جدة القديمة تاريخها يفوح عبر بواباتها الشهيرة

لم يتبق من سورها سوى الأطلال

مواطن يؤدي بعض الأعمال الخشبية («الشرق الأوسط»)
TT

جدة، المدينة القديمة، القابعة على شاطئ البحر الأحمر، تعود تسميتها الى روايات ثلاث، فهناك من ينسب تسميتها إلى شيخ قبيلة قضاعة، وهو جدة بن ريان بن حلوان بن علي بن إسحاق بن قضاعة، وهناك من قال إن أصل التسمية هو جدة بضم الجيم التي تعني بالعربية شاطئ البحر، وهناك رأي يقول إن الاسم هو جدة بفتح الجيم بمعنى والدة الأب أو الأم، وينسب سكان المدينة التسمية لأم البشر حواء التي يقولون إنها دفنت في هذه المدينة التي نزلت إليها من الجنة، بينما نزل جدنا آدم في الهند، والتقيا عند جبل عرفات ودفنت هي في جدة وتوجد مقبرة في جدة تعرف باسم مقبرة أمنا حواء.

وكانت جدة القديمة تعيش داخل سور يحيط بها من كل الجوانب كما هو الحال في معظم المدن القديمة، بناه حسين الكردي أحد أمراء المماليك في حملته عندما اتجه ليحصن البحر الأحمر من هجمات البرتغاليين فشرع في تحصينه وتزويده بالقلاع والأبراج والمدافع لصد السفن الحربية، وقد أحيط من الخارج بخندق زيادة في تحصين المدينة، وتم بناء السور بمساعدة أهالي جدة، وكان له بابان احدهما من جهة مكة المكرمة والآخر من جهة البحر الأحمر، ويذكر أن السور كان يشتمل على ستة أبراج كل برج منها محيطة 16 ذراعا ثم فتحت له ستة أبواب منها باب مكة وباب شريف وباب السيارات وغيرها، وقد تم إزالة السور في عام 1947 بعد اتساع الرقعة العمرانية للمدينة، ولم يتبق منه الآن سوى برج واحد جنوب مستشفى باب شريف.

وقسمت جدة القديمة داخل سورها إلى أربعة أحياء وقد أطلق عليها سكانها القدامى مسمى «حارة»، وقد اكتسبت تلك الأحياء أسماءها حسب موقعها الجغرافي داخل المدينة أو شهرتها بالأحداث التي مرت بها.

ويقول عمدة حارتي اليمن والبحر عبد الصمد محمد عبد الصمد «تقع هذه الحارات عند ملتقى طرق القوافل الرئيسة الآتية والذاهبة من الشمال والجنوب، فهناك حارة المظلوم التي تقع في الجزء الشرقي من السور، ويرجع سبب تسميه لعبد الكريم البرزنجي، الذي قتلته الحكومة العثمانية، وبها دار آل قابل ومسجد الشافعي وسوق الجامع أقدم مساجدها، ويبلغ عمر منارته ثمانية قرون، وكان أغلب سكانها من ذوي الحرف والمهن».

وتابع العمدة عبد الصمد «ويقع في الجزء الجنوبي جنوب شارع علوي حارة اليمن التي واكتسبت مسماها لاتجاهها نحو بلاد اليمن، وبها دار آل نصيف الشهير الذي يعبر عن حقبة تاريخية من حقب تطور الفن المعماري الحجازي القديم، ويعود بناء البيت إلى عام 1872، وتم الانتهاء منه عام 1881 وقد زادت أهميته بعد نزول الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود على ضيافة صاحب البيت الشيخ عمر أفندي نصيف في عام 1952، وبعد ذلك أهداه صاحبه للحكومة التي قامت بترميمه، وتوجد شجرة أمامه، وهي أول شجرة في مدينة جدة منذ عام 1947 وهي من نوع شجر النيم».

ويضيف العمدة بقوله «هناك حارة الشام التي تقع في الجزء الشمالي من داخل السور في اتجاه بلاد الشام، وتعتبر من أهم الحارات كون أغلب سكانها كانوا من التجار والطبقات النية في المجتمع، بالإضافة إلى وجود باب جديد الذي أقيم له مؤخرا هيكل يقارب شكله الحجري التاريخي، ويوضح مكانه السابق في السور القديم».

ولجدة أسواق تراثية شهيرة اكتسبت أهميتها من حجم الإقبال الذي كانت ولا تزال تشهده من قبل السائحين أو سكان المدينة، ومن أشهر هذه الأسواق سوق قابل الذي شهد مؤخرا تطورا حتى في السلع التي يبيعها، فأصبح من الممكن أن يجد المرء فيه السلع القديمة والحديثة، وهنالك أسواق أخرى شهيرة كسوق الخاسكية وسوق الذهب، وجميعها تعد محطات مهمة يرتادها السياح لشراء التذكارات كالمشربيات والمسابح وغيرها من الأشياء التي تحفل بها دكاكين السوق المحتفظة بطابعها الشعبي.

أما سوق العلوي، فيعتبر الفاصل بين حارة المظلوم وحارة اليمن، ويتميز بعرض العديد من السلع والبضائع كالملابس والبهارات والمستلزمات المنزلية وغيرها، ويشاركه في بيع البهارات والملابس والأقمشة سوق البدو الذي يقع على مقربه من بوابة مكة، وسمي بذلك لما احتوى عليه من سلع كانت تجذب سكان البادية.