نقص الاحتياجات التجميلية للمصابات بسرطان الثدي يزيد من معاناتهن

وزارة الصحة لـ«الشرق الأوسط»: متوفرة في بعض مراكز التأهيل الصناعية

سرطان الثدي يسجل ارتفاعا في السعودية
TT

في الوقت الذي قضت فيه السعوديات أسبوعا كاملا في إجراء الفحوص ضمن الحملة العالمية ضد مرض سرطان الثدي الذي سجل حضورا لافتا في السعودية أخيرا، تواجه السعوديات المصابات بمرض سرطان الثدي أزمة نقص في الاحتياجات التجميلية التي انتقدن عدم وجودها بالشكل المطلوب.

وكانت آخر إحصائية تفيد بأن عدد حالات الإصابة بسرطان الثدي في السعودية بلغ 5541 حالة، حسب آخر الإحصاءات الصادرة عن وزارة الصحة، وأن التكلفة الإجمالية السنوية لمريضات سرطان الثدي الواحد تصل إلى ما يقارب نصف مليون ريال، مرجعة ذلك إلى ارتفاع كلفة العلاج، وطول فترته، كون هذه الأمراض تحتاج إلى تدخلات علاجية مستمرة ولفترات طويلة، كما يحتاج المريض للتنويم في كثير من الأحيان مما يضاعف التكلفة.

وبالرغم من ان هذه النسبة كبيرة جدا مقارنة بالدول الأخرى، إلا أن المصابات بمرض سرطان الثدي واللاتي تم علاجهن باستئصال أثدائهن تنتكس حياة معظمهن عقب العلاج والاستئصال نتيجة فقدانهن لرمز ومكمن أنوثتهن، ويسبب لهن الكثير من الإحراج، وتتأثر علاقتهن الزوجية نتيجة ذلك كثيرا، كما يقول استشاري التجميل بمستشفى الملك عبد العزيز ومركز الأورام بجدة، أحمد بخش، مؤكدا ضرورة خروج المريضة من النكسة التي تعرضت لها في أقرب وقت خوفا من تدهور صحتها لاحقا، ويقول «من الضروري خضوعها لعملية جراحية تجميلية لتكبير الثدي وترميمه».

ويتذكر بخش إحدى المريضات الشابات في عقدها الثالث من العمر حين تم استئصال احد ثدييها واحتاجت لتعود لممارسة حياتها الطبيعية والزوجية إلى إجراء عملية جراحية تجميلية بعد دخولها في دوامة انتكاسية نفسية كادت تقتلها، وما زال يتذكر رنين كلماتها حينما قالت بعد أول موعد لتغيير الضمادات «أخيرا عدت كأنثى حقيقية».

ويتفق معه الدكتور مروان نصر، استشاري جراحة التجميل بمستشفى الدكتور سليمان فقيه، ويقول «أثبتت الدراسات أن إعادة تشكيل الثدي بعد استئصاله يساعد على التخلص النهائي من السرطان».

وحول الطرق الجراحية التجميلية يقول «هناك عدة طرق تلجأ إليها المريضة حسب حالتها الصحية وعمرها كاستخدام الأكياس السليكونية تحت عضلات جدار الصدر، أو استخدام تمدد الجلد المصحوب بالأكياس السليكونية، أو استخدام شرائح عضلية موضعية من البطن أو الصدر وهذه الأكثر شيوعا، أو عن طريق استخدام الشرائح الحرة عن طريق الميكروسكوب الجراحي»، ويضيف بأنه من الممكن إجراء عملية إصلاح الثدي في وقت عملية استئصال الثدي أو بعدها بعدة أشهر على حسب درجة السرطان، ويقول الدكتور مروان «تستطيع بعد هذه العملية الجراحية التجميلية أن تعود المريضة إلى حياتها الطبيعية».

ويشكل نقص بعض الحاجيات التجميلية حجر عثرة لبعض المريضات الراغبات في مواجهة حالات الإصابة والنقص التي أصابتهن بسبب المرض، لكن عدم توفر تلك الاحتياجات حال دون ذلك، وفي مقدمتها الملابس الداخلية الخاصة والملائمة لكل مريضة حسب مقاس وحجم صدرها، وهو ما دفع أم علي صابر، امرأة في عقدها الخامس، إلى شرائها من دولة مصر، وتقول «هناك محلات خاصة في مصر توفر مثل هذه الملابس لمن لا ترغب في العمليات التجميلية أو أن عمرها لا يسمح بذلك كحالي». وتعبت أم علي كثيرا في البحث عن مرادها في السعودية واضطرت إلى المكوث في البيت منعا للإحراج، وتقول «جربت قطعة السليكون المباعة في بعض المحلات الطبية، لكنها لم تف بالغرض وعادة ما تسبب لي التعرّق الزائد».

