طالبات التربية الخاصة بالطائف يبحثن ثغرات تعيق دمج ذوي الاحتياجات في المدارس العامة

بإطلاق برنامج بعنوان «بين يدي.. قلب معاق»

TT

جاء توقيت ومكان إقامة برنامج «بين يدي.. قلب معاق» الذي نظمته طالبات التربية الخاصة بجامعة الطائف، متزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي للطفل، ليسلط الضوء على ثغرة لا تزال موجودة في المجتمع تتمثل في وجود عقبات تعيق دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية.

وكشف البرنامج الذي استضافه معهد التربية الفكرية للبنات، وعمد الى اختيار طفلات من المعاقات عقليا وضمهن الى أُخريات سويات، عن وجود فجوة في تفهم حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة التي من أبسطها دمج هذه الفئة مع بقية فئات المجتمع في أجواء مهيأة لذلك.

ولفت إلى أهمية الدمج في جو ترفيهي يتناسب مع مستوى الطالبات العقلي ويكسر الحاجز ما بين الفئتين، فتتقبل كل منهما الأخرى. وهو الأمر الذي تفتقده برامج الدمج الحالية المطبقة على المدارس والتي يقتصر الأمر فيها على وضع ذوي الاحتياجات الخاصة مع غيرهم من الأسوياء دون توعية مسبقة للفئتين بحقوق وطبيعة الفئة الأخرى والتي تعود عادة بنتائج عكسية غير تلك المرجوة منها، حيث أجمعت غالبية الموجودات على أن هذا التفاعل الحاصل لا يوجد في بقية الأيام أثناء وجود الفئتين مع بعضهما خلف أسوار المدارس العادية.

حسناء الزهراني مديرة المدرسة الابتدائية (26) وهي إحدى المدارس التي كانت لها تجربة في الدمج، وحرصت على مشاركة طالبات مدرستها السّويات لقريناتهن ذوات الاحتياجات الخاصة في هذا الاحتفال، أكدت على أهمية تفعيل واستغلال يوم الطفل العالمي في التوعية حول حقوق الطفل بشكل عام، وذوي الاحتياجات الخاصة بشكل خاص، كما أكدت على أهمية دمج هذه الفئة مع المجتمع في كافة مجالات الحياة.

وأضافت «وجود ذوي الاحتياجات الخاصة مع غيرهم من الأسوياء لفتة لها أهميتها، حيث يشعر الطفل بأنه يستطيع أن يتوافق مع غيره من الأسوياء، خاصة أن هذا الطفل يعيش بين الأسوياء وليس بمعزل عنهم، لكننا نحتاج لمزيد من العناية في هذا الجانب، لا سيما أن مجتمعنا يسير بخطى متسارعة لمواكبة الدول في العناية بأهم ركائز المجتمع وهو الطفل».

ما ألمحت إليه حسناء الزهراني من خلال معايشتها لتجربة الدمج في المدرسة التي تديرها، بأن التجربة لا تزال تحتاج إلى المزيد من العناية، هو أيضا ما تحدثت عنه «دلال» شقيقة إحدى الطالبات في معهد التربية الفكرية، حيث رفضت وبشدة فكرة إلحاق شقيقتها بإحدى المدارس العادية، وعزت هذا التخوف إلى ما عايشته وسمعته من نتائج عكسية لهذه التجربة لدى الطالبات، والذي تمثل لدى العديد منهن في الامتناع عن الكلام والانعزال أو العزوف عن الذهاب إلى المدرسة.

«أم فاطمة» والدة إحدى الطالبات من ذوات الاحتياجات الخاصة، أكدت أيضا على أنها تلمس تغيرا ملحوظا وتحسنا لدى ابنتها عند إقامة مثل هذه البرامج الاحتفالية والتي يكون فيها جانب من الترفيه وإلغاء للحواجز بين الأسوياء وذوي الاحتياجات الخاصة بعكس ما يحدث في البرامج المطبقة على المدارس.

الاجماع على التخوف من الاندماج في المدارس العادية من قبل الأهل أرجعته فاطمة الشهري الاختصاصية النفسية بمعهد التربية الفكرية، إلى افتقار برامج الدمج للعديد من الأمور التي تجعل منها امرا فعالا وأضافت «الدمج كغيره من الأمور له ايجابيات وسلبيات، ولو طبق بجميع شروطه ستغلب ايجابياته على سلبياته، لكن الحاصل للأسف أن الدمج يطبق بطريقة عشوائية، في ظل غياب النشاط الترفيهي، كذلك حصص الرياضة والنشاط البدني التي يحتاجها المتأخر عقليا أكثر من غيره، لتنشيط ذهنه، إضافة إلى افتقار المدارس إلى الوسائل التعليمية التي تخصص لمثل هذه الفئة لمساعدتها في فهم واستيعاب المادة الدراسية، كذلك ما تواجهه الطالبات المتأخرات عقليا من التهميش والسخرية أحيانا من قبل الطالبات الأخريات نتيجة غياب التوعية في المجتمع بشكل عام وعدم التثقف ومراعاة نفسية الطفل المعاق عقليا».

«رهف» إحدى الطالبات المصابات بالتأخر العقلي، وواحدة من بين الكثيرات اللاتي عايشن تجربة الانتقال من معهد التربية الفكرية إلى الدراسة في المدارس العادية، عندما ُسئلت عن الأمنية التي تتمناها في يوم الطفولة العالمي قالت بكل براءة «أتمنى أن أصير مدرسة، واعمل للبنات مسابقات، وأعاملهم معاملة طيبة واهديهم ورودا».

لعل العبارات التي أجابت بها الطفلة «رهف» جاءت بمثابة نداء صريح للمجتمع حول إعادة النظر إلى هذه الفئة، وأنها فئة لها صوت مؤثر لا يمكن تهميشها أو تطبيق أنظمة عشوائية عليها بأي حال من الأحوال.

وتعد التوعية هي اللبنة الأولى والأساسية التي من خلالها يستطيع المجتمع تجاوز النظرة القاصرة لذوي الاحتياجات الخاصة، والتي تخلق بدورها فجوة بينهم وبين المجتمع.

الجدير بالذكر أن برنامج «بين يدي قلب معاق» يأتي ضمن حملة توعوية مكثفة تقوم بها طالبات التربية الخاصة للقضاء على هذه النظرة السلبية للمجتمع، تشمل عددا من المدارس والمؤسسات التعليمية.