شركات تقود شبانا سعوديين وفتيات إلى طريق «الدعوة» من بوابة «السياحة»

تجمعهم بدعاة مشهورين وتشركهم في محاضرات وندوات

شباب سعوديون خلال إحدى الرحلات السياحية الممزوجة بالثقافة الدعوية («الشرق الأوسط»)
TT

اتجهت شركات سياحية للاستفادة من توجه شبان وفتيات سعوديين الى السفر ضمن وفود سياحية الى الخارج وذلك بادراج «الدعوة» ولقاء «الدعاة» ضمن اجندتها وفق برامج سابقة.

ويشارك الشباب، السياح، في اكثر من بلد في حضور ندوات ومؤتمرات يقيمها الدعاة خارج السعودية عبر تشكيل افواج سياحية بمستويات راقية تستهدف الاسر الموسرة للاستماع للدعاة والجلوس اليهم ضمن برامج معدة سلفا.

«أم عمرو» فتاة في عقدها الثاني تدرس اللغات الأجنبية، في احدى الجامعات السعودية وتنتمي إلى الطبقة الغنية في مدينة جدة بالسعودية، قالت ان غاية أمنياتها أن تجلس مع الداعية عمرو خالد ولو لدقيقة، فكيف إذا كان ربع ساعة أو أكثر، وكيف إذا كان هناك تواصل معه عبر الفيس بوك أو الجوال؟ فهذا كان هو الدافع الأساسي النابع من داخل نفسها كما تعبر وصديقاتها في البحث عن طريقة لتستمع إلى ندواته ومحاضراته مباشرة.

حب شخصية الداعية عمرو خالد أو الدكتور طارق السويدان الداعية الكويتي، أو غيرهما من الدعاة النجوم ـ بحسب عدد من الشباب ـ وحب الاستماع إلى ندواتهما شجعا إطلاق فكرة تطوعية كما يدعون لتنظيم رحلات سنوية أو كل 6 أشهر أو أكثر تنطلق من السعودية للسفر إلى الخارج من اجل حضور مؤتمرات وندوات الداعيين عمرو خالد والسويدان، مرة في لندن وتارة في تركيا والكويت.

صفاء عمار «أم عمر»، تعمل في شركة مقرها لندن مسؤولة عن تنظيم رحلات شبابية للجنسين من اجل حضور ندوات لعمرو خالد هناك تقول: «الرحلة تربوية تهتم بتطوير الذات، وتحاول تعديل سلوك المشتركين في الرحلة بالتعرف على أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام وبث روح ايجابية في حياة كل شاب وفتاة».

وتؤكد بأن عملها تطوعي غير ربحي، مضيفة بأن الداعية عمرو خالد لا يتقاضى اي عائد مادي من هذه الرحلات، وحول رسوم الرحلة تقول: إنها بلغت في رحلة الكويت الأخيرة 4 آلاف ريال للفرد الواحد من دون تذاكر السفر، فهي تغطي تكلفة الإقامة ووجبات الطعام لمدة 8 أيام.

وبحسبها فإن الاستطاعة المالية ليست هي المعيار الوحيد لاختيار الفرد للانضمام للرحلة، حيث قالت: «هناك مقابلة شخصية اجريها مع كل فرد يرغب بذلك، لنتعرف على هويته وثقافته ومدى قدرته على تحمل المسؤولية». وتقول: «هناك مقاييس للأخلاق الحميدة نطلبها، فمن خلال الشكل والمناقشة أستطيع أن احكم على الفرد. هل يرغب حقا في الاستفادة من هذه الرحلة بالتغيير الايجابي أم أنه يرغب في الترفيه أو إرضاء الأهل فقط؟، حينها لن يكون له مكان في مقاعد رحلاتنا».

وبسؤالها عن مدى التغيير الايجابي الذي تحقق من خلال الرحلات تلك تقول: «الكثير من الفتيات اقتنعن بأهمية الحجاب، والكثير من الشباب باتوا يبحثون عن هدفهم في الحياة وماذا تعني لهم وبدأوا في تحقيقها والاستفادة من وقتهم إرضاء لله، فعلى سبيل المثال في الرحلة الأخيرة للكويت كانت مجموعتنا تضم 70 شابا وفتاة من السعودية سافروا إلى الكويت لحضور ملتقى الحرية للداعيين عمرو خالد وطارق السويدان، وأعمارهم تتراوح ما بين 16 و30 عاما، استفادوا مما قيل في المؤتمر وعادوا بهمة عالية وشاركوا بكل قوة في الحملة الأخيرة التي أقيمت ضد الإدمان والمخدرات في الخليج». وتضيف: «ستكون هناك رحلة في الصيف إلى لندن لفئة الأشبال الأقل من 15 سنة تهدف إلى توعيتهم بمخاطر المخدرات، لأنه من خلال بحثنا وجدنا أن هذه الفئة ستكون مستهدفة مستقبلا ومن السهل التأثير فيها».