وهو ما يعلق عليه الدكتور خالد حسين، مدير عام إدارة التمويل الطبي بوزارة الصحة «ان بعضا من مراكز تأهيل الأطراف الصناعية توفر تلك الحمالات النسائية، وتوفر قطع السليكون».

وتبرز الحاجة لتوفير هذه المتطلبات التجميلية في ظل عزوف الكثير من النساء عن إجراء عمليات التجميل الجراحية في ظل الخوف الذي يقف حاجزا دون ذلك بعد معاناة مع المرض الخبيث، خاصة بعد ان أصبح منظر غرفة العمليات جزءا من روتين وبرنامج حياتها أو لأنها ما زالت غير مقتنعة بأمان العمليات الجراحية التجميلية، إضافة إلى أن معظمهن أصبن بالمرض وتم استئصال أثدائهن بعد فحصهن المتأخر وهذا مؤشر قوي يفيد بعدم اهتمام البعض بصحتهن، حسبما يقول الدكتور بخش في حديثه مع «الشرق الأوسط»، مضيفا بأن الشابات المصابات بذلك هن الأكثر تقبلا لعمليات التجميل، بينما الكبيرات في السن عادة ما يقتنعن بالواقع ويحاولن البحث عن بديل العملية التجميلية.

وكانت قد أكدت ذلك سابقا اختصاصية الأشعة أسماء الدباغ، أن السعوديات يتوفين بسبب سرطان الثدي لأنهن يكتشفن المرض في مرحلة متأخرة. وأنهن يشعرن بالخجل تجاه الحديث عن سرطان الثدي بسبب الثقافة المحافظة التي تركز على الخصوصية. كما أن النساء اللاتي يعانين من سرطان الثدي لا يجرين الفحوص اللازمة خوفا من فقدان الزوج والإضرار بفرص بناتهن في الزواج.

وبالعودة للعمليات التجميلية الجراحية والاستفسار حول أسعار هذه العمليات في المستشفيات الخاصة فإنها عادة ما تكون غالية الثمن تبدأ بعشرة آلاف ريال كأبسط حالة تبعا لحالة المريضة ومدى حاجتها للعملية وفقا لعمرها كما يقول الدكتور بخش.

وبسؤال شركات التأمين الطبية عن مدى قدرتها على تغطية تكاليف علاج الورم السرطاني وما يعقبه من جراحات تجميلية ترميمية وجلسات نفسية، يقول حافظ عطوة، مدير العقود والعلاقات للمستشفيات بشركة بوبا الشرق الأوسط التأمينية «شركات التأمين تتكفل بعلاج الورم السرطاني وكل ما يحتاجه المريض أثناء الفترة العلاجية، أما ما يخص العمليات الجراحية التجميلية الترميمية كتكبير الثدي وزراعة ثدي صناعي وخلافه، فإن الشركة تمتنع عن ذلك لأنه يدخل ضمن جراحة تجميلية مهما كانت الحاجة لها من قبل المريضة»، مضيفا بأن التأمين يغطي علاج المرض والتخلص منه نهائيا، وما دامت المريضة قادرة على العيش من دون ثدييها من دون أن يؤثر في صحة جسدها، فإن الشركة لن تتكفل بتغطية تكاليف التجميل وخلافه.

وإن امتنعت شركات التأمين الطبية عن تغطية تكاليف العمليات الجراحية التجميلية، فإن وزارة الصحة السعودية تسمح بذلك لكل مواطنة سعودية كما يقول لـ«الشرق الأوسط»، الدكتور خالد الحسين، مدير عام إدارة التمويل الطبي بالوزارة «يتم التعامل مع سرطان الثدي حسب حالة المريضة، واحدة يتم استئصال جزء من ثديها وأخرى بكامله، وأيضا يتم استئصال جزء من الغدد الليمفاوية، وتعتمد العمليات الجراحية التجميلية حسب ما يراه الطبيب المعالج إن كانت زراعة داخلية أو خارجية، كذلك حالة المريضة ومدى حاجتها لذلك من اجل رفع معنوياتها وقدرتها لممارسة حياتها بشكل طبيعي من دون أي إحراج أو نقص عن بنات جنسها».

ويرى الدكتور الحسين أن احتياج مريضة سرطان الثدي المستأصل منها للتجميل موازية لمدى احتياج شخص آخر بترت أصابع يديه، فالعمليات التجميلية مختلفة تبعا لحالة المريض، ومن حق المريضة زراعة ثدي صناعي لها أو غيره.

ويضيف الدكتور الحسين أن وزارة الصحة السعودية ضمت إلى الـ15 جهازا رقميا، 17 جهازا آخر يساعد الطبيب المعالج على تحديد أدق لموضع الثدي المطلوب زراعته، وهذا يدل على مدى اهتمام الوزارة برفع معنويات مريضات سرطان الثدي بمساعدتهن مجانا في التغلب على مشاكلهن وقدرتهن على ممارسة حياتهن الزوجية بشكل طبيعي.