سلطان بن سلمان: تسلمنا السياحة السعودية «جمرة حارة» وحولناها إلى «فرصة حارة»

الهيئة العليا للسياحة تأمل في إحداث هيكلة فعلية لتطوير السياحة الوطنية العام الجديد

خطوات حثيثة لتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في قطاع السياحة («الشرق الأوسط»)
TT

شبه الأمين العام للهيئة العليا للسياحة في السعودية ما تحقق للسياحة الوطنية خلال السنوات الماضية بـ«جمرة حارة»، تم تحويلها إلى «فرصة حارة» مواتية لخير الوطن والمواطنين.

وبين الأمير سلطان بن سلمان، الأمين العام للهيئة العليا للسياحة، أن الهيئة تبني جميع برامجها لتهيئة السبل أمام المواطنين الذين يتمنون قضاء إجازاتهم داخل وطنهم، مؤكداً ثقته بأن يتم مطلع هذا العام تمكين الهيئة من التحرك بشكل أسرع عبر إقرار الأنظمة المتعلقة بالقطاع السياحي. معربا عن أمله في أن يكون هذا العام منطلقاً حقيقياً لإحداث النقلات السياحية المأمولة التي تتواكب وتطلعات القيادة، وتصب في وضع مصلحة المواطنين في مقدمة أولويات الأجهزة الحكومية.

وأوضح الأمير سلطان في اللقاء السنوي لمنسوبي الهيئة 1429هـ الذي عقد أول من أمس في الرياض، بعد أن نقل تحيات الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية رئيس مجلس إدارة الهيئة، لكافة منسوبي الأمانة العامة للهيئة وتقديره لما قاموا به من أعمال في العام المنصرم، وثقته بما سيحققون من إنجازات هذا العام، أن أجهزة السياحة في المناطق سيكون لها الأولوية في إحداث النقلة السياحية.

وقال: «اهتمامنا هذا العام وبتوجيه من رئيس المجلس سينصب على تعزيز دور مجالس وأجهزة السياحة في المناطق، وإتمام خطة نقل إدارة التنمية السياحية إلى المناطق، والسياحة منتج لا يدار مركزياً، بل تنطلق مبادرته وتنفذ أعماله من المناطق، وذلك ما عملت الهيئة عليه من خلال تشكيل مجالس التنمية السياحية، التي تضم تحت رئاسة أمير المنطقة أعضاء من القطاع الحكومي والخاص للعمل مع الهيئة على تنفيذ البرامج السياحية في المناطق».

وأوضح أن الشراكة مع الجهات الحكومية وإمارات المناطق والقطاع الخاص هو منهج تبنته الهيئة في تعاملها مع هذه الجهات، انطلق منذ تأسيس الهيئة وأقر من مجلس إدارة الهيئة التي كان يرأسها سابقا الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد، سعياً لتحقيق التكامل والتنسيق الكامل مع المؤثرين في التنمية السياحية، مؤكداً اعتزازه بما تحقق لهذا المنهج من نجاح، جعل العديد من الجهات تقتدي به وتتبناه في تعاملاتها، كما أبدى اعتزازه الكبير بالشركاء الذين حققت الهيئة معهم العديد من المنجزات، مؤكدا تطوير التعاون معهم لما يحقق تطلعات المواطنين وتوجيهات قيادة هذه البلاد.

