خبير بيئي: حل البلدية بفتح بحيرات جديدة قد يفاقم المشكلة ويزيد الخطر

الأرصاد تحذر.. والدفاع المدني والأمانة يسيّران دوريات طوارئ على مدى اليوم للمراقبة

TT

في الوقت الذي دقت فيه أجراس الخطر في أكثر من جهة رسمية، ومن خلال وسائل الإعلام المختلفة، وفي أوساط أهالي مدينة جدة، من وقوع كارثة بيئية وشيكة، طمأن اللواء عادل زمزمي، مدير الدفاع المدني في منطقة مكة المكرمة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أهالي جدة ومنطقة شرق الخط السريع بشكل خاص، على أن الوضع في بحيرة المسك على الرغم من دقته، إلا أنه ليس بالخطورة التي يصورها الإعلام.

وأضاف «هناك جهات أخرى مشاركة في عملية وضع السد الترابي لتدعيم السد، وهناك لجنة شكلت هذا الأسبوع من إمارة منطقة مكة المكرمة، لدراسة هذا الموضوع، وما يجري حالياً مجرد إجراء احتياطي».

وأشار اللواء زمزمي إلى أن اللجنة ستنتظر لمدة ثلاثة أيام لتعقد اجتماعها وتطرح من خلاله حلولها السريعة لهذه المشكلة.

وتضم اللجنة كل من الأمانة والمجلس البلدي وهيئة المساحة الجيولوجية، وغيرها من الجهات الأخرى، وعلى أرض الحدث تستمر دوريات الدفاع المدني، والأمانة بالوجود في الموقع طوال 24 ساعة منذ مطلع الأسبوع الماضي، وذلك في إجراء احترازي بعد ارتفاع منسوب المياه بشكل كبير خلال الـ5 أشهر الماضية، كما قال الزمزمي.

وأكد اللواء الزمزمي بأن إدارته على أهبة الاستعداد، على الرغم من أن البحيرة تبعد مسافة 14 كيلومتراً عن أقرب حي سكني، لكنه أقر بأن المخاطر البيئية موجودة، مشيراً إلى أن هناك طرقا لمعالجتها تتمثل في عملية الرش باستمرار ووجود محطة تنقية للمياه، وقال «برغم ذلك هي في نهاية الأمر بحيرة صرف صحي وكلها مواد عضوية ومن الممكن أن تتسبب بالتلوث، وهناك تلوث للتربة والهواء».

ويأمل مدير الدفاع المدني بمنطقة مكة المكرمة، أن يتم إيقاف الصرف الصحي في البحيرة بشكل نهائي، لافتاً إلى أن هذا ليس مطلبه الشخصي فقط، لكنه توجه الدولة والمقام السامي الذي رصد 7 مليارات لمشاريع الصرف الصحي لحل هذه المسألة.

ووفقا لما ذكره مصدر مسؤول آخر في إدارة الدفاع المدني ـ تحفظ على ذكر اسمه ـ قال «إن الدفاع المدني يضع خطة سنوية تتجدد في كل عام لعدد من المناطق في السعودية، ومنها بحيرة المسك المهددة بالانفجار في كل عام»، ووصفها بالخطة السرية التي تتبع للجهات الأمنية.

وأضاف «بأن الإدارة وضعت خطة جديدة وقريبة وعاجلة لسكان المناطق القاطنة بالقرب من البحيرة، وذلك إثر التقرير الذي أصدرته إدارة الدفاع المدني محذرة من خطر انهيار السد، كالإنذارات الصوتية، وإخلاء المساكن كخطوة تالية، وإيجاد المأوى المناسب للسكان، إضافة إلى توزيع البروشورات التوعوية حول طرق وأبجديات الإسعافات الأولية في حالة حدوث حوادث وإصابات لا سمح الله».

من جانب آخر كشف الخبير البيئي أسامة قربان، نائب مدير المركز الوطني ومسؤول الطوارئ في السعودية سابقاً، بأن كارثة وشيكة على وشك الوقوع بناءً على المستوى الذي وصل إليه منسوب المياه في البحيرة، وكمية الدفق اليومية، وقال «أستطيع القول بأنه إذا لم تتم عملية تصريف للمياه فمن الممكن أن ينكسر السد الترابي، وفي حال حدوث هذا الأمر ستغمر المياه جميع الأحياء المحيطة إلى شارع فلسطين غرباً، خاصة المناطق التي يمر فيها الوادي، لأن بحيرة المسك تشرف على وادٍ وضعت عليه الإمارة والأمانة حاجزا ترابيا، لكن البيئيين يخشون بأن قوة الدفع في حالة انهيار السد، ستتسبب بانهيار الحاجز على الفور وتتجاوزه».

