أقسى موجة «صقيع» تهاجم المزروعات السعودية.. و«الزراعة» تؤكد عدم وجود إحصائية تحدد حجم الضرر

توقعات بارتفاع أسعار الخضروات والفواكه في الأسابيع المقبلة لانخفاض الكميات المعروضة

أسواق الخضروات والفواكه ينتظرها ارتفاع كبير في الأسعار خلال الأيام المقبلة (تصوير: إيمان الخطاف)
TT

تزامناً مع الانخفاض الكبير في درجات الحرارة ووصولها في بعض المناطق السعودية لما دون الصفر، توقع مختصون في الشأن الزراعي أن تكون المحاصيل الزراعية السعودية قد تعرضت لأقسى موجة صقيع لم تواجه مثلها منذ سنوات طويلة، خاصة في المزارع الواقعة في المناطق الشمالية والوسطى، بصفتها أكثر المواقع المهددة بحرق أطنان ضخمة من المزروعات التالفة بسبب الانخفاض الكبير في درجات الحرارة.

ويوضح حسين أبو عبد الله، تاجر خضراوات في المنطقة الشرقية، لـ«الشرق الأوسط» أن المشكلة التي تواجه تجار السوق في هذه الفترة تكمن في عدم توفر الكميات الكافية من المزروعات لمواجهة احتياج المستهلك، مرجعاً ذلك لتبعات موجة الصقيع في المناطق التي يتم الاستيراد منها، ومتوقعاً أن تلقي بظلالها على السوق بشكل واضح خلال الأيام القليلة المقبلة.

وفي تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» حول أضرار موجة الصقيع الأخيرة، أكد فهد آل ساقان، مدير عام إدارة وقاية المزروعات في وزارة الزراعة السعودية، أنه حتى الآن لا توجد احصائية لحجم الأضرار على المحاصيل الزراعية، مضيفاً بأن ذلك يعتمد على ورود شكاوى للجهة المختصة من المزارعين المتضررين وقيام لجان مختصة بتقدير هذه الأضرار وفق ضوابط معينة ولائحة خاصة تنظم اجراءات صرف المساعدات الحكومية للمتضررين، فيما أكد بأن دور الوزارة يقتصر على المشاركة في لجان التقدير عند تشكيلها.

وحول أنواع المحاصيل الزراعية الأكثر عرضة للتلف جراء الانخفاض الكبير في درجات الحرارة، أوضح مدير عام إدارة وقاية المزروعات بأن المحاصيل الزراعية الأكثر تضرراً من موجة الصقيع هي الفواكه والخضراوات المكشوفة والحبوب والأعلاف وقت إزهارها.

من جانبه، قال المهندس جابر الشهري، مدير عام فرع وزارة الزراعة بمنطقة مكة المكرمة، في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» أنه لا وجود لضرر واضح لموجة الصقيع الأخيرة على المزارع والمزارعين في منطقة مكة المكرمة، مرجعاً ذلك لكون المنطقة بعيدة عن تأثير الانخفاض الكبير في درجات الحرارة الذي شهدته باقي المناطق السعودية، فيما عدا مدينة الطائف، الذي أوضح أنها تأثرت بالانخفاض الأخير في درجات الحرارة.

وفيما يتعلق بأسعار المحاصيل الزراعية جراء موجة الصقيع، توجهت «الشرق الأوسط» إلى الدكتور سعد بن عبد الله الخليل، مدير عام إدارة التسويق الزراعي في وزارة الزراعة السعودية، الذي أوضح بقوله: إنه على الرغم من أن أسعار الخضراوات والفواكه لا تزال في مستويات منخفضة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، إلا أنه من المتوقع ارتفاع الأسعار في الأسابيع المقبلة بسبب انخفاض الكميات المعروضة في الأسواق المحلية نتيجة تأثر الزراعات المكشوفة في مناطق الانتاج بموجة الصقيع التي مرت بها المملكة في الأيام الماضية.

واستشهد الدكتور الخليل بأسعار الطماطم، مفيداً بأنه لا تزال أسعار عبوة 10 كجم منها تباع بسعر 8 ريالات في أسواق الجملة بالرياض، بينما بلغ متوسط سعر التجزئة 2 ريال للكيلو جرام في أسواق الربوة بمدينة الرياض، بينما خلال نفس الفترة من العام الماضي كانت عبوة 14 كجم تباع بسعر 45 ريالا وبلغ متوسط سعر التجزئة لنفس المحصول وفي نفس الفترة 6 ريالات. موضحاً أن هذه الفوارق تنطبق على البطاطس والخيار والكوسة وإنما بدرجات مختلفة.

وأردف مدير إدارة التسويق الزراعي بأن المتتبع للوضع في الأسواق السعودية يرى أن موجة الصقيع العام الماضي واكبت فترة الحج وكانت الواردات من الخضراوات شحيحة مما نتج عنه الارتفاع في الأسعار بصورة حادة، بينما هذا العام أتت موجة الصقيع بعد فترة الحج، والواردات من الدول المجاورة، خاصة تركيا وسورية مستمرة. في حين توقع ارتفاع أسعار بعض أنواع الخضراوات، خاصة تلك التي تزرع في مساحات مكشوفة مثل الطماطم والبطاطس خلال الأسابيع المقبلة، مرجعاً ذلك لكون موجة الصقيع سوف يكون لها تأثير سلبي على الإنتاج المحلي والمستورد أيضا.

وفيما يتعلق بالتصدير، توقع الدكتور الخليل ارتفاع أسعار البطاطس، خاصة تلك التي يتم تصديرها لدول الخليج، أما الخضراوات الأخرى التي تزرع في البيوت البلاستيكية (الزراعات المحمية) فأوضح أنها لن تتأثر كثيراً وسوف يكون الارتفاع في الأسعار غير ملموس. مضيفاً بأنه إذا ما استمرت موجة الصقيع لفترة أطول فإنه من المتوقع أن تتأثر حتى الزراعات المحمية، حيث ينخفض انتاجها بنسبة 50 في المائة وبالتالي يزيد الطلب على العرض وترتفع الأسعار.

وفي ذات السياق، ينصح المختصون كافة المزارعين في مثل هذه الأوضاع باعتماد زراعة البيوت المحمية البلاستيكية كونها الخيار الأفضل في ظل الانخفاض المتزايد لدرجات الحرارة، خاصة أن أحد أحدث التقارير الزراعية كان قد كشف أن الزراعة المحمية تساهم في تخفيض استهلاك المياه بنسبة 60 في المائة مقارنة بالزراعة المكشوفة، إلى جانب تقليصها حجم الخسائر الزراعية الكبيرة الناجمة عن التغيرات المفاجئة في الأحوال الجوية.