وقال «نحن لا نستثمر في الموارد البشرية التابعة للهيئة فقط، بل نستثمر في شركائنا أيضا لأننا نؤمن بأن الوطن هو المستفيد الأكبر من تطوير الكفاءات البشرية القادرة على ترجمة الأفكار إلى أعمال، من دون تداخل في الصلاحيات أو انغلاق في المسؤوليات»، مستشهداً ببرنامج استطلاع التجارب السياحية الناجحة الذي نفذته الهيئة للعديد من أمناء المناطق ورؤساء البلديات، مؤكداً أن احترام التخصص والعمل على إعطاء كل جهاز حقه واختصاصه في المجالات، التي يشرف عليها، كلها أمور جعلت الهيئة لا تقر مشروعا أو ترفع نظاما إلا وقد أنهت دراسته وإقراره من الجهات ذات العلاقة، مثل مشاريع تطوير الوجهات السياحية على البحر الأحمر، ومشروع الحرف والصناعات التقليدية، والتمويل المالي للقطاعات السياحية وغيرها من الأنظمة والقرارات التنظيمية، التي رفعت للدولة بعد استكمال دراستها». وعد أمين عام الهيئة أن أحد أبرز منجزات الهيئة هو ما تحقق خلال السنوات الماضية من عمر الهيئة من تحولات إيجابية في النظرة العامة نحو السياحة من توجس أو تشكيك في إمكانية تحقيقها في المملكة، وما تبع ذلك من تنامي في الإقبال عليها والتعامل معها بكل ثقة من جميع فئات المجتمع ورسوخ في الثقة بها وبمستقبلها، مشبهاً ما تحقق بأنه «جمرة حارة الكل يتوجس من إمكانية نجاحها في بلادنا، تم تحويلها إلى فرصة حارة مواتية لخير الوطن والمواطنين، ومكسب كبير يمكن الاستفادة منها».

وأوضح أن الهيئة تولي مشروع تنمية القرى التراثية اهتماما خاصا ومركزا نظراً لما يمثله من مورد اقتصادي مهم يسهم في تنمية المناطق التي ينفذ فيها، ويوجد فرص عمل لأبناء تلك المناطق، إضافة إلى قيمته الثقافية التي لا تخفى، منوهاً بتعاون الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأهالي الذي تحقق في مشاريع المرحلة الأولى التي انطلقت العام الماضي وتشمل: البلدة القديمة في الغاط، وقرية رجال المع، وقرية ذي عين، وبلدة جبة، وبلدة العلا القديمة.

وقال إن الهيئة وبالتعاون مع وزارة المالية وصندوق الاستثمارات العامة بدأت بدراسة الجدوى من تأسيس منظومة من الفنادق التراثية لتشغيل القصور والمواقع التراثية، على غرار ما يحدث في عدد من دول العالم بطريقة رسمية تسهم في المحافظة على التراث العمراني الوطني العظيم، ليكون متاحا للمواطنين، وتساعد الإيرادات الناتجة عن ذلك في تغطية نفقات صيانة وتشغيل هذه المواقع. وأشار إلى أن الطلب العالي على الخدمات السياحية من قبل المواطنين وكذلك المستثمرين يؤمل أن يواكبه سن عدد من القوانين الكفيلة بتطوير هذا القطاع ولم شتاته، وذلك ما سبق وأكده في مناسبات آخرها لقاؤه الأخير في مجلس الشورى، الذي عرض فيه سلسلة من التشريعات التي يحتاج لها القطاع لينمو، مذكراً بأهمية إحداث نقلة شاملة في مستويات الإشراف والرقابة على الخدمات السياحية وكذلك الحاجة إلى إيجاد سبل لحفز المستثمرين على الدخول في المشاريع السياحية، بما يحقق الفائدة للسياح الذين يتمنون أن يجدوا في بلادهم الخدمات المتميزة التي يستحقونها، والتي تليق باسم ومكانة السعودية.

وأشار الأمير سلطان إلى أن الهيئة تعمل حالياً على فحص وتقييم العروض المقدمة من المطورين لمشروع تطوير العقير بمحافظة الإحساء كأول وجهة سياحية كبرى في المملكة، التي أقرها المجلس الاقتصادي، مؤملاً سموه الإعلان عن تطوير وجهات سياحية أخرى على سواحل البحر الأحمر خلال الأشهر المقبلة. وقال بأن مشروع العقير هو باكورة مشاريع تطوير الوجهات السياحية، وأن الهيئة تعمل على تحقيق طموح القيادة العليا للمملكة لجعل الاستثمار في الوجهات والمواقع السياحية جاذبا لرؤوس الأموال ومولدا لفرص العمل الحقيقية في جميع مناطق المملكة، وملبيا للطلب العالي في المملكة على الوجهات السياحية المتكاملة.

