مواجهة موسمية مفتوحة بين رجال الأمن و«مهربي الحجاج» وقودها «الزحام» و«الشطارة»

ما بين 300 إلى 500 ريال تكلفة تهريب الحاج للمشاعر المقدسة

TT

رغم عدم وجود إحصاءات رسمية بأعداد من تم إعادتهم من الحجاج «المتسللين» عبر المنافذ الرئيسية والفرعية المؤدية إلى مكة المكرمة، حيث تقوم فرق الجوازات، بإعادة من لايحملون تصريحا رسميا بالحج من إحدى نقاط الفرز التي وضعت خلال الايام الماضية، إلا أن حرب المواجهة بين رجال الأمن من جهة و«مهربي المتسللين» من جهة أخرى ظلت قائمة هذا العام رغم التشديدات الأمنية، وفرض العقوبات على المهربين، كون الرغبة في «التكسب السريع» هي المحرك الأساسي لهؤلاء المخاطرين مع فرض العقوبات المالية وحجز المركبات. وطوال الأيام الماضية لساعة الصفر، وبدء شعائر الحج، عندما تقف في المكان المخصص لنقل راغبي الحج أو العمرة في أحد شوارع جدة القديمة، تجد نفسك أمام طوفان من المركبات والأشخاص والعروض، محاصرا بعبارات متكررة، تؤكد على قدرة أصحاب تلك العربات لإيصالك ومرافقيك، وتجاوز نقاط الفرز الثلاث المنصوبة أمام القادمين إلى مكة، في عملية فرز طويلة للحد من المتسللين ممن لا يحملون تراخيص بالحج.

وفي سيارة يابانية الصنع تتسع لـ5 ركاب، خاضت «الشرق الأوسط» تجربتها مع الطريق لاستكشافه في اليوم ما قبل الأخير لبدء مناسك الحج، وكيف لهؤلاء الاشخاص من قطع الوعود على قدرتهم في ايصالك إلى مكة، على طريقة «أهل مكة أدرى بشعابها» في محاولة لتسهيل مرور آلاف الحجاج المخالفين سواء عبر طرق فرعية، أو عبر سيارات صغيرة لإدخال أشخاص يفضلون الاحرام من مكة ودفع الفدية متجاهلين الفتاوى الشرعية التي تحرم مخالفة نظام الحج.

وعند النقطة الأولى المعروفة بـ «كوبري الميت» كان المرور سهلا إذ لايتم التركيز عادة سوى على من يرتدون ملابس الإحرام، فيما لم يسأل رجل الأمن عن أي أوراق ثبوتية، غير أن نقطة مايعرف بـ «الشميسي» كانت السيارات التي تود العبور قد شكلت لها نحو 8 مسارات متعرجة تضيق مع الاقتراب من الحاجز التفتيشي، وهناك يتم التثبت من الاوراق الرسمية وتصاريح الحج، وإعادة من يتم ضبطهم مباشرة، وهو مايعلق عليه قائد مركبة يمارس نقل الركاب من وإلى مكة، بأن «زملاء آخرين له يخاطرون بإركاب أشخاص نظير مبالغ مالية تتراوح مابين 300 الى 500 ريال للفرد الواحد» ويضيف «هناك من المهربين من يعيد الكرة عدة مرات حتى يستطيع النفاذ باتجاه النقطة الثالثة والأخيرة، غير أن تلك المحاولات المتكررة ليس بالضرورة نجاحها سوى أن تكرارها يزيد من تكلفة دخول الحاج المتسلل إلى المشاعر وسط مفاوضات مادية بين «المتسللين» و«المهربين» لإعادة الكرة.

وقبل النقطة الثالثة الواقعة على مشارف مكة المكرمة، يفرغ المهربون حمولتهم من الحجاج غير النظاميين، والذين يستطيع بعضهم المرور نتيجة الكثافة الهائلة من المركبات عند نقاط التفتيش، أو كون بعضهم بلا أحرام، إذ يمنع وقتها دخول السيارات الصغيرة المحملة بالركاب، فيما يخاطر المتسللون وقتها عبر طرق فرعية متشعبة سيرا على الاقدام، محاولين التسلل بإزالة بعض الموانع الموضوعة من أسلاك شائكة وخلافها، من دون ضمانات بأن يجدوا نفس الشخص ليقلهم من جديد، أو أن تنتهي مهمة «التهريب» قبل النقطة الاخيرة، ليبحثوا لهم عمن يوصلهم إلى مكة المكرمة بعد أن يتجاوزوا النقطة عبر مسارب متشعبة، وهي مخاطرة تقبل مختلف الاحتمالات.

ويعلق مسؤولون في إدارة شؤون الحج، بأنه لاتوجد إحصائية دقيقة حول نسبة من تم إعادتهم من مخالفي نظام الحج عند نقاط الجوازات المؤدية إلى المشاعر المقدسة، كون الاجراء المتبع عند نقاط التفتيش هو «إعادة من لايحملون تصاريح»، وأن جهات أمنية مختلفة مارست دورها كل بحسب اختصاصه في عمليات القبض على من حاولوا التسلل عبر طرق ترابية وفرعية. مشيرا إلى أن هناك حملات رصد وتحر ضبطت مهربين في أماكن وقوف نقل الحجاج الى مكة، وعند نقاط التفتيش.

الرحلة من جدة التي تبعد نحو 80 كيلومترا عن مكة، استغرقت نحو 5 ساعات، فيما لا تستغرق في غير موسم الحج أقل من ساعة، كان رجال الأمن يواجهون سيلا من البشر والاوراق، حيث يلقي الكثير من الاشخاص باللائمة في تسلل آلاف الاشخاص ليس على رجال الأمن وحدهم، بل إلى غياب الوازع الديني عند كثير من الافراد، الذين يفضلون الحج عدة مرات من دون افساح المجال لغيرهم، والجشع المادي عند آخرين يرونها فرصة لـ «التكسب السريع» خلال أيام معدودة، وضعف مستوى الوعي العام بخطورة مثل هذه الممارسات على نجاح الخطط الامنية والمرورية والاسعافية، وما في حكمها من تفويج للحجاج، وما قد ينجم عن ذلك من حوادث وفاة أو سرقة ممتلكات أو نقل للأمراض.

غير أن الملاحظ ميدانيا في أيام الحج هو انخفاض نسبة المتسللين، قياسا بالأعوام السابقة، وما نقلته تغطيات أكثر من 180 وسيلة إعلام محلية وعربية وعالمية، حيث لم تشكل صور الافتراش التي كانت سمة متلازمة بالمتسللين نفس الكثافة التي كانت تسجلها في الاعوام الماضية، وما كان يترتب عليه الامر من إرباك للخطط الامنية والمرورية خاصة في عمليات تفويج الحجاج لرمي الجمرات.

وكان اللواء منصور التركي المتحدث الرسمي بوزارة الداخلية السعودية، قد أعلن عن خطة شاملة لإغلاق المنافذ الرئيسية والترابية أمام المتسللين، وأنه تم القبض على اعداد من المتورطين في قضايا تهريب الحجاج، بالاضافة إلى جولات جوية على الطرق والمداخل الرئيسية لمكة المكرمة.