أمانة جدة تتبادل تهم «التلوث» و«إزعاج الجيران» مع مالك حديقة الحيوانات

المجلس البلدي ينتظر السماع لطرفي النزاع قبل بت الشكوى

العديد من الحيوانات تنتظر مصير «بيتها» المهدد بالإغلاق («الشرق الأوسط»)
TT

تبادلت أمانة جدة التهم مع مالك حديقة الأنعام الجميلة، حديقة الحيوانات الوحيدة في جدة، على اثر اتهام الأولى له بإزعاج السكان ووجود تلوث بيئي بموجب تقرير رسمي، وهو ما نفاه المالك مستشهدا بتقرير بيئي صادر من الأرصاد وحماية البيئة.

ووسط موجة من الجدل يترقب أطفال جدة، قرار تنفيذ إطلاق رصاصة الرحمة على حديقة الحيوانات الوحيدة، التي حضنت نحو 150 حيوانا وحشيا وأليفا على مدار ربع قرن من الزمان.

ويقول المستثمر وسمي مبارك لـ«الشرق الأوسط»: «قبل نحو شهر جاءت لجنة من بلدية جدة لتجبرني على الاستغناء عن الحديقة التي امتلك منها ما يقارب 16 ألف متر مربع، إضافة إلى بقية مساحة الحديقة وهي مستأجرة من البلدية، ومساحتها نحو 3500 متر مربع، وتريد البلدية نقل حيوانات الحديقة التي تعتبر من أملاكي الخاصة إلى حديقة حيوانات (أم السّلم)، ومن المعروف أن جميع حدائق الحيوانات في العالم تقع داخل المدن وقريبة من السكان، ما دامت لا تسبب أذى أو ضررا للآخرين، أما موقع أم السّلم فهو غير مناسب إطلاقا لبعده المكاني، كما أنه يقع في حي شعبي، ولا أرغب في استثماره أو الانتقال إليه».

ويلوح الوسمي بتقرير صدر أخيرا من الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، يفيد بعدم الحاجة إلى إغلاق الحديقة لعدم وجود أضرار بيئية أو صحية على الزوار أو سكان الحي الذي يحتضنها، ويقول ان التقرير جاء مخالفا للتهم التي وجهت للحديقة سابقا من قبل أمانة جدة، التي كانت تطالب بإغلاقها بسبب التلوث البيئي وإزعاج سكان الحي والجيران، والخوف من نقل الأمراض المعدية من الحيوانات كإنفلونزا الطيور.

ويسند الوسمي مرافعته مدافعا عن الحديقة بالاستناد إلى تقرير آخر صادر عن الإدارة العامة لشؤون الزراعة التي اعتبرت أن الحديقة متنفس ترفيهي وعلمي وتراثي للمنطقة، ولا تسبب أي ضرر بوجودها الحالي إذا كانت ملتزمة بنفس الضوابط الصحية والبيئية الحالية، كما أن موقعها الحالي لا يشكل أي خطر على صحة الإنسان مثل اغلب حدائق الحيوانات الموجودة في العالم والتي تقع في وسط المدن.

ويقول «حديقة الحيوانات هي صديقة للبيئة، فالصرف الصحي في الحديقة منذ نحو 15 سنة، وتتم معالجتها بنظام تدوير المياه، والتي تستخدم في الري، وكلفتني الحديقة ما يقارب الـ50 مليون ريال على الرغم من أن أرباحها هامشية لا تذكر، وبعد ربع قرن يطالبونني بأن أتخلى عن الحيوانات التي ترعرعت في مزارعي وفي الحديقة، وقد اعتادت الحديقة بان تفتح أبوابها صباحا للرحلات المدرسية لأطفال المدارس ولرياض الأطفال».

وكانت أمانة محافظة جدة قد طلبت من المستثمر الحالي لحديقة الأنعام إخلاء الجزء المملوك للأمانة، البالغ 3500 متر مربع، لانتهاء مدة عقد الإيجار، لتتمكن الأمانة من تسليمه لمستثمر جديد ـ حسب النظام، ووجهت الأمانة خطابا لإدارة الحديقة أبلغتها فيه بعدم رغبتها بتجديد العقود المبرمة لاستمرار الحديقة.

ويعلق الوسمي «من الصعب إنشاء مركز تجاري بجوار حديقة حيوانات، وهذا إجبار لإغلاق الحديقة، كما أن من الشروط العامة التي تلتزم بها الأمانة الخاصة بأنظمة المستثمرين، ألا يغير المستثمر من طبيعة استعمال الموقع، كونه حديقة عامة ومتنفسا للمواطنين وتحويله إلى مركز تجاري مخالف لأنظمتهم».

وعلى الرغم من تشديد المستثمر مبارك الوسمي على تمسكه بحديقته وبحيواناته التي تعب في استيراد البعض منها ـ بحسب قوله ـ وقوله إن الهيئة العليا للسياحة دافعت عنها أيضا، ورأت فيها معلما سياحيا في المدينة، وستدرجها في الفيلم الوثائقي الضخم الذي ستنتجه الهيئة عن السياحة في المملكة، إلا أن لبلدية جدة رأيا آخر، حيث يؤكد المهندس خالد عقيل وكيل أمانة جدة لـ«الشرق الأوسط» أن جيران الحديقة تقدموا قبل 3 سنوات بشكاوى للأمانة والإمارة والمحافظة، تفيد بتضررهم من جوارهم لحديقة الحيوانات، نتيجة انبعاث روائح كريهة وارتفاع أصوات الحيوانات إضافة إلى خوفهم من هروب بعضها من الحديقة.

وأوضح عقيل أن لجنة تم تشكيلها من الأمانة والإمارة، ووزارة الزراعة، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة لتنظر في أمر الحديقة، وتوصلت تلك اللجنة إلى قرار يقضي بعدم تجديد العقد للمستثمر، وإغلاق الحديقة، وقد ابلغ المستثمر رسميا بالقرار منذ 3 سنوات.

ويرى المهندس عقيل أن المطلوب من المستثمر أن يغير نشاط الحديقة حتى تلك الخاصة بممتلكاته، ويقول «هو ليس حرا في استثمارها، لأن هناك قرارا صدر بناء عن نتائج اللجنة، وتم رفعه لمحافظ جدة، واعتمد على هذه التوصيات». وحول وجود تقارير صادرة من وزارة الزراعة والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ـ حصلت «الشرق الأوسط» على نسخ منها ـ تقول بأنه ليس هناك داع لإغلاق الحديقة، قال وكيل أمانة جدة انه لم يبلغ بعد بمثل هذا القرار، مضيفا «كل ما لدي من تقارير منذ سنتين».

في المقابل يؤكد الدكتور طارق فدعق نائب رئيس المجلس البلدي في جدة ضرورة الاطلاع على حيثيات القضية من طرفيها بقوله «أي شكوى تفرض علينا بالضرورة معرفة وجهة نظر الطرفين، وقد استمعنا لشكوى مستثمر الحديقة، وعلينا الاستماع إلى الأمانة من خلال مخاطبتنا لأمينها».

وحتى إشعار جديد يبقى أمر إغلاق حديقة الحيوانات الوحيدة في جدة، التي تخطى عمرها ربع قرن من الزمان، رهنا لتحرك جهات الاختصاص خلال الأيام القليلة المقبلة.