مؤرخ سعودي يؤكد أن السرقات الأدبية والصحافية ظاهرة «ذكورية» ويعلن براءة المرأة منها

في أمسية مثيرة للجدل طالب القشعمي فيها بـ «التشهير المؤدب» للصوص الكلمة

مستقبل المؤلفين والقراء الشباب أمام ظاهرة السرقات الأدبية يقلق الباحثين والمثقفين («الشرق الأوسط»)
TT

«المرأة بريئة من تهم السرقات الأدبية والصحافية براءة الذئب من دم يوسف».. هذا ما أكده مؤرخ سعودي، معلناً أنه لم يُعثر على أي تهمة أو محاولة أو اسم نسائي متورط في سرقة أدبية سواء في العصر القديم أو الحديث، أو في الصحافة المحلية السعودية خلال الـ50 عاماً الأخيرة.

وأرجع محمد القشعمي، المؤرخ والأديب السعودي، وجهة نظره هذه لاحتمالات تأخر دخول المرأة مجال الكتابة مقارنة بالرجل، ولكون الكثير من النساء في الماضي فضلن الاعتماد على الكتابة باسم مستعار. جاء ذلك مساء أول من أمس في أمسية ثقافية مثيرة للجدل، استضاف فيها النادي الأدبي بالمنطقة الشرقية القشعمي، للحديث عن ماضي وواقع السرقات الأدبية، في حين شكك بعض الحضور بأن تكون السرقة مرتبطة بنوع الجنس البشري، مدللين على تناقض القشعمي في إشادته بتجربة موقع إلكتروني اشتهر باكتشاف السرقات الأدبية والذي ضبط وحده أكثر من سرقة نسائية خلال عامين فقط.

ورجوعاً لتاريخ نشأة السرقات الأدبية، فهي لا تعد آفة العصر الحديث، كما أوضح القشعمي، الملقب بـ «أبو يعرب»، والذي وصفه مقدم الأمسية بأنه «مواطن العروبة»، حيث أكد أن السرقات الأدبية وقعت منذ القدم ومرت بكافة العصور، بما في ذلك العصر الجاهلي، واستشهد بالعديد من الأحداث والأسماء والنماذج الشعرية والأدبية التي كانت محل جدل آنذاك.

وتطرق القشعمي خلال الـ40 دقيقة التي تحدث فيها إلى الفروقات بين مفهوم كل من الانتحال والادعاء والإعارة والمرافدة والاختلاس والمواردة والالتقاط، ثم استرسل في عرض أبرز الآراء والكتابات التي تناولت تحليل ظاهرة السرقات الأدبية، خاصة بعد أن عادت اليوم بصورة حديثة تتلاءم مع معطيات عصر التقنية والتوجه نحو النشر الإلكتروني، وعبر القشعمي عن رأيه باقتضاب حيال الأقاويل المنددة بالسرقة، قائلاً انه «لا بد من التشهير المؤدب».

ويبدو أن مقولة الشاعر الأخطل الشهيرة «نحن معاشر الشعراء أسرق من الصاغة» لا تعني حصر اتهامات السرقة بفئة الشعراء والأدباء، حيث ربط القشعمي بين تاريخ السرقات الأدبية وواقع السرقات الصحافية، بقوله «إن الحديث عن السرقات في الأدب يقود إلى الحديث عن السرقات في الصحافة»، وفي موضع آخر قال «أعتقد أن الكثير من أدبائنا الكبار عندما يتكلمون عن بداياتهم يعترفون بأنهم اقتبسوا واستعاروا لكنهم يخجلون من القول أنهم سرقوا».

وتجاوباً مع مداخلات الحضور المتواضع التي استفسرت عن كيفيه حماية الحقوق الفكرية للصحافيين والكتاب، رأى ضيف الأمسية أن ذلك غير ممكن على الإطلاق، وفيما يتعلق بمسؤولية المؤسسات الإعلامية حيال تفشي ظاهرة السرقات الأدبية، قال القشعمي لـ «الشرق الأوسط» بأنه لا يتصور أن تستطيع هذه المؤسسات تحمل المسؤولية، موضحاً أن الدور المنتظر يكمن في التدخل المباشر من قِبل وزارة الإعلام لسن قوانين تمنع مثل هذه الممارسات.

وركزت نقاشات الأمسية الثقافية التي استمرت لما بعد الساعة العاشرة حول البحث عن حلول للخروج بأفكار وآراء تحمي حقوق المؤلفين والكتاب السعوديين وتضبط المتلبسين بالسرقات الأدبية، وتدعم إنشاء المواقع الإلكترونية المتخصصة بذلك، مشيدين بتجربة موقع «لصوص الكلمة» الكويتي، ومشيرين لضرورة إيجاد لجان ومحققين مختصين، أو ربما أشخاص لهم ملكات تستدعي خبرة «شرلوك هولمز» في الصحافة التحقيقية والبحث الجنائي. في حين شكك بعض حضور الأمسية في الشقين الرجالي والنسائي من أن تكون السرقات الأدبية ظاهرة تبدو أشد وضوحاً لدى العرب مقارنة بالمجتمعات الغربية، متسائلين «هل نحن فقط من نعاني من آفة هدر حقوق الملكية الفكرية؟»، وهو الأمر الذي فنده القشعمي وبعض المشاركين، فيما رأى أحد الحضور أن «أخلاقيات العرب تتطور، إلا أن غريزة السلب التي رافقتهم قديماً لم تفارقهم حتى وهم بالمدن».