3 ملايين شخص في جدة يتقاسمون 70 مولا تجاريا نهاية كل أسبوع

غرفة جدة أكدت عدم وجود دراسة توضح عدد الأسواق

3 ملايين في جدة يتقاسمون 70 مولا راقيا «الشرق الأوسط»
TT

خلصت آراء مختصين في مجال التسوق في السعودية، الى ان مدينة جدة بحاجة الى زيادة عدد الاسواق المدروسة نظرا لأهميتها الاقتصادية والتجارية والسياحية وقربها من المدن المقدسة، اضافة الى عدد السكان البالغ اكثر من 3 ملايين. يأتي ذلك في وقت بلغ عدد الأسواق التي تحتضنها مدينة جدة نحو 70 سوقا تجاريا راقيا، تكاد لا تجد لك فيها موطئ قدم في نهاية كل أسبوع، بعد ان تحولت هذه الأسواق الى مدن ترفيه ومقاه ومطاعم.

ويرى المهندس انس الصيرفي مالك سوق «الصيرفي مول»، ابرز اسواق تحلية جدة، ان مدينة جدة بحاجة الى عدد اكبر، مؤكدا «أعتقد أنها في حاجة إلى زيادة بنسبة كبيرة، لأنها مدينة اقتصادية وتجارية وعدد سكانها ضخم، إضافة إلى زوارها، والدليل أن قدمك لا تتسع في المول بعطلة نهاية الأسبوع أو الإجازة الصيفية أو في رمضان، وهذا الأخير خير دليل على الحاجة الماسة لزيادتها».

ويعترض الصيرفي على وصف الامر بالظاهرة، مؤكدا «ليس في تعدد المولات التجارية ظاهرة»، لكنه يرى ان اللافت أنها جاءت دفعة واحدة بعد غياب طويل استمر لعشرين سنة في مدينة جدة على سبيل المثال ويقول «كان من المفترض أن تكون على مراحل وفترات زمنية متباعدة، فخلال سنتين شهدت مدينة جدة افتتاح ما يقارب عشرة أسواق جديدة بعد أن عاشت فترة ركود طويلة، وهذا سبب التعجب والخلل الحاصل».

ويؤكد الصيرفي بأن الاستثمار في المولات التجارية استثمار ناجح وأكثر أمناً من الاستثمارات الأخرى، كما أنها أقل جهدا، وهذا ما دفعه ليستثمر 500 مليون ريال لسوقه «الصيرفي مول» ويفكر حاليا في اختيار الوقت المناسب لبدء بناء وتدشين سوقه الجديد. وفي السياق نفسه أكد وائل أبو طالب المسؤول عن لجنة المراكز التجارية بغرفة جدة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود أي دراسة جدوى لديهم عن مدى حاجة جدة للأسواق ويقول «للأسف ليست هناك أي دراسة اقتصادية تؤكد ذلك وتقدر عدد الأسواق التي تتسع لها مدينة جدة».

لكنه يستطرد «ان ظاهرة زيادة عدد الأسواق في مدينة واحدة كجدة تعد ظاهرة صحية، فمدينة جدة ستكون في وقت قريب مدينة المؤتمرات والمعارض العالمية، إضافة إلى ان زيادة الأسواق تساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية التجارية، كذلك النهضة العمرانية والعقارية». ويؤكد أبو طالب انه مع الزيادة، لكن بطريقة مدروسة أكثر من الواقع «أنا لست مع تعدد الأسواق في نفس المنطقة والمكان لما تسببه من ازدحام مروري خانق، كما أنني الاحظ أن جميع الأسواق لا تمتلك مواقف للسيارات تناسب عدد الزوار».