يتواصل عمرو خالد مع كل فرد شارك في الرحلة من خلال الفيس بوك، فلكل مجموعة مسمى خاص بها وقد يزيد عدد المجموعة الواحدة على 200 شخص، يتواصل معهم من خلال رسائل الجوال ويقدم نصيحة مناسبة كل أسبوع لكل مجموعة ولكل فئة عمرية.

العديد من الاسر لا تمانع من سفر اولادها وبناتها بحسب صفاء عمار التي قالت: «ان الأهل يشعرون بمدى حاجة أولادهم وبناتهم لنصائح هؤلاء الدعاة لتقوية سلوكهم وإيمانهم» وتضيف «أولاد هذه الطبقة وعلى المدى البعيد سيمسكون بزمام اقتصاد بلدهم فمن الضروري إصلاحهم وتوجيههم، كما أن الأهل يعلمون بأن أولادهم في جيبهم إبريق علاء الدين السحري في شراء كل شيء ما دام المال موجودا، فلذلك يحاولون إقناع أولادهم بالمشاركة في رحلات عمرو خالد». ليست صفاء عمار هي الوحيدة التي تعمل في هذا المجال، فالشاب إبراهيم هاشم الطالب بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن، الذي تمتلك اسرته شركة متخصصة لتنظيم رحلات الحج والعمرة للـVIP، اقنع إخوانه ووالديه بفكرة تنظيم رحلات تنطلق من السعودية لحضور مؤتمرات وندوات الداعية عمرو خالد كلها، من باب العمل التطوعي ـ ليس أكثر ـ على حد قوله.

ويؤكد بأن عمله تطوعي بحت، من خلال حضور المؤتمرات والاستفادة منها بالتغيير الايجابي في حياة الفرد، والفوز بالجلوس بشكل انفرادي مع عمرو خالد ليستمع لكل فرد ويناقشه بشكل خاص، ولا يوافق إبراهيم على وصف الرحلة بالدعوية بل تربوية وتطويرية ليست أكثر.

وترفض سعاد هاشم «أم سامية» كما تلقب، وهي مشرفة في تنظيم رحلات خاصة لحضور ندوات طارق السويدان في الكويت، فكرة أن السويدان وخالد يساهمان في التنشيط السياحي للبلد الذي يقيمان فيه الندوة أو المؤتمر، على الرغم من حجوزات الفندق والمطاعم لأفراد الرحلة التي قد تتجاوز الـ200 للمجموعة الواحدة أي قد يصل أعدادهم إلى الألفين أو أكثر وتقول: «ليس هناك وقت للتسوق أو السهرات فالمدة الزمنية محدودة جدا مخصصة لحضور المؤتمر وفعالياته فقط».

وحول سبب بحث الشباب والفتيات السعوديين عن نصائح عمرو خالد والسويدان خارج السعودية تقول: «ربما لأنهم يرغبون بالبحث عن خليط من الفكر والآراء».

ويختلف عنها معتز كتبي وهو تربوي ومشرف لرحلات تثقيفية تعليمية بقوله: «نفتقر إلى دعاة من أمثال عمرو خالد والسويدان، قادرين على جذب جميع شرائح الناس، خاصة طبقة الشباب التي تحتاج إلى أسلوب خاص وشخصية معينة ليتجاوبوا معها، هؤلاء يبحثون عن الوسطية وقد وجدوها في السويدان مثلا ولم يجدوها عند الكثير من الدعاة الذين بدأ البعض منهم في التخلي عن تشدده في الآونة الأخيرة».

ويرى كتبي متأسفا أن البعض بدأ في المتاجرة باسم الدين عبر مثل هذه الرحلات التي تجني مكاسب جيدة، نافيا ادعاء البعض بأنها تطوعية لكنه لم ينكر وجود رحلات مثيلة لا تسعى للكسب المادي.