية واقتصار معرفتها في البداية على عدد محدود من المتخصصين في الاتصال والتقنية والإعلام، إلا أن عدد المدونات الإلكترونية التي تم حصرها حتى الآن تجاوزت نحو 1000 مدونة إلكترونية تعود لسعوديين، وذلك بحسب ملتقى المدوِّنين السعوديين، وأغلبها لشباب وفتيات لم يتجاوزوا العقد الثاني من عمرهم، يقومون يومياً بنشر أخبار تتناول مواضيع متعددة، وصورا، ومذكرات يومية، ومواقف يتعرضون لها، تتضمن انتقادات لسلوكات أو عادات أو ظواهر منها بأسلوب ساخر.

وأكد مراقبون لوضع المدونات على شبكة الإنترنت أن «المدونات» العائدة لسعوديين تتركز غالبيتها في الوقت الراهن على المدونات التي تتناول شخصية صاحب المدونة نفسه بشكل دوري، لكنهم أكدوا أن «حراكاً ثقافياً وفكرياً واجتماعياً يحدث الآن بفضل مدونات مهتمة بالثقافة والفكر والمجتمع والتطورات السياسية والاقتصادية»، إلى جانب أطروحات تتناول سلبيات وتغيرات اجتماعية، فضلاً عن القصائد النبطية والفصيحة، والقصص الأدبية، إلى جانب «المدونات» ذات التوجه المحدد كالمدونات التقنية والرياضية.

ويواجه عدد من كتاب اليوميات في السعودية على شبكة الإنترنت، وخصوصاً من الفتيات صعوبة في الإفصاح عن أسمائهم الحقيقية، ويعمدون إلى الاختباء خلف أسماء مستعارة، خوفاً من الانتقادات التي قد توجه بحقهم لنشر مذكرات قد ينظر لها بنوع من الحساسية، إلى جانب خوفهم من إطلاق تصنيفات معينة بحقهم.

يأتي ذلك في الوقت الذي لم يتمكن فيه «أوكساب» أو المجتمع الرسمي للمدونين السعوديين من الحصول على ترخيص من الجهات المختصة في البلاد للعمل بشكل مكثف على نشر ثقافة التدوين بشكل أقوى، رغم قيامه بسلسلة من الاجتماعات مع المدونين في أماكن مختلفة من السعودية وحثهم على مواصلة جهودهم في التدوين في كافة المجالات وخصوصاً الاجتماعية والثقافية والعلمية.

وكان محمد بن فهد، المساعد المشرف العام على «أوكساب»، قد أشار لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق إلى أن الجمعية التي يشرف عليها والتي تنظر إلى التدوين باعتباره أداة تقنية إعلامية من أدوات التطوير الاجتماعي والفكري والثقافي، لم تخرج بأي نتيجة بعد محادثات معدودة كانت قد أجرتها مع الجهات المسؤولة عن الإنترنت للحصول على ترخيص.

لكنه أشار إلى أن اللقاء الذي كان قد جمع المدونين الأعضاء في «أوكساب» وغير الأعضاء، ناقش مواضيع متعددة متعلقة بالتدوين ومستجدات النشر الإلكتروني، والسعي لإصدار مجلة دورية حول التدوين السعودي.

وبدوره يشير باسم السلوم، أحد أوائل المدونين في السعودية، إلى أن السعوديين الذين يتابعون باهتمام كبير في الوقت الحالي المدونات المنتشرة على شبكة الإنترنت كانوا قد عرفوا التدوين لأول مرة عام 2003، مشيراً إلى أن ثقافة التدوين برزت هنا أواخر 2004، بعد اعتماد الاسم الرسمي لكلمة «بلوق» وترجمتها إلى كلمة «مدون» لينتشر الاسم العربي بين أوساط المدونين على شبكة الإنترنت.

ويلفت السلوم، وهو صاحب مدونة تحت اسم «حرباز»، إلى أن أغلب من بدأ التدوين وساعد المدونين على الاشتهار هم الإعلاميون والكتاب الصحافيون، ويقول: «تجد الآن العديد من الصحافيين يمتلكون مدونات يكتبون فيها مقالاتهم وأخبارهم»، متوقعاً بأن تشكل المدونات قريباً عيناً جديدة على المجتمع وظواهره وسلوكاته إلى جانب أنها ستصبح مصدراً معلوماتياً قيماً بالإضافة إلى كونها مساحة أكبر لنشر الإبداعات الأدبية والعلمية والثقافية.

