وزير العمل يقطع الطريق أمام الشورى: هل سنظل ندرس عمل المرأة طيلة العمر؟

أعلن أنهم بصدد اعتماد هيئة للتقويم الفني ستتأكد من صلاحيات العمال السعوديين والأجانب للعمل

مجلس الشورى خلال احدى جلساته («الشرق الأوسط»)
TT

قطع الدكتور غازي القصيبي وزير العمل السعودي أمس، الطريق أمام مجلس الشورى الذي قرر الأسبوع الماضي إجراء دراسة حول عمل المرأة، بقوله: «هل سنظل ندرس عمل المرأة طيلة العمر؟».

وذكَّر القصيبي رئاسة وأعضاء مجلس الشورى خلال حضوره لجلسة قررت لمناقشته، بتفصيلات دراسة عن عمل المرأة رأت النور قبل أكثر من 20 عاما، حينما خلص مجلس القوى العاملة لعدد من القرارات التي تدفع باتجاه توظيف نساء بلاده، وفق شروط شرعية واجتماعية ملائمة.

وكان مجلس الشورى السعودي، قد قرر الأسبوع الماضي، إجراء دراسة حول عمل المرأة في السعودية، فيما دعا أحد أعضاء المجلس أمس، إلى عرض هذا الموضوع على مجمع الفقه الإسلامي لإصدار التوصيات التي تخدم وتسهل عملية توظيف المرأة السعودية.

وأبدى الدكتور غازي القصيبي، حرصه الشديد على ملاءمة عمل المرأة لطبيعتها على نحو أقرته الشريعة الإسلامية. وقال: «يجب أن يعلم الجميع أن شرف المرأة السعودية، شرف لنا جميعا، وما يمسها يمسنا جميعا، وعفافها عفاف لنا جميعا».

وبحسب إحصاءات رسمية، فإنه يوجد أكثر من 148 ألف سيدة سعودية تبحث عن عمل، فيما كشفت الإحصاءات الصادرة عن مصلحة الإحصاءات العامة، عن وجود 280 ألف عاطل عن العمل من الذكور، 90 في المائة منهم لا يملكون مؤهلا.

ولم يؤيد وزير العمل السعودي، مقترح الدكتور عبد العزيز العريعر عضو المجلس، الذي تحدث عن ضرورة صرف مكافأة مالية مقطوعة للعاطلين عن العمل الذين يبحثون عن وظائف. وقال القصيبي: «هذا الأمر سيدفع بالعاطلين إلى التواكل، وأنا ضده».

غير أن العريعر قال لـ«الشرق الأوسط»: إنه يخالف وجهة نظره، وأن على الحكومة أن تتكفل بتوفير الحياة الكريمة للعاطلين الجادين في البحث عن عمل، حتى يتسنى لهم الالتحاق بوظيفة ما».

وفيما أعلن الوزير القصيبي، عن انخفاض نسبة البطالة في بلاده، مستندا بذلك إلى ما عكسته الإحصاءات التي تتابعها وزارته بشكل دوري، وذكر أن وزارة العمل أنهت أخيرا مشروع استراتيجية وطنية للتوظيف، حيث تم رفعها للمجلس الاقتصادي الأعلى، تمهيدا لإقرارها.

وحفلت جلسة مناقشة وزير العمل السعودي في مجلس الشورى أمس، بأكثر من 20 مداخلة، حملت قرابة الـ100 سؤال، فيما اشتغل المجلس بمناقشة الوزير طيلة 4 ساعات.

وقال الدكتور خليل الخليل في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، ان جلسة مناقشة الوزير القصيبي، اتسمت بالصراحة والمتعة، لافتا إلى أن الوزير كان يبحث عن الأفضل من خلال مكوثه هذا الوقت الطويل تحت القبة، وكان حريصاً على الاستفادة الكاملة من آراء ورؤى أعضاء المجلس. وتحت شعار «إدمان الاستقدام»، عبَر وزير العمل السعودي عن استيائه من مجتمع بلاده، الذي قال انه أدمن هذه العادة، في الوقت الذي حذَر فيه من مغبة أن يتهدد الأمن والاقتصاد الوطني، بزيادة الاستقدام.

وقال القصيبي، ان وزارته تعمل على إيجاد إجراءات للحد من الاستقدام من بعض البلدان التي اشتهرت عمالتها بكثرة الجرائم المرتكبة، فيما أنها تسعى أيضا لوضع نسب معينة تأخذ بالاعتبار عدد سكان الدولة المستقدم منها.

ونادى وزير العمل السعودي، بأهمية تحديد إقامة العمالة الأجنبية في بلاده خصوصا، ودول الخليج بشكل عام. وقال ان تجاهل هذا الأمر، قد يفرض علينا استحقاقات تفرضها الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها بلاده.

وأضاف: «لا نريد أن يأتي اليوم الذي يفرض فيها علينا أن يكون للعمال تمثيل في برلماناتنا ومجالسنا البلدية». واستعرض القصيبي أمام مجلس الشورى، قصة حدثت لأحد نظرائه الخليجيين، حينما قال له وزير آسيوي، «قد يأتي اليوم الذي يكون لمواطنينا مكان ما في برلماناتكم».

ويواجه القصيبي، بانتقادات كبيرة من بعض رجال الأعمال الذين يشتكون من سياسة ترشيد الاستقدام التي تتبعها وزارته. وسرد في جلسة يوم أمس، فحوى شكوى رفعها أحد المواطنين عليه للملك عبد الله بن عبد العزيز، قال فيها «لقد كان غازي القصيبي اسماً على مسمى، فقد غزانا وقصب أرزاقنا».

ولا يقتصر دور وزارة العمل في الحد من الاستقدام. وقال غازي القصيبي في هذا الإطار ان وزارته «تعمل على تجفيف منابع العمالة السائبة عبر الحد من عدد التأشيرات المطلوبة، وإن العمالة الموجودة الآن في الشوارع إما هاربون أو أنهم موجودون من قبل أن تتسلم الوزارة مهام التأشيرات الجديدة».

وفي جانب آخر، أعلن وزير العمل السعودي أن الوزارة بصدد اعتماد هيئة للتقويم المهني والفني، حيث لن يمر أي عامل سعودي، أو مستقدم للعمل في القطاعات الفنية أو الصيانة إلا بعد إجراء اختبارات مهنية تبين مدى صلاحيته للعمل، على حد قوله.

وتوقع في المقابل، أن يصل أعداد المشتركين في التأمينات الاجتماعية، إلى 10 ملايين مشترك، خلال السنوات المقبلة. وقال إن الوزارة «لن تعمل على أي تغيير في النظام الحالي للتأمينات الاجتماعية بل ستعمل على إيجاد استثمارات جديدة تؤمن دخولاً مالية ثابتة وآمنة، كما تخدم المجتمع والمواطن في ذات الوقت».

وتعهد القصيبي في شأن داخلي يخص وزارة العمل، بأن تحمل السنة المالية الحالية، شغر جميع الوظائف الشاغرة في وزارته، لافتا إلى أن الوزارة سيكون بمقدورها «متابعة توظيف السعوديين ومتابعتهم الكترونياً».