البلديات تضع «اللثام» على وجوه الحلاقين وتجبرهم على تنفيذ قائمة شروط

الأطباء: كراسي الحلاقين بوابات عبور لأمراض الدم والجلدية

حلاق في جدة يضع اللثام على وجهه حسب تعليمات أمانة جدة («الشرق الأوسط»)
TT

عندما تدخل الى أي من محلات الحلاقة التي توفر الاشتراطات الصحية التي فرضت عليها أخيرا سواء في جدة او الرياض او مكة او غيرها من المدن السعودية، فإنك تشعر للوهلة الاولى انك تدخل الى غرفة عمليات وانت تشاهد الحلاق ملثما بكمامته ويرتدي قفازاته ويعمل في حلاقة احدهم.

ذلك جزء من اجراءات اتجهت امانات المناطق في السعودية الى تطبيقها على حلاقيها نتيجة احصاءات مخيفة دقت نواقيس الخطر بانتشار الامراض عبر كراسي الحلاقين في هذه المناطق السعودية، ودفعت الى اصدار حزمة من القرارات بالزام الحلاقين بضرورة تأمين قائمة طويلة من الاشتراطات الصحية، تبدأ بوضع لثام على وجوههم خلال العمل وقفازات على ايديهم ولا تنتهي قبل ان تضمن ان كراسي الحلاقين لن تتحول الى بوابة عبور لامراض الدم والجلدية الخطرة.

وبينما أكد المهندس سليمان البطحي المدير العام للإدارة العامة لصحة البيئة في أمانة الرياض في تصاريح صحافية سابقة، أن إدارته لن تتهاون في تطبيق العقوبات بحق المحلات المخالفة، لافتا إلى أن صوالين الحلاقة تأتي ضمن منشآت الصحة العامة، التي ترتبط ارتباطا مباشرا بصحة الفرد، مشددا في الوقت ذاته، على ضرورة اقتناء كل فرد أدوات حلاقة خاصة به، وذلك تفاديا لانتقال الأمراض، التي تنتقل عن طريق الدم في حال إهمال العاملين للاشتراطات الصحية. وتشير الاحصاءات الرسمية الى ان عدد صوالين الحلاقة في جدة، يبلغ نحو 2300، بينما يبلغ ضعفها تقريبا في الرياض بعدد 4089 محلا.

ويقول الدكتور بشير أبو نجم مدير إدارة الرقابة التجارية بأمانة جدة في حديث لـ «الشرق الأوسط»:«في جدة نحو 2300 صالون حلاقه ما زال الكثير منها غير مستجيب لاشتراطات الأمانة الصحية»، مشيرا الى ان في جدة ايضا 150 صالونا نسائيا مسجلا لكنها أكثر نظافة ووعيا بتنظيف وتعقيم الأدوات المستخدمة من صوالين الحلاقة الرجالية.

ويرجع الدكتور بشير عدم التزام هذه الصوالين بالنظافة الى انه «ناتج عن عدم وعي البعض منهم، لأنهم لم يحضروا ندوات اللجنة المسؤولة عن صوالين الحلاقة»، مشيرا الى «ان من واجبنا إبلاغهم وتوعيتهم بالخطر الذي يسببه إهمالهم في نقل أمراض خطيرة للزبون كمرض الإيدز والكبد الوبائي»، ومؤكدا ضرورة اتباع الاشتراطات الصحية وأساليب التعقيم الآمنة أثناء ممارسة المهنة، كالتخلص من أمواس الحلاقة التي تستعمل لمرة واحدة في مستوعب مخصص لتجميع هذه الأمواس.

وحول تأثير تلك الاشتراطات في أسعار الخدمات التي تقدمها صوالين الحلاقة يقول أبو نجم:«لم تتأثر الأسعار بهذه الاشتراطات فكل ما هو مطلوب من الصوالين الرجالية والنسائية الاهتمام بالنظافة والتعقيم».

ويذهب مدير إدارة الرقابة التجارية بأمانة جدة الى ان من ابرز تلك الاشتراطات الصحية التي فرضتها الأمانة، تشجيع فكرة الكيس البلاستيكي المحتوي على أدوات الحلاقة التي تستعمل لمرة واحدة وحث الشركات والمؤسسات على تبني هذه الفكرة، والزام صوالين الحلاقة باستخدام أمواس الحلاقة التي تستعمل لمرة واحدة على ان يتم التخلص منها فورا بعد الاستعمال في مستوعب مخصص لتجميع الشفرات المستعملة. وتوفير العدد المناسب من فوط الحلاقة المصنوعة من نسيج قابل للغسل والتعقيم لاستخدامها في الفصل بين متلقي الخدمة والشعر المتساقط عليه وان يكون لونها أبيض ومنع استخدام الوان اخرى، اضافة الى توفير عدد مناسب وكاف من المناشف الورقية لاغراض التجفيف والتنظيف والالتزام بلبس القفازات البلاستيكية، التي تستخدم لمرة واحدة عند القيام بالحلاقة والكمامات.

