رئيس بلدية مدينة تراثية يهدم حصناً عمره 500 عام

عاد ليبنيه بعد زيارة مواقع مماثلة

TT

* حفزت حادثة هدم حصن تراثي في إحدى المدن السياحية بجنوب السعودية على يد أحد رؤساء البلديات بهدم حصن تراثي يعود تاريخ بنائه لأكثر من 500 عام بحجة تضييقه للشارع رغم جمال هذا الحصن وروعة بنائه، إضافة الى عدد من الحوادث والتصرفات المماثلة حفزت الهيئة العامة للسياحة والآثار على القيام بتنظيم رحلات استطلاعية لرؤساء البلديات والمحافظين للاطلاع على التجارب الأوروبية الحديثة في الحفاظ على التراث العمراني واستثماره سياحيا.

وعدت هذه الرحلات بمثابة دورات تطبيقية ميدانية لا تقتصر على الجولات بل تتخللها ورش العمل والمناقشات ليعود الفريق بقناعات جديدة حول قيمة التراث والجدوى الاقتصادية والسياحية لمباني التراث العمراني، كان من ضمن المشاركين في إحدى الرحلات رئيس البلدية الذي قام بهدم الحصن وما أن عاد حتى كان أكثر المتحمسين لإعادة بناء هذا الحصن من نفس المواد التي بني بها!.

وقبل البدء في تسيير هذه الرحلات حدد الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العامة للسياحة والآثار بالبحث عن الأماكن المناسبة والتي يتوقع أن تكون الأكثر إفادة في مجال المحافظة على التراث العمراني واستثماره ليقع اختياره على مقاطعة توسكاني وتحديدا بلدة سيينا في إيطاليا، زارها ووجد أنها فعلا تفي بالغرض حيث البلدة التراثية القديمة التي تم تحويلها إلى قرية سياحية من خلال المحافظة على مبانيها القديمة وتحويلها إلى موقع جذب سياحي.

وأكد الدكتور علي بن إبراهيم الغبان نائب الأمين العام للآثار والمتاحف في الهيئة العامة للسياحة والآثار نجاح هذه الرحلة وأهمية ما حققته من نتائج في التعرف على التجربة الإيطالية المميزة في مجال الحفاظ على مواقع التراث العمراني وتنميتها واستثمارها وتحويلها إلى مناطق جذب سياحي، مثمنا الدعم الذي لقيته هذه الرحلة والرحلات السابقة المماثلة من الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة الذي وجه باستمرار برنامج الرحلات الاستطلاعية بعد النتائج المهمة التي حققتها الرحلات السابقة في رفع الوعي لدى مسؤولي البلديات بأهمية التراث العمراني واكسابهم المعرفة والخبرة في طريقة الاستفادة منه سياحيا واستثماريا بما يسهم في دعم برامج ومشاريع الهيئة في هذا المجال.

وقال الدكتور الغبان: هذه الرحلة تأتي في إطار حرص الهيئة على التواصل مع شركائها المهمين، وجاءت بتوجه مختلف عن السابق حيث ركزت على المحافظين في منطقتين من المناطق التي تضم العديد من مواقع التراث العمراني المهمة في المملكة وهما منطقتا عسير والباحة، ومعهم أيضا عدد من رؤساء البلديات في نفس المنطقة، حيث تأتي هذه الرحلة في إطار برنامج الشراكة الذي تتبناه الهيئة لاستطلاع الخبرة وإتاحة الفرصة للشركاء الفاعلين للاطلاع على تجارب عالمية ناجحة وذلك بهدف الاستفادة منهم في مساندة ومشاركة جهود الهيئة في الحفاظ على موارد التراث الثقافي وتنميته والاستفادة منه في الاستثمار السياحي. وأشار إلى أن هذه الرحلة شملت جولات ميدانية على عدد من المواقع التراثية التي تمت حمايتها واستثمارها سياحيا وتوظيفها اقتصاديا وثقافيا في بلدة سيينا التراثية وعدد من البلدات والمواقع المجاورة لها، بالإضافة إلى لقاءات مع عمد البلدات التراثية والمسؤولين فيها والذين تحدثوا عن تجاربهم وأجابوا عن استفسارات الوفد المتعلقة بتلك التجارب، كما تضمنت الرحلة عددا من ورش العمل التي كان يعقدها المشاركون للحديث عن تجارب استثمار وحماية التراث العمراني وتبادل الآراء والنقاش حول كيفية تطبيقها في المملكة، واطلع الوفد أيضا على نماذج سياحية أخرى مثل النزل البيئية ومشاريع السياحة الزراعية واستراحات الطرق السريعة، وأضاف الغبان: الكثير من المشاركين في الرحلة كانت لديه تساؤلات وأحيانا عدم قناعة ببعض الأمور المتعلقة بجهود المحافظة على مواقع التراث العمراني ولكنهم من خلال الاطلاع على النماذج الحية خرجوا بإجابات ميدانية على أرض الواقع لتساؤلاتهم، وقد لاحظت أنهم عادوا بقناعات جديدة تصب في تحقيق الهدف الذي تتوخاه الهيئة لهذه الرحلات حيث أبدى الكثير منهم استعداده لدعم توجهات الهيئة في تنفيذ مشاريع مماثلة في مناطقهم.

وأشار الدكتور الغبان إلى أن الهيئة سوف تعمل على برنامج للمتابعة مع المشاركين في الرحلة من خلال تبادل الزيارات بينهم وبين المسؤولين في الهيئة والعمل على تطبيق ما رأوه واقتنعوا به على شكل مشاريع معينة حيث شدد الكثير منهم على ضرورة مساعدة الهيئة لهم في بناء أفكار ورؤى تتعلق بالموارد التراثية في مناطقهم، موضحا أن دور الهيئة لا يقتصر على أخذ هؤلاء المسؤولين إلى هذه الأمثلة الناجحة فقط وإنما أيضا باستمرار الجهد معهم بحيث تكون هناك برامج متابعة ولقاءات معهم لتدارس ما قاموا به من خطوات وما يقترحونه من مهام، هذا بالإضافة إلى قيام الهيئة بإصدار كتيب وفيلم توثيقي برصد خطوات الرحلة واللقاءات وورش العمل التي تمت فيها.