السعودية تشهد عواصف رملية يصل مدى تأثيرها إلى غرب البلاد

بسبب التدرج بالضغط الجوي والفروق الحرارية على المناطق الشمالية والشرقية

TT

عاشت السعودية، اليومين الماضيين أجواء مليئة بالعواصف الرملية وسحب الغبار، مسببة تدنياً في مدى الرؤية الأفقية وأضرارا أخرى من أهمها تأثير العوالق على الجهاز التنفسي للإنسان وعلى العين، علاوة على الخسائر التي حدثت في الممتلكات العامة والخاصة، وما سببته من صعوبة في الحركة المرورية. وتعتبر هذه العواصف من الظواهر الجوية الطبيعية التي تؤثر على مناطق شاسعة ولا يمكن السيطرة عليها بالكامل أو التحكم بقوتها، خصوصاً في العديد من المناطق الجغرافية، خاصة الواقعة في أو قرب الصحارى الشرق أوسطية والأفريقية ووسط آسيا.

وأوضح الدكتور ناصر محمد سرحان، استاذ الأرصاد الجوية المساعد بكلية الملك فيصل الجوية، لـ «الشرق الأوسط» أن العواصف الرملية تعرف على أنها رياح قوية عاصفة تحمل جزيئات الرمل والغبار أو أي عوالق صلبة إلى مستويات عديدة في الغلاف الجوي، وتنقلها مع حركة الرياح بحيث تكون في أغلب الأحيان كثيفة وعلى شكل جدران رملية هائلة في كثير من الأحيان.

وقال إن فصل الربيع بالسعودية، يعتبر فصل التغيرات الجوية وفيه تحدث تغيرات جوية مفاجئة، حيث إنه يفصل بين فصل الشتاء وموسم الصيف الطويل، الذي يمتد بين مايو (أيار) وحتى نهاية سبتمبر (ايلول)، مبينا أن العواصف الرملية التي اجتاحت الرياض في اليومين الماضيين ستبدأ في التلاشي اعتباراً من اليوم، غير أنه من المتوقع تكرار حدوثها وانتشار العوالق خلال الأيام المقبلة، حسب تقلبات حالة الطقس إلى أن يدخل موسم الصيف. وذكر الدكتور سرحان أن هذا الفصل يشهد تغير الوضعيات السائدة للطقس، فتزيد الفروق الحرارية على السطح وتسبب تدرجاً سريعاً بالضغط الجوي، خاصة على المناطق الشمالية والشمالية الشرقية، مما يزيد من نشاط الرياح السطحية، التي بدورها تثير الرمال أو تنقل الرمال والعوالق من مناطق الشمال والشمال الشرقي إلى مناطق الوسط والغرب. وأشار إلى أن جفاف فصل الشتاء هذا العام، والارتفاع الملحوظ لدرجات الحرارة في هذه الأيام وقلة الأمطار الربيعية، والتي عادة ما تكون مصاحبة للخلايا الرعدية الممطرة، تجعل القشرة الأرضية جافة وجزيئات التربة خفيفة، وذلك لفقدها الرطوبة أو المحتوى المائي، وبالتالي تسهل حركتها وارتفاعها إلى طبقات الجو العليا، خاصة القريبة من سطح الأرض؛ بسبب التسخين الشمسي وموجات الحر التي تعمل على تسخين طبقات الجو العليا، مما يكون سبباً رئيسياً في تكون العواصف الرملية وسحب الغبار، والتي تنشأ بسبب الفروق الحرارية والتدرج السريع بالضغط الجوي الذي تنتج عنه زيادة في سرعة الرياح وتغير اتجاهها.

وبين الدكتور سرحان أن النماذج العددية سهلت التنبؤ بالعواصف الرملية بشكل فعال، فشهدت مجالات الأرصاد حديثاً تطوراً من خلال تطوير نماذج عددية لمتابعة حركة العوالق الجوية والأتربة وحركة الرمال، وربطت بالوضعيات المناخية وتوزيعات الرياح وبباقي الظواهر الجوية لتنتج توقعات عددية لمتابعة هذه العواصف والعوالق وحركتها، مضيفا أن استخدام تقنية النماذج العددية والتقنية الحديثة لمجسات الأقمار الصناعية والصور التي تنتجها بشكل دوري يتيح التوقع المبكر بمسارات ومكونات العواصف الرملية وحركة العوالق الجوية، الذي من شأنه على الأقل تقليل الخسائر في حالات العواصف القوية والشديدة التأثير بحيث تصدر التحذيرات للمطارات وللمواطنين لتوخي الحذر، خاصة على طرق السفر الرئيسية بين المحافظات والمدن.

إلى ذلك توقع محمد المقبل، أحد منسوبي وزارة التربية والتعليم، أن حضور الطلاب لن يتأثر اليوم، غير أن الطلاب الذين يعانون من بعض الأمراض الصدرية المزمنة، مثل حساسية الصدر وغيرها، هم من يتوقع عدم مجيئهم، مبينا أن هؤلاء الطلاب يحظون بسجل خاص لمتابعة حالاتهم مع آبائهم والوحدات الصحية في حال تأثرهم سلبا بالأجواء العاصفة، لسرعة التعامل مع أي أزمة تنتج جراء العواصف الرملية.

وتعد العواصف الرملية من الأمور الشائعة في السعودية، التي تتشكل أغلب مساحتها من الصحارى الممتدة، ومن أبرزها صحراء الربع الخالي التي تمتد لحوالي 560 ألف كم مربع، وصحراء الدهناء التي تبلغ حوالي 152ألف كم مربع، ثم صحراء النفوذ وتمتد لحوالي 72 ألف كم مربع، ويكثر تكرار حدوث العواصف الرملية وسحب الغبار في أجواء السعودية مع نهاية فصل الشتاء حتى بداية فصل الخريف.