قائمة من الاشتراطات الطويلة التي فرضت على صوالين الحلاقه بدءا بمقصات الشعر ومرورا بالشامبوهات وماركاتها، لكن امانة جدة، حذرت من استخدام الشبة ذات الاستعمال المتكرر او الكريمات والمركبات ذات الطبيعة الطبية.

وفي وقت طالت فيه قوائم الشروط، يرى الحلاقون ان بعضها معقول والبعض الآخر يعتبر تعجيزا لكنهم يبدون رغبة في تطبيق ذلك على الجميع وهو ما يعلق عليه محمد وهو حلاق سوري في حي النسيم في جدة بقوله: «معظم المطالب معقولة وان كان بعضها مبالغ فيه، وهناك جزء كبير منها لا يطبق في أي صالون حلاقة، إلا لمرة واحدة، فهذه تحتاج الى شركات تستطيع التعامل مع ذلك، خاصة ان اسعار الحلاقة لها سقف محدود لا تتجاوزه وبالتالي لا تؤمن هذه التكاليف ولا تعادل الخسائر».

وبالعودة الى امانة جدة فقد نبهت الى عدم استخدام البخار للاشخاص الذين يضعون عدسات لاصقة للعين، حيث ان الحرارة الصادرة من الجهاز تؤدي الى تسييح العدسة وتسبب عمى في الابصار ويجب وضع تنبيه أمام الزبون بذلك. وبينما يعترف الحلاقون ان معظم حلاقي جدة اصبحوا يحرصون على وجود حمام بخار سرا ويرون ان ذلك مطلب ضروري ويدر دخلا كبيرا على المحل منعت الامانة استخدام محلات الحلاقة في الاعمال الطبية الخاصة أو حمام البخار أو استخدام جهاز الليزر لتنظيف البشرة والتقشير وازالة حب الشباب دون موافقة رسمية من الشؤون الصحية والامانة.

ويرى محمد خميس صاحب صالون حلاقة بأنه كان من المفترض أن تقوم الأمانة بهذه الحملة قبل سنوات إلا أنه سبقها في إطلاق فكرة الحقيبة الخاصة بكل زبون منذ سنوات ويقول: «كثير من الزبائن بات على علم ووعي أكثر من السابق، فصار يطلب أدوات حلاقة خاصة به».

ولم يغير خميس أسعار خدمات الصالون على الرغم كما يقول من ارتفاع سعر إيجار الصالون ويقول: «إذا زادت الأسعار فهي ليست بسبب أدوات النظافة والتعقيم قد تزيد بعض الخدمات الخاصة باستخدام كريمات وشامبوهات ذات ماركات عالمية معروفة وعادة لا يلاحظ الفرق».

ويشار الى ان استطلاع الكتروني اجرته الإدارة العامة لصحة البيئة بأمانة منطقة الرياض، اكد ان 64 في المائة من مرتادي صوالين الحلاقة لا يملكون أدوات حلاقة خاصة، ويستخدمون الأدوات الموجودة في المحل. وأشار الاستطلاع الى ان 57 في المائة من المشاركين يترددون على محلات الحلاقة مرة في الاسبوع، و2 في المائة في المناسبات والأعياد، و17 في المائة مرة كل شهر، فيما أكدت نتائج الاستطلاع أن 14 في المائة فقط يملكون أدوات حلاقة خاصة ويحضرونها معهم أثناء فترات الاستخدام، وان 11 في المائة يحتفظون بأدوات الحلاقة في منازلهم. وأشار 43 في المائة إلى أن نظافة المحل هي العامل الذي يحدد وجهتهم، و45 في المائة، تحددها فترة الانتظار، فيما يعتقد 13 في المائة منهم ان عملية الحلاقة ليست وسيلة لنقل مسببات الأمراض بين الناس، فيما يؤكد 5 في المائة من المشاركين انهم يطلبون معالجة تساقط الشعر من الحلاقين. وفي وقت لايوجد فيه احصائية رسمية لحجم الامراض التي تكون بسبب الحلاقة، الا ان الدكتور عبد الرحيم قاري المتخصص في امراض الدم، يحذر من ان تكون كراسي الحلاقة مصدرا لنقل الامراض، اذا لم يفرض عليها قيود صارمة تمنع انتقال الامراض عبرها، خاصة في ظل انتشار امراض خطيرة مثل الكبد الوبائي والايدز وكذلك الامراض الجلدية».

جدير بالذكر أن عدد المرضى بمرض الكبد الوبائي بلغ في السعودية نصف مليون مريض حسب آخر إحصائية، إذ ان معدل الإصابة بهذا المرض تبلغ حوالي 2580 حالة سنويا في السعودية.