السعودية تتجه لتطبيق عقوبات على مواطنيها ممن تخلوا عن أسرهم في الخارج

أسر عائدة إلى الوطن تروي معاناتها لـ «الشرق الأوسط»

TT

تتجه السعودية لتطبيق عقوبات على الآباء الذين تخلوا عن زوجاتهم وبناتهم وأبنائهم في الخارج، من خلال توقيع مذكرة تفاهم يجري إعدادها حاليا بين جمعية «أواصر» ووزارة الداخلية لتحديد العقوبات تجاه هؤلاء الآباء.

وكشف عبد الله الحمود، رئيس مجلس إدارة جمعية «أواصر» أن المذكرة ستتضمن العقوبات التي سيوافق عليها الطرفان حيال رب الأسرة بعد أن تقوم «أواصر» بتقديم التوعية والنصح اللازمين حيال هذا الموضوع، وفي حالة عدم تجاوب الأب مع ذلك ستكون هناك عقوبات على المتخلفين منهم عن القيام بواجبهم تجاه أسرهم.

وأشار الحمود، خلال الملتقى الإعلامي الأول للتعريف بالأنشطة والأدوار الاجتماعية والإنسانية للجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية بالخارج «أواصر»، الذي أقيم مساء أمس الأول بمركز الملك فهد الثقافي، إلى أن الدعم السنوي الذي تحصل عليه الجمعية من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية يبلغ 4 ملايين ريال، موضحاً أن هذا الدعم لمساعدة الجمعية على القيام بدورها المنوط بها.

وأبان الدكتور عبد العزيز الغريب، عضو مجلس الإدارة أن الجمعية ستقوم بتخصيص جزء من ميزانيتها للدراسات والبحوث المتعلقة بدراسة ظاهرة زواج السعوديين والسعوديات من الخارج، بغرض التوصل إلى الأسباب وراء ذلك وإيجاد حلول مناسبة لهذه الظاهرة ورفع كل ما ينتج عن تلك الدراسات إلى الجهات المعنية، لافتاً إلى أن هذه الدراسات تحتاج إلى تمويل كبير حتى يتم الانتهاء منها، خاصة أن الدراسات التي تجرى حاليا يقوم بتمويلها رجال الأعمال.

وفي سياق ذي صلة لم يخف بعض الأسر العائدة إلى أرض الوطن، التي التقتها «الشرق الأوسط» خلال الملتقى الإعلامي قلقها بعد مرور عام على عودتها إلى الوطن حيال أوضاعها المادية، حيث ذكرت أم عبد الرحمن (مصرية الجنسية) ولها من الأبناء اثنان تبلغ أعمارهما (18- 20) سنة أنها قدمت من القاهرة بعد مضي 16 عاما على وفاة زوجها السعودي، وقالت عن وضعها:«بعد وفاة زوجي الذي كنت أعيش معه في السعودية، انتقلت إلى القاهرة، حيث لم يعد لي مكان أُقيم فيه بعد وفاته ولم نجد من يتولانا ويتكفل بأمورنا المعيشية التي ساءت هناك، وكنا نتردد على السفارة كثيرا نشكو للمسؤولين فيها سوء الأحوال المادية وعدم قدرتي على الإيفاء بالتزامات ابنيَّ الضرورية، وبعد إنشاء جمعية أواصر ضمتنا السفارة إلى قائمة العوائل السعودية المقيمة في الخارج والتي تنفق عليها الجمعية، وبدأوا يدفعون لنا مكافأة شهرية بشكل منتظم، إلى أن تقدمت برغبتي للجمعية في العيش مع ولديّ في السعودية، وقامت الجمعية بتوفير السكن لنا ودفعت الإيجار لمدة سنة فقط، ولم يتبق لنا إلا شهر واحد على انتهاء السنة وهذه مشكلة أواجهها ولا أعلم ماذا سيحل بنا بعد ذلك، فجمعية أواصر أخبرتنا بأنها سوف تبحث عن جهة أو جمعية خيرية لترعانا أو شخص يقف معنا».

وأضافت أم عبد الرحمن: «لقد أوقفت جمعية أواصر حاليا عنا اعانتها الشهرية بعد انضمامنا لجمعية إنسان والضمان الاجتماعي، حيث تصرف لنا إعانة شهرية قدرها (1000) ريال ولكنها لا تفي بمستلزماتنا ومصاريف المدارس والملابس والمأكل وغيرها». ورداً على سؤال لأم عبد الرحمن عن موقفها إذا توفر لها عمل يعينها لتحسين أحوالها المادية، ذكرت أنها لا تستطيع العمل بسبب حالتها الصحية، حيث إنها مصابة بانزلاق غضروفي وتعاني من آلام الغدة الدرقية، وهي محرومة من العلاج المجاني كونها لا تحمل الجنسية السعودية ودخلها الشهري لا يغطي مصاريف العلاج. وتشاطر أم عبد الرحمن القلق السيدة (ح. ع) التي قدمت أيضاً من مصر ومعها أبناؤها منذ سنة، وقالت: «بعد قدومنا استأجرت لنا الجمعية منزلاً لمدة سنة ومدتنا بإعانة أسبوعية بلغت (250) ريالاً لكنها أوقفتها بعد انضمامنا للضمان الاجتماعي وحصولنا على إعانة تبلغ (1500) ريال شهرياً، وهو مبلغ اعتبره غير كاف لمصاريف الحياة وتنقلاتنا بسيارات الأجرة لمتابعة معاملاتنا في الدوائر الحكومية، وكذلك مصاريف علاجي كوني غير سعودية، علماً بأن الجمعية وفرت لنا العلاج المجاني حين قدومنا إلى السعودية في أحد المراكز الطبية ثم توقفت بعد حصولنا على إعانة الضمان».

وأضافت (ح.ع) بأنها سبق وأن تقدمت بطلب الحصول على الجنسية، ولكن إجراءات الحصول على الجنسية السعودية ما زالت متوقفة بالأحوال المدنية ولا تعلم الأسباب. والتقت «الشرق الأوسط» لنا الصالح، مديرة القسم النسائي بالجمعية لتتعرف منها على دور الجمعية في تبديد مخاوف الأسر وقلقها بعد مرور عام من قدومها إلى السعودية، وقالت: إنه من الممكن لــ «أواصر» الاستمرار في رعايتها، ولكن مهمتنا تقتصر على رعاية الأسر في الخارج وتسهيل عملية حضورها إلى أرض السعودية، بعد عمل جميع الترتيبات الأولية لها وربطها بالجهات الحكومية والخيرية لكي تقوم بمهمة رعاية ومتابعة الأسر بعد ذلك. وأضافت الصالح: إن الجمعيات، مثل جمعية النهضة، تقوم من خلال مركز التدريب بتدريب ربات الأسر وتوفير ورش العمل لهن لمساعدتهن على النهوض بأسرهن بتوظيفهن ولو بأجور بسيطة لكي لا تظل الأسرة في حاجة إلى الآخرين، فنحن نهدف إلى أن تعتمد الأسرة على نفسها لتستطيع الاندماج في المجتمع السعودي.

وأشارت الصالح إلى أن الجمعية توفر المصاريف الدراسية للأبناء من آباء أجانب وأمهات سعوديات، لافتة إلى أن هناك جهات كثيرة تقوم بكفالة الأسر، وهذه إحدى الطرق التي تلجأ أواصر إلى تحقيقها في حال كانت ربة الأسرة كبيرة في السن أو مريضة وغير قادرة على العمل، وفي كل الأحوال فإن الجمعية لن تتخلى عنهم وحتماً سنجد لهم الحلول.