«أبو سند».. كنز «بشري» في نجران

يعد أكبر مرشد سياحي في البلاد.. ويتحدث 4 لغات.. ولا يأبه بعمره الذي تجاوز الـ 70

سعيد اليامي الشهير بـ «أبو سند»
TT

لم تذهب سُدى، تلك السنوات التي قضاها (أبوسند) في مرافقة الأفواج السياحية التي تأتي لمنطقة نجران بين فترةٍ وأخرى، حيث بلغ العم سعيد اليامي ذو السبعين عاماً، درجة أن يُشار إليه بالبنان، من حيث ما يملكه من معلومات عامة عن ما تحويه منطقة نجران ومراكزها، من إرثٍ تاريخي يعود لآلاف السنين.

لا يُمكن لسائحي منطقة نجران زيارة المنطقة من دون أن يكون العم أبو سند، مرجعاً لهم، وهو الكنز التاريخي للمنطقة، حسب ما عُرف عنه على المستويين الرسمي والشعبي على حدٍ سواء، إلى أن أصبح الرجل الطاعن في السن، والذي يقوى أحياناً على حمل عظامه، وأحياناً أخرى لا يستطيع، يتحدث 4 لُغات، ثلاث منها اكتسبها من احتكاكه بالسياح الأجانب الذين يزورون نجران على فترات متفاوتة.

العم أبو سند، قضى بعض سنوات من عمره في إحدى شركات التنقيب عن البترول في الجزء الشرقي من السعودية (أرامكو السعودية)، يرى أن الإرث التاريخي السعودي في نظره يحتاج إلى محافظة بأي حال من الأحوال، ومهما كلف الأمر، ومن الممكن أن يكون أحد أهم مصادر الدخل للبلاد، كما هو حاصلٌ في بعض من الدول العربية والأوروبية، وذلك لقربه من الحركة السياحية في منطقته، والتي بدورها أصبحت محط أنظار بعض محبي اكتشاف أسرار التاريخ العربي.

يُفوج أكبر مرشد سياحي في السعودية كل عام، أكثر من 25 ألف سائح، ما بين أجنبي وعربي ومحلي، يقومون بزيارة منطقة نجران، ولا يجد صعوبةً في التعامل مع أي نوع من السياح لإلمامه بكل المعالم التاريخية والأثرية، التي تُخفيها نجران في باطن أرضها، ومن الممكن أن تكتسب منه معلومات لن تكتسبها من أهم المراجع التاريخية.

وفي خطوة من المرشد السياحي النجراني، لتوريث أبنائه مهنة الإرشاد السياحي في ما بعد، يحاول سعيد اليامي الذي له من الأبناء ثلاثة عشر، ستة منهم من الذكور، وسبع من الإناث، إكسابهم المهارات اللغوية التي اكتسبها خلال سنوات عمره، حيث يقوم بإخضاعهم خلال ساعة يومية لحصص من اللغات التي اكتسبها جراء اختلاطه ومعاشرته السياح الأجانب الذين يقدمون إلى نجران.

أكثر من يراهم «أبو سند» اهتماماً بالآثار، والتاريخ، وما تكتنزه بطون الأرض، هم السياح القادمون من أوروبا، يليهم القادمون من أمريكا، والذين يراهم أكثر اهتماماً من غيرهم بالتاريخ العربي، والسعودي على وجه التحديد، وبالأخص منطقة نجران، وهي تحتضن أرض الأخدود، والواقعة التاريخية التي وقعت لأصحاب الأخدود، وخلفوا تاريخاً يحكي واقعهم في الماضي على أرض منطقة نجران.

يتقاضى العم أبو سند مبلغاً زهيداً من أحد الفنادق العالمية في منطقة نجران، فيما يُنظم ذلك الفندق رحلات للراغبين باستكشاف تاريخ نجران، وهي النقطة الحدودية التي تُخفي تاريخاً يعتبره الجميع إرثاً تاريخياً لا يُمكن الاستهانة به، ولا يتجاوز ما يتقاضاه شهرياً حاجز الألفي ريال شهرياً، إلا أنه يُحبذ العمل الميداني من أجل الحفاظ على صحته من الأمراض التي تجد في كبار السن مُتنفساً لها.

المواقع التي يحرص زائرو منطقة نجران من الأجانب والسعوديين على زيارتها كما يروي لـ «الشرق الأوسط» العم أبو سند، منطقة (حِمى) التي تختزن تاريخا مُختلطا بين عدد من الحضارات، ومنطقة الأخدود التي تُعتبر شاهدةً على موقعة أصحاب الأخدود، التي ورد ذكرها في القرآن الكريم، فيما لا تزال بعض الآثار والمواقع تتنفس على الأرض في مواجهة عوامل التعرية، التي من الممكن أن تُخفيها في حال عدم الحفاظ عليها من قبل الجهات المسؤولة عن الآثار، والهيئة العليا للسياحة، التي بدورها وضعت مواقع منطقة نجران بما فيها الأخدود نُصب عينها، ومن أولويات اهتماماتها.