السعودية تحتاط ضد أمراض الدم الوراثية بمنع إتمام عقود زواج المصابين

في ظل تجاوز عدد المصابين والحاملين للثلاسيميا والخلايا المنجلية 30%

TT

أيدت جهات عليا أمس خطوة عدم إتمام عقود الزواج بين الأشخاص الذين يثبت طبيا اشتباه إنجابهم أطفالا مصابين بمرضي الخلايا المنجلية والثلاسيميا، عبر دعوتها لوزارة العدل بإلزام مأذوني الأنكحة بضرورة التقيد بهذا الأمر، في خطوة تهدف للحد من انتشار هذين المرضين.

وبحسب هيئة حقوق الإنسان الحكومية فقد ألزمت توجيهات عليا في السعودية وزارات الدولة بضرورة الأخذ بتوصيات خلصت إليها هيئة حقوق الإنسان الحكومية، تدفع باتجاه الحد من انتشار مرضي الخلايا المنجلية والثلاسيميا.

وقام وفد من هيئة حقوق الإنسان الحكومية، أخيرا، بزيارة لمحافظتي الإحساء والقطيف، كونهما الأكثر انتشارا لأمراض الدم الوراثية، وخرج بتوصيات رفعت للجهات العليا، والتي أيدت بدورها ما توصل له فريق الهيئة.

وجاء تجاوب الجهات العليا مع توصيات هيئة حقوق الإنسان الحكومية، حول انتشار مرضي الخلايا المنجلية والثلاسيميا، على نحو سريع، كما أكد لـ«الشرق الأوسط» الدكتور زهير الحارثي عضو مجلس الهيئة والناطق باسمها.

وأمضت هيئة حقوق الإنسان الحكومية 4 أشهر فقط في تجميع المعلومات وصياغة التوصيات حول أنسب الطرق للحد من انتشار أمراض الدم الوراثية، قبل أن توافق عليها الجهات العليا. وقال الحارثي إن ما توصلت إليه هيئة حقوق الإنسان الحكومية من توصيات يأخذ طابع التعميم، ولا يخص منطقة أو محافظة بعينها.

ودعت التوصيات، التي صدرت الموافقة عليها، وزارة العدل بالمبادرة بإلزام مأذوني الانكحة بضرورة الالتزام بعدم إتمام عقود الزواج بين الأشخاص الذين يثبت طبياً اشتباه إنجابهم أطفالاً مصابين بالمرض.

ورأت إحدى التوصيات ضرورة في أن تبادر وزارة الصحة بإنشاء مراكز مؤهلة متخصصة بهذا المرض في كل من الأحساء، والقطيف، وجازان، والمدينة المنورة، بحيث يكون عملها شاملاً البحوث والدراسات والأعمال الصحية الوقائية والعلاجية.

وكان من ضمن التوصيات «أن تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية بتبني إنشاء جمعية خيرية على غرار جمعية المرضى المصابين بالفشل الكلوي يكون لها فروع في المناطق الموجود فيها المرض وخاصة في القطيف، والأحساء، وجازان، والمدينة المنورة».

ودعت التوصيات التي أقرتها الجهات العليا السعودية، القطاعات العسكرية ووزارتي العمل والخدمة المدنية، «لمراجعة الأنظمة لديها من حيث مراعاة ظروف المصابين بالمرض العاملين في جهاز الدولة، أو في القطاع الخاص، مثل ما حصل لمرضى الفشل الكلوي».

وحضت التوجيهات على «عدم استبعاد مرضى الخلايا المنجلية من الوظائف، سواء في القطاعات الحكومية أو الشركات، على اعتبار أنه ليس هناك خطورة من ذلك، ومعاملتهم معاملة الأصحاء؛ إلا في الوظائف التي تشكل خطراً على حياتهم».

وتم التشديد على ضرورة «أن تراعي وزارتا التعليم العالي والتربية والتعليم، والمؤسسة العامة للتدريب المهني والتقني، ظروف المصابين بالأمراض الوراثية عند تقرير جداولهم الدراسية سواء من حيث الزمن أو النوع»، وأن «تتبنى وزارة الثقافة والإعلام إعداد برامج توعية تثقيفية لمرض الخلايا المنجلية وذلك للوقاية من هذا المرض».

وأكدت الجهات العليا على الجهات المختصة، بضرورة متابعة تنفيذ ما قضت به التعليمات الصادرة بهذا الخصوص من إجراء الحملات التوعوية، وإنشاء مراكز مؤهلة ومتخصصة لهذه الأمراض في بعض المناطق، ومراعاة ظروف المصابين بهذه الأمراض عند تقرير جداولهم الدراسية. وأعرب الدكتور زهير الحارثي، عن ثقته بالتزام الوزارات المعنية بكافة التوصيات التي قدمتها هيئة حقوق الإنسان للحد من انتشار مرضي الخلايا المنجلية والثلاسيميا. وأيدت جهات عليا ما رفعته هيئة حقوق الإنسان من توصيات حول انتشار مرضي الخلايا المنجلية والثلاسيميا في محافظتي الأحساء والقطيف، وذلك في برقية تناولت التوصيات التي رفعتها الهيئة، ومدعمة بقرار مجلس الوزراء رقم (5) وتاريخ 17 مارس (آذار) 2002، والذي يؤيد كل ما ورد في توصيات الهيئة.

من جانبها، رحبت الدكتورة هدى المنصور، مديرة مشروع مكافحة أمراض الدم الوراثية في السعودية، بالتوصيات الجديدة التي أقرتها بلادها، والتي وصفتها بـ«الصائبة».

وتحدثت المنصور لـ«الشرق الأوسط» عن أن نسبة المصابين والحاملين لمرضي الخلايا المنجلية والثلاسيميا، قد تتجاوز في بعض المناطق حاجز الـ30 في المائة، مشيرة إلى وجود 5 حالات للنتائج المتوقعة من مشروع الفحص ما قبل الزواج، إحداها تظهر تحقق الإصابة في الأطفال بنسبة 100 في المائة، حيث شددت على ضرورة الحزم في منع الزيجات التي يتمخض عنها حتمية الإصابة.

وقبل 6 سنوات أصدرت الحكومة قرارا ينص على «توفير الاعتمادات المالية لوزارة الصحة للقيام بتنظيم حملة توعية صحية عبر القنوات الاعلامية توضح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج وخطورة الأمراض الوراثية وتجهيز المختبرات وتأهيلها وتوفير الأجهزة والتدريب عليها في جميع المناطق لتسهيل عمليات إجراء الفحوص المخبرية عن الأمراض التي ترى وزارة الصحة ضرورة الفحص عنها بما في ذلك الأمراض الوراثية، وإن إجراء الفحص الطبي قبل الزواج يكون لمن يرغب في ذلك من السعوديين مع توخي السرية التامة في توثيق هذه المعلومات وحفظها وتداولها، كما تقوم وزارة الصحة في التنسيق مع وزارة العدل من أجل قيام مأذوني الأنكحة لإيضاح فوائد الفحص الطبي قبل الزواج».

وتدعم التوصيات التي كشف النقاب عنها يوم أمس، والخاصة بالحد من انتشار أمراض الدم الوراثية، التوجه الحكومي الرامي للقضاء على تلك الأمراض، وبخاصة أن تكلفة زراعة نخاع الطفل المصاب، بحسب الدكتورة هدى المنصور تبلغ مليون ريال، مع بروز احتمال كبير في عدم نجاحها، على حد قولها.