المياه تغمر أرضيات منازل في شرق جدة.. وتلوح بأزمة أمراض

هيئة المساحة لـ «الشرق الأوسط»: السد يواجه ضغطا يؤثر في مقاومته > بلدية بريمان لـ «الشرق الأوسط»: يوجود يرقات وهو شيء غير طبيعي

موظفو البلدية يكافحون احدى بؤر المياه (تصوير: ثامر الفرج)
TT

زادت تسربات المياه التي ظهرت في منازل سعوديين شرقي الخط السريع في جدة من مخاوف السكان من خطورة تمدد بحيرة المسك الى داخل بيوتهم. فبعد ان كانوا يخشون ان تنهار عليهم طوال الايام الماضية وسط تحذيرات من امكانية حصول ذلك، تحول الخوف الى ان تخرج المياه عليهم من تحت ارجلهم بعد ظهورها مع مرور الشهور الماضية في الادوار الارضية والاحواش والبادرومات.

ويأتي ذلك في وقت تلقت فيه امانة جدة بلاغا من سكان منازل شرق الخط السريع في حي التوفيق يشير الى وجود مياه كونت تجمعات، تسببت في انتشار الامراض في الحي الذي يقطنونه.

ووقف بشكل سريع فريق من الامانة يتقدمه سعد السبيعي احد مكافحي حمى الضنك بأمانة جدة فرع بريمان والذي أكد لـ«الشرق الأوسط» التي حضرت اللقاء بالاهالي، انه تم إبلاغنا من احد الزملاء بوجود بؤرة بحي التوفيق فأتينا بفرقة كاملة للكشف عليها، واتضح لنا انه يوجد بها يرقات وأمراض منتشرة ووصفها بقوله «هذا شيء غير طبيعي».

وتابع «وبعد البحث وجدنا ان هذا الشارع الذي بامتداد هذا المنزل توجد به 3 بؤر وبها مرض ويرقات حمى الضنك».

واوضح السبيعي بأن هناك 4 اشخاص مصابين في هذا الحي بحمى الضنك، مؤكدا «ان صاحب المنزل يشتكي من هذه المشكلة التي اصابته واسرته»، مشيرا الى انهم يتجولون في الحي للكشف عن بؤر اخرى في هذه المنطقة وهي منطقة شرق الخط السريع كافة.

وفي المقابل يقول محمد عبد الله الغامدي، وعبد الله القبيسي من سكان حي التوفيق، ولديهما اطفال انهما يشكوان من هذه الأزمة وطفح المياه عليهما من الأدوار السفلية لأكثر من 3 سنوت وقد قدما شكوى بحالتهما إلى الجهات المختصة بمساعدتهما في هذا الأمر، ولكن لم يستفيدا شيئاً.

وأكد القبيسي انه قد خسر ما يقارب 40 الف ريال لعمل عازل لهذه المياه ولكنه لم يستفد شيئاً، وانهم يشتكون من رائحتها الكريهة ومن الجراثيم التي تظهر عليهم منها مؤكدا «أنه في بعض الأيام يقوم بالإتيان بصهاريج شفط مياه الصرف الصحي لتشفط المياه من بدروم منزله من كثرتها».

في حين أكد الغامدي «ان ارضية المجلس في منزله بدأت تهبط قليلاً وهذا زاد من مخاوفهم اكثر».

وأضاف «اشتكينا للأمانة وطلبنا منهم مشروع تصريف سيول الأمطار لتقلل من هذه المشكلة لأن مياه السيول تبقى آثارها بما يقارب 5 ايام في الشوارع ولكن لم نستفد شيئاً».

في حين اكد عبد العزيز فهد الجابري احد سكان الحي بأن اخاه أصيب بمرض حمى الضنك من جراء تجمع هذه المياه.

الى ذلك قال الدكتور زهير نواب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية في رد خاص بـ«الشرق الأوسط» حول قضية بحيرة الصرف الصحي المعروفة ببحيرة المسك «نحن في هيئة المساحة الجيولوجية السعودية لا نحبذ استخدام اسم بحيرة المسك فهذا اسم تهكمي ونرى أن نلتزم بالاسم الصحيح وهو بحيرة الصرف الصحي».

