أهالي ومستثمرون في الحي: «الكندرة عاصمة جدة»

ظلت العبارة طوال العقود الماضية تغنى في حفلات «المزمار»

نماذج أولية لحي الكندرة في المستقبل («الشرق الأوسط»)
TT

في لعبة المزمار التراثية والأكثر قربا من أفئدة الحجازيين، تشتهر العبارة التي يتغنى بها اللاعبون في الميدان «الكندرة عاصمة جدة»، في وقت تتمدد فيه جدة المدينة الساحلية باتجاه الشمال تاركة «الكندرة» خلف ظهرها، لتبقى فقط في ذاكرة محبيها هي «العاصمة المنسية» كما يسميها «أهلها» ممن يرتبطون مع أزقتها وحوانيتها بعلاقة عاطفية مدى الحياة.

ويفسر ذلك الحب، المبادرة الوطنية لأهالي الحي من المستثمرين في سوقها الشهير المسمى «سوق الحب»، ليجلسوا لأول مرة وبعد عقود طويلة مع مهندسي أمانة جدة، للتباحث حول تحويل المنطقة التجارية في الحي القديم إلى منطقة «حضارية» تراعي مفاهيم التسوق الحديث.

يقول محمد حفوظ بن عشميل، وهو أحد أقدم المستثمرين في السوق، ويتولى منصب المدير التنفيذي للعمارة الزرقاء، التي هي أشهر من نار على علم في باحة السوق، ووجهة «العرسان» كونها متخصصة من «الإبرة» وحتى «الكوشة»، ان الفكرة نبعت من حاجة المنطقة للتطوير، مضيفاً «30 عاما مرت على إنشاء السوق، اليوم نعيد طلاء الحياة على ملامح المكان، ونحاول بالتعاون مع الأمانة أن نعيد كأهالي الكندرة، حكاية الكندرة الحي الراقي».

ومن يشاهد السوق الآن، ويتصفح ملامح الباعة فيه، وأرتال السيارات المتراصة حد الاختناق، يستشعر أهمية البحث عن رئة استثمارية تعيد الحياة للسوق الذي كان يعده الناس قِبلة الماركات ورائحة الزمن الجميل عندما كان الخارجون من سور المدينة القديم (منطقة البلد) يرون في الكندرة سمة «الفخامة» ومكان «الأعيان».

ويضيف بن عشميل، أن الاجتماعات مع مسؤولي الأمانة، وبعضهم في الأساس من أبناء الحي، أثمرت عن التصورات المبدئية للمشروع، من إعادة النظر في وضع الشوارع، والحد من التلوث البصري، وترميم العمائر المطلة بمناظير محددة.

واللافت في قصة الكندرة هو التعاون بين القطاع المدني والحكومي، سواء على مستوى التكلفة المادية بحيث يتولى المستثمرون من الأهالي قيمة الدراسات وما يخصهم تجاه منشآتهم، وتتولى الأمانة التخطيط الحضري للمنطقة التي لا تتعدى الكيلومتر وربع الكيلومتر، لكنها تتميز بحساسية عالية تجاه التطوير والتحديث والأهمية المستقبلية.

وينتظر أن تحل الخطوة الجديدة من مشكلة «المباسط العشوائية» التي احتلت الممرات الضيقة للسوق، خاصة في ظل عدم التزام مستأجري تلك المباسط بالارتدادات القانونية، وتحوّل الشوارع إلى «بازارات» لعرض كل ما تجود به الأسواق الصينية.

وجاءت أهمية الكندرة بعد إنشاء شارع الستين في جدة (الأمير فهد سابقا)، ليفصل الشارع بين الكندرة شرقا، وأحياء الصحيفة والعمارية غربا، وليجد سكان البيوت الشعبية من العائلات البسيطة في حينها، و«الموسرة» حاليا، أنفسهم وجها لوجه مع الفكر الاستثماري ومفردات التنمية.

من جهته، قال حسين باعقيل، عضو المجلس البلدي في جدة، لـ «الشرق الأوسط»، إن فكرة الأهالي شجعت على تبنيها، وأن تحسينا للواجهات، والتقليل من التلوث البصري، واحتمالية إنشاء ممرات للمشاة كلها في طور المناقشة، مشيرا إلى أن اجتماعات متلاحقة في الأيام الماضية تمت في هذا الخصوص للخروج بأفضل تصور ممكن للمنطقة التجارية في حي الكندرة.

الشاهد أن ما ظل يغنيه ويردده شباب وكبار الحي حتى اليوم من أن «الكندرة عاصمة جدة»، يبدو في أعين المجاورين للمنطقة التجارية، فرصة غنية بأن يعود وهج «الكندرة» وترتفع معنويات ساكنيها تحسبا لارتفاعات عقارية في الحي المكتظ بالسكان والبضائع والذكريات.