ملتقى آفاق العلاقات العامة الثالث في جدة يستلهم تجربة وزارة الداخلية

بشر بعهد صناعة العلاقات المتكاملة

TT

للعام الثالث على التوالي، احتضنت جدة يوم أمس فعاليات ملتقى آفاق العلاقات العامة الثالث بفندق الهيلتون وبمشاركة فاعلة لأكثر من 400 ضيف ومشارك من الأكاديميين، والعاملين بقطاع العلاقات العامة، أو المهتمين به، واتسمت جلسات اليوم الأول للمنتدى الذي يستمر حتى 29 يناير (كانون الثاني) الجاري، بقوة أوراق العمل المقدمة فيها، والمضمون العلمي القيم المدعم بخبرات ناجحة جداً عرضها المتحدثون ولاقت اهتماماً بالغاً من قبل الحضور.

إلا أن الأطرف والأكثر إثارة بين الحضور كان اللغط الذي أثاره مصطلح «السياسة الانبطاحية» وهو التعبير الذي اعتذر عنه كثيراً قبل ذكره والإشارة إلى شيوع استخدامه في أوساط العاملين بمجال العلاقات العامة، الدكتور عبد العزيز المقوشي، مساعد المدير العام للشؤون الثقافية والإعلامية بمؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية.

وتعني «سياسة الانبطاح» بحسب الدكتور المقوشي، اقتصار مهمة إدارة العلاقات العامة في الشركات والمؤسسات على القيام بأعمال وأعباء المعقب، أو موظف السكرتارية من قبيل الرد على الهاتف، وإرسال وتلقي الفاكسات، ومرافقة المسؤول الأعلى في الشركة أو ضيوفه كحاشية، وفي بعض الأحيان حمل حقيبته، وهي الصورة النمطية لرجل العلاقات العامة في معظم الشركات والمؤسسات داخل السعودية، والتي أجمع الحضور على اعتبارها أنموذجاً سلبياً غير مجد يخسر حالياً على يد الجيل الجديد من مزاولي المهنة الأكثر احترافاً والتزاماً بمعايير إبداعية ومجدية أكثر على صعيد تحقيق الأرباح، وهو الأمر الذي يتطلب بالمقابل مزيدا من التقدير لهذه الإدارة وإشراكها بشكل أساسي ورئيسي في كافة الخطط الاستراتيجية للمنشآت والشركات وفي مراحل الإعداد والتنفيذ، فلن يصلح أبرع مسؤولي العلاقات العامة ما تفسده الممارسات الإدارية الخاطئة والسمعة المعطوبة كما أجمع الحضور.

وكانت الجلسة الأولى قد أعلنت بوضوح ومن خلال كلمات المتحدثين فيها بأن عصر «السياسات الانبطاحية» في ممارسة العلاقات العامة قد شارف على الانتهاء، وأكد رئيس جمعية العلاقات العامة الدولية فيصل الزهراني، في كلمته بأن الحقبة المقبلة ستكون حقبة علاقات عامة بامتياز، حيث انتقلت بالفعل إلى درجة أعلى، وأصبحت صناعة قائمة بذاتها تمتلك المقومات الكفيلة بإنجاحها وتخصيصها.

وكانت جلسات اليوم الأول من الملتقى قد استهلت بحديث مطول عن قيمة برامج العلاقات العامة في تحسين الصورة الذهنية للشركات والمؤسسات، أكد فيه الدكتور سعود المصيبيح الكاتب والباحث الإعلامي، والخبير في العلاقات العامة بأن هنالك غيابا كبيرا بالنسبة لإدارة العلاقات العامة وعملها في الدوائر الحكومية، وهي تحتاج إلى تبني برامج جادة والبعد عن السياسات الانبطاحية التي أشار إليها المقوشي، مستلهماً تجربته في إدارة العلاقات العامة بوزارة الداخلية السعودية التي تعاملت مع الأحداث الإرهابية التي عصفت بالمملكة في مرحلة من المراحل بطريقة أسهمت في إظهار صورتها الحقيقية المتمثلة بنبذ العنف والتعريف بمساوئه، والتوجيه إلى الحوار، مشيراً إلى الدور الذي لعبه الإعلام في هذه المسألة ولافتاً إلى تخوف العديد من الإدارات من التعامل مع الإعلام على الرغم من أنه أداة قوية وصورة إيجابية لتحسين الصورة الذهنية للمؤسسة خارجياً وداخلياً.

وتوقف المقوشي مرة أخرى عند مسألة التخصص والدراسة لتظهر حسبة بسيطة مرتجلة في القاعة بأن أكثر من نصف المشاركين في الملتقى إناثاً وذكوراً لم يتخصصوا في مجال العلاقات العامة، وهو الأمر الذي أجمع الحضور في نهاية الأمر على أنه ليس ضرورياً بقدر الشخصية الآسرة، وحب المهنة، والموهبة.

ثم تناولت بقية الجلسات تباعاً قضايا مهمة في صناعة العلاقات العامة من قبيل قيمة برامج العلاقات العامة في زيادة الولاء لدى الجمهور الداخلي للمنشآت، وكيفية قياس قيمة العلاقات العامة، بواسطة معايير خاصة، في حين استعرضت الجلسة الأخيرة أمثلة حية لنماذج إبداعية في برامج العلاقات العامة من شركة المراعي، ومن الغرفة التجارية الصناعية بجدة.