مدرسون وأساتذة جامعيون يهربون من حرج «توصيات» نهاية العام بخدمة «موجود» وتغيير الأصوات

رأوا أن الكثير من الطلاب يختصرون السنة بأسبوعين.. وأكدوا أن ذلك دفع بعضهم للتخفي

الاستفسارات وطلبات التوصية تتكدس في اختبارات نهاية العام الدراسي مما يربك الأساتذة
TT

تعد فترة اختبارات نهاية العام الدراسي التي بدأت أخيراً في السعودية هي الأصعب طيلة السنة، لا للطلاب وأولياء أمورهم فقط، بل حتى للمدرسين والأساتذة الجامعيين الذين فضل بعضهم الهروب من ضغط الاسئلة وطلبات التوصية التي تتكدس لحظة ادخال وتسليم النتائج، سواء في استخدامهم خدمة «موجود» التي توفرها إحدى شركات الاتصال لتقنين المتصلين، أو بتغيير نبرة الصوت حال الرد على الهاتف لتصريف أحد الطلاب اللحوحين.

وترى صباح الدوسري، مدرسة لغة عربية في إحدى المدارس الخاصة، أن المعلم معذور حال احتجابه عن الطلاب بعد الجهد الكبير الذي بذله طيلة العام الدراسي، وقالت: «ان الطالب الكسول غالباً هو الذي يلجأ للمعلم في اللحظات الاخيرة لرغبته بالنجاح فقط»، وأشارت إلى ضغط أولياء الأمور المتزامن مع ضغط ابنائهم، مؤكدة أن بعض الأمهات لا يتذكرن بناتهن الطالبات إلا في آخر أسبوعين من العام الدراسي، لتطلب من المعلمة مساعدة ابنتها على النجاح دون الاهتمام بمعرفة مستوى الطالبة.

ويزداد الأمر طرافة لدى أساتذة الجامعات، لكونهم الفئة الأقدر على التواصل المباشر مع الطلاب والطالبات عبر الهاتف الجوال أو البريد الالكتروني أو التحويلات الداخلية، وهو ما يعني تكدس الأسئلة والاستفسارات في اللحظات الأخيرة التي تسبق دخول الاختبار، كما يؤكد الدكتور أحمد عبد الفتاح ندا، من كلية التربية للبنات بحفر الباطن، الذي أوضح أن هذا الأمر يسبب ارباكاً للأستاذ قبل الطالب نفسه.

وأضاف قائلاً: «ان بعض الطلبة يلخصون الفصل الدراسي في آخر أسبوعين مما يتطلب مجهوداً مضاعفاً»، مؤكداً أن هذا العمل يدل على قصور من الطالب أو الطالبة، لكون الأساتذة يحاولون طيلة الفصل الدراسي النقاش مع الطلبة وتشجيعهم على طرح الأسئلة وهم لا يتذكرون ذلك إلا في الوقت الضيق، وفي ما يتعلق بطلبات التوصية أوضح الدكتور ندا أن تقبل هذا الأمر يختلف من شخص لآخر، إلا أنه أشار الى ضرورة التعاون مع الطلبة لما فيه مصلحتهم.

بينما تحكي منال محمد، طالبة في قسم الدراسات الاسلامية بكلية الآداب بالدمام، قصتها قائلة انها استمرت لأسبوعين تحاول الاتصال بأحد الأساتذة لسؤاله عن بعض الأجزاء إن كانت ضمن الاختبار أم لا، إلى أنها تفاجأت بعد ذلك برده على تحويلته ليفيدها بأن الأستاذ المطلوب غير موجود بعد أن غيَّر نبرة صوته لمجرد علمه بأنها طالبة تود الاستفسار عن المنهج، وهو ما تراه أمراً محبطاً، مؤكدة أن بعض الأساتذة غيروا أرقام جوالاتهم أو استخدموا خدمة «موجود» لعدم الرد إلا على الذين يرغبون بهم، وقالت: إن ذلك يؤثر في نفسية الطالب ويشعره أنه شخص غير مرغوب به.

من جهتها، ترى الدكتور عواطف الحارث، أستاذ مشارك ومشرفة قسم الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، أن عضو هيئة التدريس من الواجب عليه أن يجند نفسه من أول العام الدراسي إلى ساعة الانتهاء من أداء الاختبار، وانتقدت هروب بعض الأساتذة الجامعيين من ضغط الاسئلة والاستفسارات، لكونها ترى أن هذا جزء من واجبهم وحق من حقوق الطالب، وأكدت أن ضغط الاسئلة عادة ما يكون من طلاب الانتساب بخلاف طلبة الانتظام.

وفي ما يخص تكدس طلبات التوصية برفع الدرجات خلال هذه الفترة، أوضحت الدكتورة الحارث أن أي طالب له حق الاعتراض على درجاته ومناقشتها، وأفادت قائلة: «نحن في هذه الحالة نعطي الطالبة واجبات لمساعدتها وتحسين درجاتها، مع تساوي الفرص للجميع ودون محاباة لطالبة على حساب أخرى»، وأشارت إلى أن العديد من الأساتذة لا يتعاملون بهذه الطريقة ويتهربون من الطلاب ولا يردون على هواتفهم وتحويلاتهم، وهو ما تراه عملاً سيئاً يهضم حقوق الطلاب.

ولا تقتصر آثار رحلة الهروب الجماعي لبعض الأساتذة الجامعيين على الطلاب وحدهم، حيث تمتد لتصل إلى الصحافيين والاعلاميين الذين قد يحتاجون رأياً اكاديمياً خلال هذه الفترة، فيضطرون للتعريف بأنفسهم أكثر من مرة لحين اطمئنان الأستاذ الجامعي إلى أنه ليس أمام حيلة من أحد الطلاب الذين يودون الحديث معه بهدف ضغطه بالاستفسارات أو احراجه بطلب توصية لتحسين النتيجة أو مساعدته على النجاح في إحدى المواد بعد سرد قصص مطولة عن ظروفه الأسرية والاجتماعية.

في حين يطال ضغط الاتصالات والاستفسارات أيضاً مراكز التقنية التي اعتمدتها الكثير من الجامعات السعودية لعرض نتائج الطلاب النهائية، كما يوضح مدير مركز تقنية المعلومات في إحدى الجامعات (فضل عدم ذكر اسمه)، والذي أكد أن الكثير من الطلاب والطالبات لا يتذكرون فقدان أرقامهم السرية للدخول إلى سجلهم الاكاديمي إلا في وقتين، عند تسجيل المواد الفصلية وعند بدء فرز واعلان النتائج النهائية، وهو ما يراه اهمالاً يفترض أن لا يتحلى به الطالب الجامعي.