وقال قربان بأن مثالاً قريباً وقع في فلسطين، حيث غمرت المياه التي تضمها بحيرة مشابهة جداً لبحيرة المسك في جدة، قرية كاملة بعد انهيار سدها واضطرت السلطات إلى إخلاء الناس، وإعلان المنطقة منطقة ملوثة، ولفت إلى أنه يجب على الأمانة بناءً على المعطيات المتوفرة، إيقاف عملية التصريف في البحيرة فوراً، وإيجاد مَن يستخدم هذه المياه من خلال إيجاد محطات لتنقية المياه ومعالجتها، وإيصالها للمزارع المحيطة بالمنطقة».

وحذر قربان من أن البلدية لجأت إلى حل سيئ سيزيد من حرج الموقف والضرر البيئي الذي يتهدد سكان الأحياء المحيطة، حيث قامت البلدية، حتى تقلل من خطر انهيار السد، بإحضار عمال لفتح بحيرات جانبية للتخفيف من ضغط المياه في البحيرة الأساسية ووصل عددها الآن إلى 9 بحيرات إضافية جانبية، وهم يقومون أيضاً بتدعيم السد الترابي بتراب أيضا، وهو ما ساهم بزيادة عرض السد.

وقال الخبير البيئي «إن هذا بالتأكيد هو إضافة للمشكلة الأساسية، لأن البحيرات الجانبية هي أيضاً ستشكل مشاكل وقنابل أخرى موقوتة بناءً على حجم ضخ المياه اليومي، وعدم إعادة استعمال المياه مرة أخرى، أو معالجتها، وهناك محطة معالجة واحدة فقط متوقفة بسبب الصيانة حالياً، رغم أنها لا تكفي مطلقاً، وعلى الأقل يلزم هذه المنطقة بالذات 3 محطات على الأقل تعمل لمدة 24 ساعة يومياً».

من جهته، أوضح حسين بن محمد القحطاني، المتحدث الرسمي باسم الهيئة العامة للأرصاد وحماية البيئة، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأن الرئاسة أعلنت موقفها منذ وقت مبكر وطويل في ما يخص بحيرة الصرف الصحي الواقعة شرق مدينة جدة.

وفصل القحطاني موقف الرئاسة بقوله «يجب ان تكون هناك معالجة حقيقية للمشكلة بداية بوقف صب مياه الصرف الصحي في تلك المنطقة وفي البحيرة والعمل على معالجة هذه المياه والاستفادة منها في ظل خطط مناسبة حتى الانتهاء من شبكة الصرف الصحي التي يتم العمل عليها وتشغيل محطة المعالجة في مطار جدة».

وتابع المتحدث باسم الأرصاد السعودية «في ما يخص المشكلة الحالية في البحيرة والقلق الحاصل من إمكانية انهيار السد، نرى انه لا بد من الإسراع وبشكل فوري بتكليف جهة متخصصة وذات خبرة للعمل على دراسة عاجلة وفعلية حول مدى قدرة مقاومة سد البحيرة لكميات المياه الموجودة والابتعاد عن التقديرات النظرية غير المدروسة من قِبل اللجان، للوقوف فعليا على القدرة الحقيقية للسد ومدى الخطر وإمكانية انهياره»، ودعا القحطاني الى «إقامة آبار مخبرية في المناطق والأحياء القريبة من البحيرة لمعرفة مدى وصول مياه البحيرة الجوفية الى مناطق اخرى». مشيرا الى ان الرئاسة تهدف دائما إلى الحلول المستدامة في القضايا البيئية وليس الحلول المؤقتة.

ولأن شكوى سكان شرق جدة من هذه البحيرة أمر ليس بجديد، فإن مدير مركز الصرف الصحي بشرق الخط السريع التابع لإدارة الرعاية الصحية بمحافظة جدة، الدكتور أنس البلوشي، يقول «لا يوجد اتصال مباشر بين سكان المناطق المجاورة لبحيرة المسك، لكن ينجم عن مياه البحيرة الملوثة تسرب للتربة مما يؤثر سلبا في المياه الجوفية ومياه الآبار واختلاطها بها، الأمر الذي يؤثر سلبا في المياه المستخدمة من قِبل السكان».

وحول الحالة المرضية الأكثر إصابة لسكان المناطق المجاورة لبحيرة المسك، أوضح البلوشي «مرضى حمى الضنك والتيفوئيد والكبد الوبائي، بالإضافة إلى النزلات المعوية الأكثر شيوعا والأمراض الصدرية كالربو والحساسية الصدرية بسبب الروائح الكريهة».