«مكتبة مكة المكرمة» تستقطب العلماء وطلاب العلم لندرة كتبها ومخطوطاتها القديمة

مقرها ميلاد خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم

TT

يتفق أكاديميون ومثقفون من أهالي مكة المكرمة على أن مقر مكتبة مكة المكرمة هو البيت الذي ولد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي يقرب من شعب علي رضي الله عنه، القريب من النفق الذي يتجه نحو منى بجوار الحرم، إذ لا يزال كبار السن من أهالي مكة يسردون لأحفادهم قصة تحول مكان مولد ـ النبي صلى الله عليه وسلم ـ إلى مكتبة عامة تسمى «مكتبة مكة المكرمة»، وكانت ولادته ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صبيحة يوم الاثنين الثاني عشر ـ على الأشهر ـ من شهر ربيع الأول، المعروف بعام الفيل سنة 571م، في دار عمه أبي طالب بشعب بني هاشم، التي سميت بعد ذلك بدار محمد بن يوسف أخي الحجاج بن يوسف.

وكما هو المعروف بالمثل القديم «أهل مكة أدرى بشعابها» كقدم مبنى المكتبة العامة من ناحية عمرانها التراثي، الذي يتكون من دورين ونوافذ خشبية، بلونه البني الداكن الذي يعرف بها عمران مكة منذ القدم، فإن أكاديميي مكة وعامتهم يؤكدون أن تاريخ المكتبة معروف منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وموثق في عدد من كتب التاريخ التي تشير إلى أن مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان عند عقيل بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ تسلمه لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولم يزل بيده ويد ولده حتى باعه إلى محمد بن يوسف أخي الحجاج، فأدخله في داره التي يقال لها دار البيضاء، ولم يزل هذا البيت في هذه الدار حتى حجت الخيزران أم الخليفتين موسى وهارون الرشيد فجعلته مسجدا يصلى فيه وأخرجته من الدار، وشرعته إلى الزقاق. وطالب أكاديميون وعدد من المهتمين بالتاريخ بتطوير تلك المكتبة وتعريف المسلمين بتاريخها، كونها مقر مولد النبي صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى الاهتمام بها من الناحية العمرانية وإعادة عمرانها لتواكب التطور العمراني الذي تشهده مكة المكرمة، مستبعدين في الوقت نفسه تبرك الناس بتلك المكتبة بسبب انتشار الثقافة الدينية بين العامة.

المكتبة أو مكان ميلاد خاتم النبيين ـ صلى الله عليه وسلم ـ تضم في زواياها كتبا ومخطوطات ونفائس تاريخية، كون الاهتمام بمكتبة مكة المكرمة يعود إلى عهد المؤسس الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ عام 1346هـ، بعد أن اسند إلى الشيخ محمد الكردي وظيفة وكيل مدير المعارف العامة بعد كامل القصاب للاهتمام بتطوير تلك المكتبة. وبعد وفاة الشيخ محمد الكردي آلت المكتبة إلى أنجاله للاهتمام بها، إذ كانت تلك المكتبة من أهم العوامل التي شجعت حركة التأليف ونشر الكتب في الحجاز بصورة خاصة وفي شبه الجزيرة العربية بصورة عامة.

وفي عام 1370هـ أمر الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ ببناء مكتبة عامة بمكة المكرمة في مقر المولد النبوي الشريف حتى تكون مقصدا للعلماء وطلاب العلم، وكانت مكتبة الكردي أول مكتبة يتم شراؤها في ذلك الوقت لتكون نواة لهذه المكتبة العامة التي أصبحت تعرف الآن بمكتبة مكة المكرمة.

وتشرف على مكتبة مكة المكرمة وزارة الحج والأوقاف ـ سابقا ـ وزارة الشؤون الإسلامية ـ حاليا. ولا تزال هذه المكتبة تؤدي دورها في نشر العلم والمعرفة بالاطلاع على نفائس الكتب المخطوطة والمطبوعة، وقد سُجل وفهرس جميع محتوياتها في الكومبيوتر، مما يسهل لطلاب العلم والمعرفة الوقوف على كل ما يريدون من معلومة علمية ومعرفية.