السعودية: القطاع الخيري يعيش مخاض «التخصص» و«الرقابة المالية»

3.7 مليار دولار حجم إيرادات لأكثر من 400 جمعية خيرية

TT

سجّلت أعداد الجمعيات الخيرية السعودية رقماً جديداً مع نهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، يقدّر بـ 447 جمعية خيرية، في الوقت الذي يتجه فيه القطاع الخيري السعودي، بشكل قوي تجاه التخصص في تقديم الخدمات غير التقليدية، كالخدمات الصحية والسكنية، وتلك الخاصة برعاية المرضى ذوي الاحتياجات الخاصة.

ويأتي ذلك، فيما تقترب الجمعيات الخيرية والتي تحصل على إعانة سنوية من الدولة، من معايير محاسبية قد تفرض عليها في حال موافقة الجهات الخاصة بعد انتهاء لجنة متخصصة من إعداد معايير محاسبية تخص القوائم المالية الخاصة بتلك الجمعيات، إضافة إلى الجهات الأخرى غير الهادفة للربح. وتدور أحاديث عن معوقات إدارية ومالية تقف أمام عددٍ من الجمعيات، إلا أن آمالاً معلقة على زيادة المعونات المالية للجمعيات تتطلع إلى تلاشي تلك المعوقات مع توجه حديث نحو أساليب إدارية ومالية جديدة. وبحسب مسؤول سعودي، فخلال العام الماضي دعمت الحكومة السعودية الجمعيات الخيرية بنحو ملياري ريال، فيما تبلغ المعونات المالية المقدمة للجمعيات الخيرية الرسمية من 150 ألف ريال، وتصل إلى مليون ريال للجمعية الواحدة، حسب نشاط الجمعية وتخصصها والمهام التي تقوم بها. وبالنظر إلى الجانب الإداري المتعلق بالجانب المالي، والذي شهد تذبذبات لدى الجمعيات خلال السنوات الماضية، لم يتسن الحصول على رقم محدد حول نسبة المصاريف الإدارية من ميزانية الجمعيات الخيرية، إلا أن مشوّح الحوشان مدير إدارة الجمعيات الخيرية بوزارة الشؤون الاجتماعية أكد أن الجمعيات الخيرية لها موارد واستثمارات وأوقاف تستقي منها مصاريفها الإدارية.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الجمعيات الخيرية تحصل على إعانة سنوية من الدولة، وأن وزارة الشؤون الاجتماعية ليس من شأنها الالتزام بتكلفة رواتب العاملين. هناك استثمارات تدخل فيها الجمعيات الخيرية، تعمل على تغطية نفقاتها. والأموال التي تصرف للعاملين فيها لا تستقطع من أموال الزكوات بطبيعة الحال». ويعيش القطاع الخيري في السعودية مخاض تحوّلات مالية وإدارية، بعد أن عصفت به ظروفٌ داخلية وخارجية أثرت على أدائه العام أو صورته خلال السنوات القليلة الماضية وخصوصاً في عام 2005، الأمر الذي قاد إلى ضرورة إعادة النظر بآليات وخطط دعم وتوجيه الجمعيات الخيرية المحلية وإيجاد رؤية واضحة لجهودها، وضبط أعمالها بشكل مدروس يضمن استمراريتها ونهضتها وتطورها، وثقة الداعمين لها. ويشكّل «النشاط الخيري» الضلع الثالث لمثلث الاقتصاد المحلي في السعودية، كما ينفرد هذا القطاع الهام بحصول أعماله الاغاثية والخيرية الخارجية على معدّل إنفاق حكومي يصل إلى 4 في المائة من الناتج المحلي العام للسعودية، في الوقت الذي تدار فيه أعمال متنوعة ومختلفة للقطاع الخيري في الداخل تقدّر بعشرات الملايين سنوياً.

وثمة تحولات وتغيرات جذرية مقبلة ينتظر أن تدخل نشاط الجمعيات الخيرية إلى مسارٍ جديد سينعكس على آلياتها في العمل بشكل إيجابي والقيام بالمهام الخيرية في السعودية بشكل أدق من ذي قبل وخصوصاً فيما يتعلق بالجانب المالي، بعد أن بدأت تطالها مؤخراً تنظيمات حديثة قد تقف بها أمام محطات بالغة الأهمية على صعيد التنظيم والرقابة والإشراف، مع ما يرافق الفترة الراهنة من جهود تقوم بها تلك الجمعيات تجاه أنظمتها من استحداث أنظمة تقنية تتعلق بالتقارير المالية المتعلقة بها.

ويكفي الإفصاح هنا أن الجهات الخيرية غير الربحية في السعودية قد تكون مطلع العام المقبل 2009 معرّضة للخضوع تحت رقابة معايير محاسبية دقيقة وشاملة، في حال تمت الموافقة على إلزام الجهات الخيرية السعودية بمعايير محاسبية تعكف على إعدادها هيئة قانونية متخصصة بهدف النهوض بهذا القطاع وجعل تلك المؤسسات الخيرية مثالاً للتنظيم والتخطيط والشفافية.

وعلى الرغم من تحقيقها إيرادات قدّرت بـ 14 مليار ريال (3.7 مليار دولار) منذ إنشائها قبل ثلاثة عقود وحتى نهاية عام 2002، إلا أن الرغبة تزداد في تخطي تلك الأرقام لتغطية الاحتياج الخيري، مع تحديات ما زالت تقف أمام الجمعيات الخيرية بشكل عام، بدلالة ما أشار له الدكتور علي النملة وزير الشؤون الاجتماعية السابق عندما كان يتحدث في ندوة إسلامية في مارس (آذار) الماضي، بقوله: «التحديات التي تواجه العمل الخيري الإسلامي على قسمين رئيسيين، إذ هناك تحديات داخل العمل الخيري نفسه وأخرى خارجة عنه».

ويرى الدكتور أحمد المغامس أمين عام هيئة المحاسبين القانونيين، أن صدور معايير محاسبية للجهات غير الهادفة للربح ومنها الجمعيات الخيرية، سيكفل النهوض بهذا القطاع.

وتوقع المغامس الذي كان يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، أن تنهي لجنة متخصصة من هيئة المحاسبين القانونيين، هذه المعايير، لرفعها للجهات المختصة، وبحث تطبيقها على جمعيات القطاع الخيري، بحلول 27 يناير (كانون الثاني) العام المقبل.