ورحب بمسؤولي قطاع الآثار والمتاحف الذي اكتمل انضمامه فعليا للهيئة مع بداية هذا العام، وقال بأن التأخر في ضم الآثار والمتاحف أثر سلبا على الآثار الوطنية، وأن الهيئة تواجه العديد من التحديات للمحافظة على آثارنا وتراثنا العمراني، ولن يتم ذلك إلا بالتعاون الوثيق مع أجهزة المناطق والبلديات والمواطنين، وتوفير الموارد المالية والبشرية التي يحتاجها تطوير هذا الإرث الحضاري الكبير الموجود في بلادنا والمحافظة عليه، لافتا إلى أن الهيئة قد أعدت إستراتيجية لتطوير قطاع الآثار والمتاحف وخطة تنفيذية مدتها خمس سنوات تبدأ عام 1429هـ تتضمن جميع مشاريع التطوير الخاصة بالآثار.

وقال بأن العام الماضي كان عام التميز الإداري في الهيئة، حيث حصلت على شهادات الآيزو نظير التزامها بتطبيق المعايير القياسية في التعاملات الإدارية، وذلك وفقا لخطتها الرامية إلى تحقيق التميز في كافة الأنشطة (التخصصية والإدارية) وبناء ثقافة مؤسسية متميزة وريادية على مستوى القطاعين العام والخاص.

وذكر أمين عام الهيئة أن الهيئة ستواصل خلال العام الحالي تنفيذ خطتها الإستراتيجية في التميز الإداري والتي تشتمل، على إكمال تطبيق نظام الجودة العالمي للفترة القادمة على قطاع الاثار والمتاحف وأجهزة المناطق، بعد أن تم تطبيقه على جميع قطاعات وإدارات الهيئة. وتابع: إننا لا نقبل أن يكون كل فرد من منسوبي السياحة والآثار إلا بالمستوى الذي يعكس طموحات القيادة العليا لتطوير منسوبي الأجهزة الحكومية، وأن شهادة الآيزو هي شهادة على اهتمامنا بالتطوير الإداري والبشري بشكل خاص. وأضاف: ننظر إلى كل واحد من منسوبي الهيئة كقيادي تستثمر في تدريبه وتطويره، وتؤكد على أنه مؤتمن على خدمة الوطن والمواطنين، كما أن الهيئة قامت بمراجعة أوجه القصور في أداء بعض موظفيها للعام الماضي، وقامت بتقييم أدائهم من هذا المنطلق، وبطريقة تهدف إلى تحسين أدائهم وبما ينعكس على أداء الهيئة ككل.

وكشف أمين عام الهيئة العليا للسياحة أن الهيئة تعمل حاليا على تسجيل تجاربها الإدارية في كتابين، أولهما عن «قصة تطوير السياحة الوطنية» والآخر حول «تجربة الهيئة في التطوير الإداري» والعمل بمفهوم الشراكة والمبادرات في المؤسسات الحكومية.

وأكد احترام الهيئة وبشكل دائم للنقد البناء، سواء كان مباشرا أو في وسائل الإعلام، وأنها لا تتعامل مع النقد من منظور الدفاع، بل من منظور تصحيح المعلومة والاستفادة من النقد والرأي الآخر للمصلحة العامة. وكان اللقاء السنوي للهيئة قد تضمن عرضا من نواب ومساعد الأمين العام للهيئة وأجهزة المناطق لما حققته قطاعاتهم من إنجازات خلال العام الفائت وخططهم ومشاريعهم للعام الجديد، وتم خلاله مراجعة أوجه القصور في الأداء خلال العام المنصرم وتقييم ذلك واستعراض خطط وحلول العام الجديد، كما تم خلال اللقاء تكريم الموظفين المميزين في الهيئة العام الماضي.