البروفيسور تشون فونغ تشي.. «فارس فرنسي» شغوف بالبحث العلمي

أول رئيس مؤسس لجامعة الملك عبد الله يسعى لتكرار نجاح تجربة جامعة سنغافورة

TT

ليست المرة الأولى التي تسبق كلمة «أول» اسم البروفيسور تشون فونغ تشي، مدير جامعة سنغافورة الوطنية السابق، إلى جانب قائمة طويلة من المناصب العلمية والبحثية يتقلدها فونغ، الذي وقع عليه الاختيار ليكون أول رئيس مؤسس لجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية والبالغ من العمر 63 عاماً قضى الشطر الأكبر منها وهو يجمع الألقاب العلمية والفخرية عرضاً في مسيرة علمية تؤمن بالبحث العملي وأهميته إلى أبعد الحدود.

ففونغ سبق له أن كان أول سنغافوري ينتخب عضوا مشاركاً أجنبياً في الأكاديمية الوطنية الأميركية للهندسة، وهو أول متلق من منطقة آسيا لجائزة القيادة، التي يمنحها مجلس تطوير ودعم التعليم لكبار المسؤولين التنفيذيين، وهي منظمة عالمية يشترك في عضويتها أكثر من 3000 مؤسسة تعليمية منحت له عام 2007، وهو أيضاً عضو فخري أجنبي في الأكاديمية الأميركية للفنون والعلوم. كما أنه «فارس» فرنسي بناءً على مرتبة «فرقة الشرف» الفرنسية التي منحت له.

رحلة فونغ العلمية التي بدأها في مسقط رأسه (سنغافورة)، وتابع فيها مراحله الدراسية الأولى حتى حصل على شهادته الجامعية الأولى من كليتها التقنية، ليقضي بعدها قرابة 30 عاماً في الولايات المتحدة، متمماً مشواره العلمي في جزء منها، وباحثاً علمياً طوال هذه الفترة، وقضى شطراً طويلا منها في أروقة جامعة هارفارد، ليحصل على درجة الماجستير، وبعدها الدكتوراه، وليعمل باحثاً فيها.

وشغل فونغ منصب رئيس مجموعة أبحاث التصدع في مختبر أبحاث شركة جنرال إلكتريك لمدة 7 أعوام، لم يلبث بعدها أن عاد إلى مجاله الأكاديمي، وعمل أستاذاً محاضراً بجامعة براون، ثم عاد إلى موطنه الأصلي ـ بعد غياب دام 30 عاماً ـ وليشغل هذه المرة منصب نائب للرئيس للشؤون التعليمية والمالية والإدارية بجامعة سنغافورة الوطنية، ليصبح بعدها رئيساً للجامعة.

عمل فونغ الأبرز كان إبان شغله منصب رئيس جامعة سنغافورة الوطنية، حيث عمل على تحويل هذه الجامعة إلى مؤسسة علمية رفيعة المستوى تركز جهودها بشكل أساسي على مضمار البحث العلمي، وهي شهرة طيبة وعالمية اكتسبها فونغ ليصبح باحثا وأكاديميا شغوفا بالبحث العلمي، يرأس جامعة أصبحت في عهده إحدى كبريات جامعات الأبحاث حول العالم.

هذه السمعة الحسنة، إلى جانب مساهمته الفاعلة في تحفيز البحث العلمي في أماكن أخرى جعلته المرشحَ الأكثرَ حظاً للحصول على لقب الرئيس (الفخري لاتحاد جامعات المحيط الهادئ) الذي يضم 37 جامعة أبحاث كبرى، على امتداد المحيط الهادئ والذي أنشئ على مثال اتحاد الجامعات الأميركية المرموقة، كما يرأس البروفيسور فونغ مجلس الإشراف على المعهد العالمي لاتحاد جامعات المحيط الهادي، وهو معهد الدراسات المتقدمة يسعى لمعالجة القضايا العلمية والاجتماعية والاقتصادية التي تهم العالم، وهو أيضاً عضو مجالس الإشراف لعدة اتحادات جامعات، منها يونيفيرسيتاس 21 والتحالف الدولي لجامعة الأبحاث. وكان البروفيسور مونغ أحد القوى المحركة الرئيسية في تشكيل التحالف الدولي لجامعات الأبحاث الذي يضم عشر جامعات من جامعات الأبحاث الكبرى في العالم تنتشر في أربع قارات. كما عمل أيضاً عضواً في عدة لجان على المستوى الوطني بسنغافورة، وهو رئيس مجلس الإشراف على تحالف جامعة سنغافورة ومعهد ماستشوستس للتقنية، وعضو اللجنة التنفيذية لمجلس التنمية الاقتصادية وهو عضو مؤسس في مؤسسة سنغافورة الدولية، وعضو مجلس إدارة مؤسسة الأبحاث الوطنية التي يرأسها نائب رئيس الوزراء السابق الدكتور تولي تان.

وخلال الفترة من 2002-2003 عمل البروفيسور مونغ عضواً في لجنة المراجعة الاقتصادية التي يرأسها نائب رئيس الوزراء الأسبق لي حسين لونغ، والتي وضعت استراتيجيات واسعة النطاق لتحسين قدرة سنغافورة التنافسية العالمية.

النشاط والحيوية التي يتمتع بها فونغ ـ رغم بلوغه الستين ـ وخبرته الطويلة في مجال الإدارة الأكاديمية، وشهرته بكونه صاحب رؤية فذة في مجال تطوير المؤسسات العلمية لتكون أكثر قدرة وتركيزاً على البحوث، كلها صفات تتسق مع رؤية جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي كان فونغ ـ قبل تنصيبه رئيساً مؤسساً لها، واحداً من ضمن 10 خبراء عالميين يشكلون لجنتها الاستشارية، ورؤاه العلمية وتوجهاته في مجال الإدارة الأكاديمية تتفق بشكل كامل مع شخصية الجامعة الفتية التي تسعى لتكون جامعة مستقلة ومؤسسة قائمة على الجدارة وتعتمد أفضل الممارسات المتبعة في جامعات بحثية رائدة لتمكين صفوة الباحثين من أنحاء العالم وكل الثقافات من العمل معاً لإيجاد الحلول المناسبة للتحديات العلمية والتقنية، التي ستسهم في دعم المواهب المختلفة سواء داخل الحرم الجامعي أو في الجامعات والمؤسسات البحثية الرائدة الأخرى من خلال اتفاقيات للتعاون البحثي والهبات والمنح الدراسية للطلاب أعلنت عنها الجامعة فور تأسيسها وهو نموذج يتسق مع خبرة فونغ.

تجدر الإشارة إلى أن فونغ له إسهامات مهمة في مجال ميكانيكات التصدع غير الطولي، وطرق استخدام الحاسب في تحليل التصدع، ونشرت له نحو 150 مقالة في كبريات المجلات الأكاديمية تضاف إلى رصيده، وهو من بين أشهر الباحثين الذين يستشهد بأعمالهم في العالم في التقارير الهندسية التي يعدها معهد البيانات العلمية، وهو يعمل إلى جانب أعماله الكثيرة مستشاراً لإدارة علوم الطيران والفضاء الوطنية (ناسا) ومختبر أوك ردج الوطني والهيئة التنظيمية النووية وغيرها من الجهات، وهو عضو اللجنة الزائرة لقسم علم وهندسة المواد المنبثقة عن مؤسسة معهد ماساتشوستس للتقنية.