دراسة: 50 مبنى منفردا و64 قرية صالحة للاستثمار السياحي

تسهم في استدامة التنمية وتشجع على إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة

الحمام التركي القديم في الشرقية
TT

أشارت دراسة تابعة للهيئة العليا للسياحة صدرت أخيراً، إلى وجود عدد من المباني الأثرية في السعودية مملوكة يبلغ عددها نحو 50 مبنى منفردا أو على شكل مجموعات ذات جدوى اقتصادية في حال استثمارها. وذكر الدكتور صلاح البخيت نائب الأمين العام للاستثمار، لـ«الشرق الأوسط» بأن الهيئة تسعى لتحويل المباني الأثرية والتراثية إلى مواقع إيواء وضيافة سياحية، عبر مشاركة القطاع الخاص على غرار ما يحدث في عدد من دول العالم، وذلك بأسلوب يحافظ على بقائها، ويجعلها مورداً اقتصادياً، ومصدراً لفرص العمل، ووعاء لنشاطات متنوعة من المنتجات السياحية. وقال نائب الأمين العام للآثار والمتاحف الدكتور علي الغبان، أنه يتوفر في السعودية عدد كبير من المباني الأثرية والتراثية المملوكة للدولة والتي قامت الدولة بترميمها ولم يتم توظيفها وإعادة استخدامها، مضيفا انه تم حصر أكثر من 50 مبنى منفردا، أو على شكل مجموعات صالحة لهذا النوع من الاستثمار، وجميعها يدخل في دراسة الجدوى.

وأشار الغبان، إلى أن فريق العمل يقوم حالياً بزيارات ميدانية لاستطلاع المباني التراثية المستهدفة، بمشاركة عدد من الخبرات المحلية من جامعات السعودية ومن دارة الملك عبد العزيز من ذوي الاختصاص في السياحة والآثار والتنمية العمرانية. وأبانت الدراسة الصادرة عن الهيئة، أن استثمار المباني والمعالم الأثرية والتراثية يسهم بشكل إيجابي في استدامة التنمية ويشجع على إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يعود بالنفع على السكان والمستثمرين، وأوصت بتأهيل أنواع معينة من المباني الأثرية والتراثية وتنميتها اقتصادياً.

وكانت الهيئة العليا للسياحة، قد انتهت من المرحلة الأولى، من الدراسات الخاصة، لبرنامج تطوير وإعادة تأهيل الأسواق الشعبية القائمة في بعض مناطق السعودية، وذلك بالتعاون مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، حيث شملت الدراسة: سوق الخوبة في جازان، وسوق الثلاثاء في المخواة، وسوق محايل عسير الشعبي، وسوق الخميس في القطيف.

وقد بلغت تكلفة الدراسات التطويرية للمرحلة الأولى من المشروع 750692 ريالا، حيث تكفلت الهيئة بدفعها على أن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية تنفيذ المخططات التطويرية على الطبيعة، حيث يعود تبني الهيئة لهذا المشروع إلى اقتناعها بأن الأسواق الشعبية تعد ركيزة مهمة في تنمية السياحة في السعودية.

وقد بدأت الهيئة اهتمامها بهذا المشروع من خلال المسح الميداني الذي قامت به لحصر المواقع السياحية والثقافية في مناطق السعودية، حيث اكتشفت أن معظم تلك الأسواق تواجه الكثير من الصعوبات والمعوقات للحفاظ على طابعها الثقافي والتراثي والسياحي، وحصرت تلك المعوقات في اختفاء الصورة الذهنية وظهور مبان حديثة للأسواق الشعبية، وتداخل الأنشطة مع السيارات والمشاة واختفاء بعض الأنشطة المميزة للأسواق، وعدم وجود مواقع واضحة وخاصة للحرفيين وتحديد نشاط السوق في يوم معين. ويهدف المشروع، إلى تطوير وتحسين بيئة السوق وحل مشاكل التخطيط للأسواق القائمة وإعداد مخططات تطويرية للأسواق والمناطق المحيطة بها وتحفيز الاستثمار في الأسواق الشعبية. وقد تم اختيار أربعة أسواق للمرحلة الثانية من المشروع هي سوق ظهران الجنوب في منطقة عسير، وسوق النعيرية في المنطقة الشرقية، وسوق حائل الشعبي، وسوق القوز بمنطقة مكة المكرمة، وقد أرست الهيئة تخطيط وتصميم تلك الأسواق على أحد المكاتب الاستشارية لتسليمه بعد ذلك لوزارة الشؤون البلدية والقروية لتنفيذه.

