أجور نحو 30 ألف مهندس تتجه «للأسفل».. وهيئة المهندسين تتحرك للمطالبة بضبطها

عروض وظيفية تقدم لهم برواتب لا تتجاوز حدود الـ 930 دولارا شهريا

على الرغم من الأعمال التي يقوم بها المهندسون إلا أن أجورهم لا تزال دون الحد المطلوب («الشرق الأوسط»)
TT

تعتزم الهيئة السعودية للمهندسين، التوجه للمطالبة بوضع حد أدنى لرواتب نحو 30 ألف مهندس سعودي، بهدف حمايتهم من استغلال بعض جهات القطاع الخاص من تدني مستوى العروض الوظيفية المقدمة لهم، إلى جانب دعم حضورهم في سوق العمل الذي وصلت نسبة الأجانب فيه إلى نحو 60 في المائة من إجمالي عدد المهندسين في السعودية.

وكشفت نادية بخرجي، عضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين، في حديث لـ «الشرق الأوسط»، عن توجه الهيئة في الفترة المقبلة للمطالبة بوضع حد أدنى لمستوى رواتب المهندسين، وأكدت على وجود مجموعة من البرامج التي تعمل عليها الهيئة الآن، والتي تهدف لتحسين أوضاع المهندس السعودي، في حين أفصحت بخرجي بأن من خطط الهيئة أيضاً عمل تصنيف للمهندسين على غرار التصنيف الأخير الذي تناول المكاتب الاستشارية الهندسية.

وفي ذات السياق، تفاجأت مجموعة من طالبي العمل بإعلان وظيفي قدمه مركز لخدمة المجتمع بالتعاون مع إحدى الشركات الزراعية في منطقة حائل، مطلع هذا الأسبوع، يطلب مهندسين من مختلف التخصصات للعمل في الشركة بدوام كامل وبراتب يبدأ من 3500 ريال (930 دولارا) فقط، في الوقت الذي يبلغ فيه متوسط راتب المهندس في غالبية الدول الأوروبية والأميركية نحو 4000 دولار (15000 ريال)، حسب تصنيف موقع الشهادة الهندسية العالمي على شبكة الإنترنت.

وجاء الإعلان ليفصح عن توفر عدد من الوظائف الشاغرة لكل من التخصصات التالية (مهندس زراعي إنتاج حيواني، مهندس زراعي إنتاج نباتي، مهندس مدني، ومهندس كهربائي)، على أن يحمل المتقدم المؤهلات المناسبة علمياً وعملياً، وهو الأمر الذي وجده طالبو العمال من المهندسين «محبطاً» وغير ملائم لوضعهم في ظل الاحتياج الكبير المعلن لتخصصاتهم، ورأوا أن هذه العروض قد تدفع بقية الشركات لتخفيض مستوى رواتب المهندسين، مما يمثل كسراً لمعدل أجر المهندس السعودي حديث التخرج، الذي دُرج أن يبدأ راتبه الأساس بحدود الـ 5000 ريال (1334 دولارا) في معظم شركات القطاع الخاص.

وبرر مسؤول توظيف الرجال في مركز عبد اللطيف جميل لخدمة المجتمع فرع حائل، لـ «الشرق الأوسط»، تدني العرض الوظيفي بأن دورهم يقتصر على توفير الموظفين المناسبين لشغل شواغر الشركات، وذلك كخدمة مجانية للباحثين عن العمل من دون أي رسوم، مضيفاً بأن ما جاء في هذا الإعلان هو عبارة عن الراتب الأساسي الذي يمثل 3500 ريال (930 دولارا)، فيما رأى أنه قد يرتفع مع البدلات ليصل إلى حدود الـ 5000 ريال، مفيداً بأن تدني الراتب المقدم راجعاً لكونه سيزيد حتماً مع مرور الوقت وأن ذلك جاء أيضاً «لضمان جدية الموظف»، بحسب قوله.

أمام ذلك، أبدت المهندسة نادية بخرجي تعجبها من تدني مستوى العروض المقدمة للمهندسين السعوديين، مؤكدة أن ذلك لا يعني أبداً ضعف معدل الاحتياج الوظيفي لهم، خاصة مع تزايد عدد المشروعات التي ترى أنها بحاجة لمهندسين من كافة التخصصات لشغلها، وأوضحت بخرجي أن آخر الدراسات تشير إلى أن السعودية تحتاج إلى 200 ألف مهندس من مختلف التخصصات، في حين قالت بأن عدد المهندسين الحالي يأتي بنحو 100 ألف فقط.

ورجحت بخرجي أن يكون ضعف مستوى العروض الوظيفية المقدمة للمهندس السعودي راجعاً لارتفاع مستوى المعيشة وانخفاض سقف الرواتب الذي أصبحت تشهده معظم القطاعات المحلية، وأضافت بأن بعض الشركات تسعى من وراء ذلك إلى تقليل حجم التكاليف لكونها ستقوم بتدريب الموظف لمدة تتراوح ما بين شهر إلى 3 أشهر، فيما تطرقت بخرجي إلى مشكلة التسرب الوظيفي الذي يهدد القطاع الخاص، وهو الأمر الذي تعتقد أنه يدفع ببعض الشركات إلى تقديم عروض وظيفية متواضعة لضمان جدية الموظف.

في حين أشارت بخرجي إلى أن المهندس الأجنبي ما زال هو الأوفر حظاً «وظيفياً» مقارنة بالمهندس السعودي، وهو الأمر الذي تراه راجعاً لقيام الشركة بربط كفالته وضمان استمراريته مما سيدفعه بطبيعة الحال لإثبات جدارته وبذل الكفاءة المهنية العالية. في حين قدرت بخرجي نسبة المهندسين الأجانب في السعودية بنحو 60 في المائة من إجمالي المهندسين السعوديين، مؤكدة على أن السوق تتحكم فيه قوى العرض والطلب وأن المهندس السعودي مطالب أيضاً بإثبات جدارته والحصول على خبرة جيدة حتى يتمكن من التفاوض على مستوى الراتب، بحسب قولها.

جدير بالذكر أن عدد المهندسين السعوديين بالنسبة لتعداد السكان ما زال الأقل مقارنة بالعديد من دول العالم، إذ تشير أحدث التقارير إلى أن عدد المهندسين في بريطانيا وحدها يبلغ 5300 لكل 100 ألف نسمة، في الوقت الذي يبلغ عدد المهندسين في السعودية 380 لكل 100 ألف نسمة.