وحول ما إذا كانت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ترصد أعداد وأعمال المدونات العائدة لسعوديين على شبكة الإنترنت، أبلغ «الشرق الأوسط» الدكتور سليمان مرداد نائب محافظ هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، أن الهيئة لا تقوم بذلك، مشيراً إلى أن المهمة الأساسية لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات هي تنظيم قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات وذلك بهدف الحصول على خدمات متطورة وموثوق بها في جميع أنحاء السعودية من قبل الشركات التي يتم الترخيص لها وفق النظام، وقال إن ذلك يشمل توفير بيئة تنظيمية عادلة مبنية على الوضوح والشفافية لتحفيز المنافسة، وحماية الصالح العام، وحقوق جميع الأطراف، ونشر خدمات الاتصالات وتقنية المعلومات المتطورة.

ولفت مرداد بأنه فيما يخص أنشطة مجتمع المعلومات فلا تقع رعايتها بشكل مباشر ضمن دائرة اختصاصات عمل الهيئة بل إن هناك جهات أخرى أكثر ارتباطا ومساهمة في دعم الجهود الفردية والجماعية لمجتمع المعلوماتية وإحدى هذه الجهات التي ترعى مثل هذه الأنشطة جمعية الحاسبات السعودية ومقرها بمدينة الرياض، وهي ترعى حاليا تسعاً من مجموعات الاهتمام، منها مجموعات لمستخدمي نظام التشغيل لينكس والبرامج مفتوحة المصدر، ومجموعة الاهتمام الخاصة بالإنترنت، ومجموعة الاهتمام الخاصة بالشبكات.

وأكد مرداد أن إنشاء مواقع الإنترنت متاح نظاما، مضيفا «المدونات هي في نهاية المطاف موقع على الإنترنت لذا لا يوجد تنظيم خاص بالمدونات»، مشيراً إلى أن الحدود المسموح بها لأي مدون هي الأنظمة التي تسمح بها السعودية. ويرى مرداد أن المدونات تمثل ظاهرةً عالميةً حديثة للنشر الإلكتروني على شبكة الإنترنت حيث أنها وفرت وسيلة للجمهور لوضع مقالاتهم وأخبارهم وكذلك أوجدت بيئة تفاعلية للقراء لعرض تعليقاتهم وآرائهم.

وأضاف «هذا يمثل تحولاً واضحاً نحو المحتوى التفاعلي الذي يعتمد على الأفراد والمستخدمين عوضاً عن دور النشر والمؤسسات. ومن إيجابيات المدونات تكوين المجتمعات المتخصصة وزيادة المحتوى على شبكة الإنترنت. وفي المقابل، فإن المدونات قد تفتقر إلى المصداقية، كما أن بعض القراء يدمن على متابعتها، وهذا مما قد يتسبب في إضاعة الوقت والجهد فيما لا فائدة منه».

وحول عدم وجود نظام للمدونات في السعودية أكد نائب المحافظ بأن عدم وجود نظام خاص بالمدونات يعتبر تشجيعاً لهذه الظاهرة وإلى عدم الحد منها إذا ما التزمت بأنظمة السعودية الخاصة بالنشر وبعدم التعدي على الغير أو مخالفة أنظمة الحماية الفكرية.

وعن حجب المدونات، قال مرداد «المدونات تعامل كغيرها من مواقع الانترنت الأخرى وفقاً لما تقضي به الأنظمة متى ما احتوت على ما يستدعي حجبها كاحتوائها بشكل خاص على مواد إباحية أو غير ذلك عموماً مما يتنافى مع ثوابت الدين الحنيف والأنظمة الوطنية». وبين أن منظومة الحجب «تسعى في كل ذلك وبكل إيجابية إلى دعم توفير بيئة آمنة أخلاقياً تسهم في الدفع قدماً بمجتمع المعلوماتية الوطني نحو التطور والرقي».