خدمة البيع بالتليفون.. إزعاج للمتلقي وباب رزق لـ«المتصلات»

عاملات يشتكين من محاولات رجالية لتحويل الاتصال إلى «الغزل» * مسؤولة تسويقية لـ«الشرق الأوسط»: طبيعة المجتمع أفشلت هذه الخدمة

خدمة البيع الهاتفي بين النجاح والفشل في السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

لا يمكن ان يمر أسبوع واحد في السعودية من دون ان يتلقى هاتفك الجوال وأحيانا منزلك، اتصالا من إحدى الفتيات العاملات في شركات التسويق لبعض المنتجات باختلافها.

وتنوعت تلك المنتجات بين أجهزة كهربائية وأدوات ومساحيق تجميل وعناية بالبشرة واشتراكات لخدمة القنوات الفضائية، وحتى السيارات، وإن كان كثير منها اتجه أخيرا لاستهداف النساء بعد فشلها مع الرجال الذين غالبا ما يحاولون تحويل تلك المكالمات إلى «غزل».

ويظل تقبّل تلك الاتصالات مختلفا من شخص لآخر، فبينما يرى البعض أنها إزعاج وتعد على خصوصيتهم، وتحديدا حينما تكون تلك الاتصالات على هواتفهم الجوالة، يتقبلها الآخرون بصدر رحب، إما لموافقة مايعرض عليهم لأهوائهم، أو كما شكت بعض الفتيات من مغازلتهن في تلك الاتصالات.

تقول منى عبد الرحمن مرزا (25 عاما)، تعمل في إحدى الشركات المتخصصة في بيع منتجها (براد ماء) بمواصفات تقنية عالية عن طريق الهاتف، تعمل مرزا قرابة الـ9 ساعات يوميا، وبراتب شهري لا يتجاوز 1500 ريال، تحكي عن تجربتها في هذه الخدمة «اضطررت للعمل في الشركة في فترة الإجازة الصيفية فقط، فأنا أعمل معلمة في إحدى المدارس الخاصة، عشت في كل يوم قصة جديدة في حياتي من خلال تعاملي مع أناس بثقافات متعددة ومهن مختلفة».

وتدافع مرزا عن عملها وتنفي بأنها كانت مصدرا للإزعاج وتقول «يبدأ الدوام الساعة 12 ظهرا، وهو وقت مناسب لإجراء الاتصالات، وعند الساعة الـ3:30 نتوقف إلى بعد صلاة العصر، وبعدها نكمل عملنا، وفي حين طلب منا شخص ما عدم الاتصال به أو رفض شراء المنتج، لا نعاود الاتصال به منعا للإحراج والإزعاج».

وكان أكثر ما يضايق مرزا وصديقاتها كما تقول، المعاكسات وتغيير مسار الحديث إلى «غزل»، على الرغم من أن شركتها تطلب من الموظفات الاتصال بعملاء من أصحاب الدخل العالي، لأن منتجها سعره 6 آلاف ريال.

أما جيهان عبد الحكيم (22 عاما)، تعمل في شركة أجنبية لبيع مستحضرات العناية بالبشرة، فتعمل هي الأخرى قرابة الـ9 ساعات، براتب 1600 ريال، لا تحب عملها إلا أنه كما تقول «هذا الموجود، فبشهادتي الجامعية لم أجد وظيفة، وقبلت بخدمة البيع بالتليفون». وسنّت الشركة سياسة جديدة لإقناع العميل بالشراء ليس عن طريق الإعلانات والمصطلحات الدعائية الجبارة، إنما من خلال تقديم جلسة علاج مجانية باستخدام المنتجات المعروضة للبيع، وقد لاقت التجربة النجاح على حد قول جيهان «كثير من النساء يقبلن فكرة الجلسة المجانية لمدة نصف ساعة، والبعض يقدم على الشراء وهن الغالبية».

وحول اتهام الكثير بأنهن مصدر للإزعاج ليس أكثر، تقول جيهان «ربما هذا صحيح، لأننا مجبورات على ذلك، فلكل واحدة منا حد معين مطالبة بإكماله وذلك بعدد العميلات اللاتي وافقن على الشراء، وإلا ستكون الموظفة مهددة بالاستغناء عنها».

ليست الشركات فقط التي وجدت في هذه الخدمة طريقة جديدة في التسويق، بل العدوى طالت البنوك وشركات التأمين وكأنها من باب الموضة التسويقية.

في المقابل تقول غادة غزاوي، صاحبة مؤسسة تسويقية وعلاقات عامة لـ«الشرق الأوسط»، بأن هؤلاء العاملات في مجال خدمة البيع بالتليفون يفتقرن إلى قوانين ومعايير التسويق الأساسية في مثل هذا المجال. وكانت غزاوي قد قدمت قبل فترة دورات تدريبية للعاملات في هذا المجال من باب تطويرهن وتحسين صورتهن، تقول «إنهن يحتجن إلى ضرورة احترام الآخرين واحترام الخصوصية والى الحرفية في التعامل. لأن معظم من يعمل في هذا المجال، يتصل في أوقات غير مناسبة، ويكرر الاتصال كل نصف ساعة، ويجبر العميل بلقاء المندوب، ومن ثم ندخل في سلسلة الإلحاح لشراء المنتج، وهكذا ندخل في دوامة لا نخرج منها، كما أن هؤلاء يطلبن من العميل تزويدهن بأرقام الأصدقاء والأهل، وهذا خطأ، فمن المفترض الاستئذان أولا من الأصدقاء قبل إعطاء أرقامهم لمثل هذه الشركات».

وترى غزاوي أن هذه الخدمة التسويقية غير مجدية وغير ناجحة في السعودية، بدليل إفلاس الكثير منها، وهذا يعود ـ كما ترى ـ إلى طبيعة المجتمع السعودي غير المعتاد على اتصال غريب، ومن ثم عرض منتج ما ويكون باهظ الثمن، على الرغم من نجاحها في أميركا والدول الأوروبية، وتؤكد «كان من الأفضل للشركة الإعلان عن منتجها عبر وسائل الإعلام المعروفة، بدلا من هذه الطريقة التي لا تسبب غير الإزعاج».