باحث آثار سعودي ينتقد عدم صيانة المواقع الأثرية وغياب الخرائط الموثقة

وصف المتاحف في السعودية بأنها لا تتعدى دور العرض باستثناء متحف واحد

TT

أكد باحث سعودي في مجال الآثار، ان المواقع الأثرية في السعودية تنقصها أعمال الصيانة الدورية وتحتاج إلى ترميم، منتقدا عدم توفر الخرائط المبنية على معلومات موثوقة وعدم توفر مرشدين سياحيين محليين والافتقار لخدمات الإيواء المناسبة في كثير من المواقع.

الدكتور خليل بن إبراهيم المعيقل، عضو مجلس الشورى، في محاضرته عن السياحة الآثارية في السعودية، التي أقيمت أخيرا في نادي الطائف الأدبي، قال «إن المتاحف التي أنشأتها وكالة الآثار والمتاحف خلال العقدين ونصف العقد الماضية، والتي لا يتعدى عددها أصابع اليدين، لا ينطبق عليها مسمى متحف، وهي أشبه بصالات عرض صغيرة»، مستثنياً المتحف الوطني ضمن مركز الملك عبد العزيز التاريخي في منطقة المربع.

وساق المعيقل المتخصص في الآثار والمتاحف جملة من الأسباب تعوق المواقع الأثرية في الجوف والعلا ومدائن صالح والمنطقة الشرقية ونجران وأبها، وهي أنه لم تتم دراسات موسعة لهذه المواقع وتنقصها أعمال الصيانة الدورية، وكثير من هذه المواقع تحتاج إلى أعمال تنقيب وترميم وتوفر الكتيبات والخرائط المبنية على معلومات موثوقة وتوفر مرشدين سياحيين محليين إضافة لخدمات الإيواء المناسبة في كثير من المواقع.

وأشار عضو مجلس الشورى إلى أن «التراث منتجٌ يستهلكه السياح، لذا يجب النظر عند تطوير المواقع الأثرية إلى قضية السياحة الآثارية المتوازنة»، مبيناً أن تحقيق المنفعة الاقتصادية من الآثار والتراث وصيانتها وترميمها لا يمكن أن يتحقق دونما التوسع في أعمال الصيانة لحفظ هذا الترميم وديمومته وبقائه للأجيال القادمة، ويجب أن ننظر للصيانة على أنها مشكلة ثقافية تهدف إلى جعل الزوار يدركون أهمية الآثار والأعمال الفنية.

وكشف الدكتور خليل المعيقل أن كثيرا من المواقع الأثرية في المملكة لا يمكن تطويرها في الوقت الحاضر لعدة اعتبارات، أبرزها طبيعة تلك المواقع وبعدها وصعوبة الوصول إليها، وعدم توفر الخدمات السياحية في المملكة، لأن السياحة في مراحلها الأولى في بلادنا، لذا يجب التركيز على عدد من المواقع الأثرية الصالحة للسياحة كالآثار الشاخصة فوق سطح الأرض، أما المواقع المندثرة فلا يمكن تطويرها، إلا بعد إجراء عمليات حفر موسعة تحتاج إلى وقت طويل واستثمارات ضخمة للتنقيب والنشر والترميم.

وأشار كذلك إلى أن فتح المواقع الأثرية أمام حركة السياحة يجب أن يخضع لمعايير علمية، ويجب أن تتجه السياحة لتصبح جهدا يرمي إلى صيانة وتحسين موضع المواقع الأثرية والتراثية، ويقول «يجب أن نتجه في المملكة إلى تطوير مفهوم إدارة المواقع الأثرية أو إدارة الموقع للحد من الآثار السلبية التي تخلفها سياحة المجموعات الكبيرة والجماهير، ويجب أن تكون إدارة الموقع من قِبل متخصصين في الآثار لديهم خبرة واسعة في مجال التخطيط والحماية».

وأوضح المعيقل أن تهميش المتاحف وإفقار محتواها الثقافي وعدم الاهتمام بها يحولها إلى مرافق شعبية، تسيء إلى ثقافة المجتمع وإرثه الحضاري، حيث أصبح المتحف في العالم الغربي صناعة نمو مهمة ارتبطت بالسياحة ارتباطاً لصيقاً، ذاكراً أن دولة فرنسا خلال العشر سنوات الأخيرة استثمرت مئات الملايين من الفرنكات في كل مقاطعات فرنسا، حتى وصل عدد المتاحف فيها إلى أكثر من ألفي متحف، وفي أميركا إلى أكثر من خمسة عشر ألفاً، في حين تحولت معظم تلك المتاحف إلى مؤسسات منافسة وموجهة تجارياً هدفت إلى زيادة دخلها من خلال الرسوم وتحولت إلى مؤسسات تجارية ثقافية وأصبحت تمول ذاتياً.