وكانت الهيئة العليا للسياحة، قد تبنت ضمن خططها السياحية والتراثية، برنامج القرى التراثية في السعودية ، وذلك بغرض إيجاد مورد مالي يساهم في تنمية المجتمعات المحلية في المحافظات والمدن والقرى لتقوية روح التكافل بين أفرادها من خلال تنمية الخدمات وتشجيع الاستثمار السياحي، وكذلك إيجاد فرص عمل جديدة لتوظيف فئات المجتمع المحلي وزيادة دخلهم، ورفع معدلات الإنفاق الداخلي للسياح. ويأتي اهتمام الهيئة بهذا البرنامج انطلاقا من أهمية القرى التراثية كوعاء لإقامة الفعاليات الثقافية والتراثية، وذلك من خلال استطلاعها لعدد من التجارب العالمية، في بلدة سان همنيانو في إيطاليا التي يزورها سنويا قرابة 3 ملايين سائح من جميع أنحاء العالم، ومدينة فاس التي تعد إحدى أهم مواقع السياحة الثقافية في المغرب، وقرية طيبة زمان الواقعة جنوب الأردن بالقرب من البتراء.

كما أكدت الدراسات الدولية، على أهمية توفير التمويل اللازم لدعم السكان للقيام بأنشطة مهنية وثقافية في القرية وبناء الخدمات الأساسية التي تشجع الزوار والسياح لزيارة تلك الأماكن حتى يمكن الاستفادة من القرى والمباني التراثية. وقالت الهيئة العليا للسياحة، إن البرنامج سوف يساهم في إعادة وتأهيل وتوظيف القرى التراثية المختارة، كذلك الحد من نسبة هجرة السكان المحليين إلى المدن الرئيسية مما يساعد على تحقيق التوازن التنموي، كما أن المشاريع المستدامة التي سترافق التنمية سوف تعود بالنفع والفائدة على المجتمع المحلي وعلى الأسر المحتاجة، بالإضافة إلى أن مشروع تنمية القرى والمباني التراثية سوف يحافظ على الهوية التراثية العمرانية، وزيادة الوعي والتكافل الاجتماعي بين أهالي القرية الواحدة، وكذلك زيادة نمو وتشغيل الخدمات المساندة مثل الفنادق والشقق المفروشة والمطاعم والنقل، ودعم وتسويق المنتجات الزراعية والحرفية، والمأكولات المحلية التي ينتجها سكان القرية والمناطق المحيطة بها، وإحياء نشاطات الحرف والصناعات التقليدية، وإبراز تراث المنطقة وثقافتها. ويتضمن مشروع تنمية القرى التراثية الذي تعمل الهيئة العليا للسياحة على تنفيذه ليعم مناطق ومحافظات السعودية، 5 قرى في مرحلته الأولى ليشمل المشروع 64 قرية قديمة، حيث تُعد القرى التراثية في حال تطويرها مورداً اقتصادياً مهماً تعتمد عليه المجتمعات المحلية القريبة من تلك القرى.

وقد تم البدء في مشاريع المرحلة الأولى التي انطلقت العام الماضي وتشمل:البلدة القديمة في الغاط، قرية رجال ألمع، قرية ذي عين، بلدة جبة وبلدة العلا القديمة. من خلال ترميمها وتحويلها إلى معالم سياحية.

ومن الفوائد المنتظرة، من تنمية القرى التراثية تشجيع إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة مما يعود بالنفع على السكان والمستثمرين، وتوفير الخدمات الأساسية اللازمة في القرى والبلدات التراثية (كالطرق والمواقف، مركز الزوار، تهيئة ممرات لحركة السياح داخل القرية، أماكن للجلوس، مطاعم ومقاه وتموينات، دورات مياه ومحلات بيع المنتجات المحلية، بالإضافة إلى الإنارة الخارجية للمباني التراثية...) وهو ما يشجع السياح ويساهم في قضاء جزء من برنامجهم السياحي داخل هذه القرى.

وعلى المستوى الاجتماعي يشجع المشروع العوائل على العمل في إنتاج ما يطلبه السائح من مأكولات ومشروبات محلية وبيع المنتجات الزراعية والحيوانية والموسمية، مما يؤدي إلى إيجاد فرص عمل، ويشجع الحرفيين على العودة إلى ممارسة أعمالهم الحرفية.