ويعلق على ذلك ضاحكا نبيل بخش مدير احدى شركات تطوير الأسواق، بأنه اصبح لكل رجل أعمال مول يحمل اسم عائلته من باب الوجاهة، ويقول حول رأيه في تعدد الأسواق وتشابهها في المضمون «المشكلة ليست في تعدد الأسواق إنما في تشابهها، فتجد الاسم التجاري لماركة ما موجودا في جميع المولات والسبب يعود إلى احتكار عدد قليل من الشركات السعودية لماركات تجارية عالمية، إضافة إلى تعقيدات الإجراءات التي تواجه المستثمر الأجنبي، الذي قد يكون بيديه فك هذا اللغز والعقدة في كل مول».

وسبب الروتين والتشابه في كل مول، دفع إدارة الأسواق إلى تنظيم الفعاليات والتي عادة ما تكون شبيهة بمسرح هزيل لا يحترم زوار المركز وكلها تدخل ضمن الإطار الترويجي والدعائي أو البازارات، التي هي الأخرى لا تحمل فكرة جديدة إنما هي استنساخ من البازار السابق.

ولان مولات جدة وأسواقها لم تعد فقط للتسوق والشراء، بل تحولت الى مواقع ترفيه ومطاعم واستراحات، فقد اصبحت الوجهة الأولى والأسهل والأقرب في اجندة العوائل السعودية، وهو ما يشير اليه عبد العزيز بن هندي بقوله: «استطاعت الاسواق التجارية والمولات خلال الفترة الاخيرة، وتحديدا خلال السنوات الثلاث الاخيرة ان تخطف السكان من الملاهي والبحر وكل المواقع الاخرى، حيث تحولت الاسواق او اوجدت كل ما تحتاج اليه أي اسرة من العاب ومطاعم، اضافة الى جو مكيف مغلق في طقس جدة، خاصة في فصل الصيف».

وأضاف «توجه الناس اليها طبيعي، بل ان غير الطبيعي تأخر ذلك حتى الآن، خاصة في مدينة يبلغ عدد سكانها اكثر من 3 ملايين نسمة، فإن هذا العدد أساسا غير كاف لهم ويحتاجون الى عدد اكبر مع مراعاة عدم رفع الاسعار وتحويل الاسواق الشعبية الى مولات». ويرى مشعل السديري، مدير التسويق في جهاز هيئة السياحة والآثار، بأن الفعاليات والمهرجانات التي يقوم بها كل مول هي النقطة التي لا خلاف حولها في مدى قدرتها على جذب الزوار وتنشيط الحركة في المول، مما يؤثر في سمعة السوق بشكل ايجابي.

ويستطرد السديري حول مدى نجاح مثل هذه الفعاليات الموسمية قائلا: «المولات باتت متشابهة مع بعضها بعضا، مكانا للترفيه ولعب الصغار، وتجد قسما للمطاعم، الذي هو الآخر تجده في كل مول، وقسما للمحلات التجارية وعادة ما تكون بعلامة تجارية عالمية لا تخفى عنك بأي مول، ومن هنا كان لا بد من تنظيم المهرجانات والفعاليات، قد تكون موسمية مناسبة لإجازة الربيع أو الصيف أو رمضان، وقد تكون بشكل دائم». ولنجاح الفعالية كما يرى السديري يجب أن تتنوع بين توعوية وثقافية وترفيهية وفنية وأن تدخل ضمن إطار المسؤولية الاجتماعية، ومن المهم أن يكون كل هذا التنظيم من قبل شركات متخصصة في تنظيم الفعاليات والمهرجانات ويقول:«للأسف الحاصل اعتماد المولات التجارية على جهودها الفردية المعتمدة في الأساس على مدير السوق التجاري، وعادة ما يكون محاسبا بعيدا عن الجانب الإبداعي وهذا سبب فشل معظم الفعاليات والمهرجانات».

وحول سبب عدم تعاون المولات مع شركات تنظيم الفعاليات والمهرجانات يقول السديري:«افتقادهم لمثل هذه الثقافة، التي تعد طارئا وأمرا غريبا لدى البعض على الرغم من وجود شركات متخصصة في تنظيم مثل هذه الفعاليات».