السعودية: رصد أكثر من 55 ألف شيك بلا رصيد

توجه لوضع آلية جديدة.. وقانونيون يرون أن إجراءات التقاضي الحالية تفاقم المشكلة

الشيكات المرتجعة، تهدد مصداقية الأوراق المالية والأعمال في السعودية
TT

كشف مصدر مسؤول في قطاع التمويل والائتمان السعودي، عن وجود أكثر من 55 ألف حالة إصدار لشيكات بلا رصيد لا تزال عالقة في السعودية، رغم الجهود الحكومية الكبيرة المبذولة للحد من تلك الظاهرة، إلى جانب التوجه لوضع أليه جديدة لجميع الشيكات المصدرة من قبل الأفراد والمؤسسات المالية، بحيث يدرج اسم كل من يصدر شيكاً من دون رصيد في قاعدة بيانات خاصة مرتبطة بتقارير الائتمان الشخصية.

وأفصح نبيل المبارك، مدير عام الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية «سمة»، لـ«الشرق الأوسط» عن أن شركته بدأت مشروعاً لرصد الشيكات التي بلا رصيد في السعودية منذ أكثر من عام، موضحاً أن الهدف من هذا المشروع هو «الحد من تلك الظاهرة السلبية التي لها تبعات كثيرة على مصداقية الأوراق المالية، وعلى الأعمال في السعودية، وكذلك تأثير سلبي على سمعة البلد الذي تزداد في هذه الظاهرة». وتابع المبارك قائلاً «إن هناك أكثر من 55 ألف حالة إصدار شيك بلا رصيد ما تزال عالقة، رغم الجهود الكبيرة المبذولة للحد من تلك الظاهرة». مضيفا أنه: سوف تعتمد قريباً شركة سمة آلية لوضع الشيكات المصدرة من قبل العملاء، سواء أفراد أو شركات ومؤسسات مالية ضمن التقارير الائتمانية لتلك الشركات مما سوف ينعكس سلباً على التاريخ الائتماني لهؤلاء العملاء، ويصعب من قدرتهم على التعامل مع القطاعات المنضمة للشركة.

وأردف المبارك قائلاً إن الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية تنوي القيام بعمل حملة إعلامية في هذا الصدد بمجرد الانتهاء من بعض المتطلبات التقنية، مشيراً إلى أن هذا المشروع يلقى دعماً كبيراً من قِبل وزارة المالية السعودية ومؤسسة النقد العربي السعودي، وكذلك هيئة الاستثمار العامة، وهو ما يراه مؤشراً للزيادة من منظومة التطوير للقطاعات المكلمة للعملية الاقتصادية في السعودية، وضمان لحقوق جميع الأطراف محليا وخارجياً، بحسب قوله.

ويأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه أحدث التقارير الصادرة عن الإدارة القانونية في الغرفة التجارية الصناعية في الرياض، بأنه بلغ اجمالي قيمة المعاملات المقدمة والخاصة بالشيكات المرتجعة والسندات والكمبيالات خلال العام الماضي ما يقارب 466.5 مليون ريال موزعة بين أفراد ومنشآت تجارية وبنوك، بعدد 560 معاملة، تمت تسوية 14 في المائة منها فقط، في حين أحيلت بعضها لوزارة التجارة السعودية. أمام ذلك، حمَّل قانونيون مسؤولية تفاقم مشكلة الشيكات المصدرة من دون رصيد في السعودية إلى تعسر وبطء إجراءات التقاضي أمام وزارة التجارة المتبعة حيال هذا الموضوع، كما يؤكد الدكتور وائل بافقيه، وهو محام سعودي، حيث وصف العقوبات القانونية الواقعة بحق مرتكبي هذا الفعل بأنها «غير كافية، ومشجعة على القيام بمثل هذه الممارسات»، مطالباً بضرورة تفعيل عقوبة السجن وعدم الاكتفاء بفرض الغرامة فقط. وأضاف الدكتور بافقيه في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن هذه المسألة يدخل فيها حقان هما الحق المالي الخاص والحق العام، وهو ما يراه دافعاً قوياً لمراجعة الإجراءات القانونية المختصة بقضية الشيكات المرتجعة.

وأفاد بأن طول أمد التقاضي يعتبر أمراً مشجعاً أيضاً على شيوع مثل هذه ممارسات وتزايد عدد الشيكات المرتجعة عــاماً بعد عــام، فيمــا أشار إلى وجود بعض الجزئيات الجيدة في النظام المتبع، منهــا تبليغ أطراف الدعــوة بالإعلان فــي الصحف، إلا أنه عــاد للقول بــأن الإجراءات الحالية ليست بالرادعة فعلاً. فيما تتصاعد تحذيرات قانونيين في السعودية من فقدان الشيك لهيبته في التعامل كورقة تجارية وتزعزع الثقة فيه جراء مثل هذه الممارسات، وهو الأمر الذي يرون أنه قد يؤدي إلى الاحجام عن التعامل بالشيكات كوسيلة للدفع، خاصة بعد أن اعتمد بعض المحتالين الشيكات كمجرد وسيلة احتيالية، وهو الأمر الذي يضاعف من عدد الشكاوى الواردة في هذا الشأن، حيث تشير أحدث التقارير المالية إلى أن عدد الشكاوى المقدمة لوزارة التجارة السعودية، فيما يخص الشيكات التي بدون رصيد بلغت في الرياض وحدها خلال الأعوام الماضية أكثر من 30 ألف شكوى.

وكانت وزارة التجارة والصناعة السعودية، قد أوجبت على مكاتب الغرف التجارية القيام بإجراء التسويات الودية بين صاحب الشيك والمستفيد من الشيكات بدون رصيد، فيما تقوم الغرف التجارية بشكل دوري بنشر القوائم التي ترد من وزارة التجارة حول الأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام لاصدارهم شيكات بدون رصيد، كما حرصت وزارة التجارة على تعزيز دور الشيك في المعاملات التجارية والمالية، باعتباره وسيلة أداء وإبراء واجبة الدفع فوراً بمجرد الاطلاع. بينما تتضمن الاجراءات التي وضعتها الجهات المختصة لمواجهة هذه المخالفة شطب السجل التجاري، لمن يصدر بشكل متكرر شيكات بدون رصيد، وكذلك التنفيذ على أرصدة المحكوم ضده الذي يمتنع عن تنفيذ الأحكام المتعمدة والتحفظ على محل التاجر المخالف أو شركته، وتعميد لجان الفصل في منازعات الأوراق التجارية بالتوسع في توقيع عقوبة التشهير وتشديد العقوبة في حالة العودة.

هذا وكانت قد تعذرت محاولات «الشرق الأوسط» في الحصول على تعليق من مسؤولي وزارة التجارة، حول بطء إجراءات التقاضي امامها، وتغليظ العقوبات على مصدري الشيكات بدون رصيد.