وأضاف نواب «أجرت هيئة المساحة الجيولوجية دراسة على موقع هذه البحيرة شرق مدينة جدة قبل أكثر من خمس سنوات وسلمت الدراسة لأمانة مدينة جدة في حينه وقد قامت الأمانة مشكورة باتخاذ عدد من الاحتياطات ومنها بناء سد خرساني أسفل الوادي».

واستطرد قائلا: «الآن وبعد خمس سنوات علمنا بأن منسوب المياه وراء السد الخرساني ارتفع إلى مستوى 6.5 متر وهو أكثر من 50 في المائة من الارتفاع السابق الذي كان 4 أمتار، ولا شك في أن هذا يشكل ضغطاً كبيراً على السد وعلى مقاومته، خصوصاً إذا علمت بأن مساحة البحيرة خلف السد تصل إلى حوالي 2 مليون متر مربع وتستقبل يومياً ما يقارب 60 ألف متر مكعب.

وتابع رئيس هيئة المساحة الجيولوجية في حديثه لـ «الشرق الأوسط» نحن في هيئة المساحة الجيولوجية حذرنا منذ عام 1998 من خطر ارتفاع المياه الجوفية في مدينة جدة وأثر ذلك في البنية التحتية، وأكدنا ذلك عام 2002م عندما حدثنا الدراسة بالنسبة لمطار الملك عبد العزيز. وأضاف: «اتخذت أمانة مدينة جدة عددا من الإجراءات التي رصدنا نتائجها في آخر تحديث للدراسة، حيث وجدنا هبوطاً طفيفاً في مستوى المياه الجوفية في مدينة جدة في عدد من الأماكن، ولكن نود أن نشير هنا إلى أن انخفاض المنسوب غير المدروس له أيضا سلبيات مثل ظهور تشققات أو هبوط سطح الأرض نتيجة لخلخلة جزئيات التربة تحت السطحية. وهذا يدل بكل وضوح على ان معالجة منسوب المياه لا يمكن أن تكون معالجة سليمة وآمنة ولفترة زمنية طويلة فقط بالدراسات الهندسية، وانه لا بد من إجراء دراسات جيولوجية لطبقات الأرض السطحية وتحت السطحية، ومعرفة الصخور وأنواعها وخصائصها حتى يمكن وضع الحلول العلمية الناجحة.

اما فيما يتعلق بالبيئة فلا شك في أن وجود مسطح مائي ملوث مساحته 2 مليون متر مربع مع وجود تسربات أسفل الوادي لمسافة 4 كيلومترات لا شك انه يسبب مشاكل بيئية قد تكون قاسية ولا بد من التدخل السريع، حيث لا تكفي فقط عمليات الرش التي قد لا تكون مستمرة ومنتظمة. وقد علمنا أخيرا بتشكيل لجنة خصصت إلى الموقع سترفع تقريرها إلى محافظ مدينة جدة، ولا شك في أن الحكومة أيدها الله تنظر بكل جدية إلى حل المشكلة عن طريق الجهات المختصة. وفي السياق نفسه أكد بسام اخضر عضو المجلس البلدي لـ«الشرق الأوسط» أنه لا بد ان تقوم الأمانة بتفعيل التوصيات التي قدمها المجلس البلدي في اجتماعه الاستثنائي يوم الاثنين الماضي، التي فيها ايقاف وتقنين صب المياه في البحيرة الشرقية، حتى يخف الضغط على الوعاء المائي لجدة، والإسراع بعمل دراسة كاملة للأحياء المتضررة بالمياه الجوفية في وادي العسلاء حتى لا تصاب المساكن بتصدعات بسبب ضعف الطبيعة الترابية وبسبب ظهور المياه السطحية.

واضاف «وايضاً نوصي إدارة الخدمات ولجنة الإصحاح البيئي بتكثيف رش المبيدات واكتشاف البؤر التي تسبب حمى الضنك في المنطقة، وحل مشكلة الشوارع التي سوف تتأثر بسبب المياه الجوفية بسقوطها وتلفها بإعادة سفلتتها وحتى تنتهي مشكلة المياه الجوفية بالكامل».

وتابع «لا يوجد مشروع لتصريف مياه السيول والأمطار في شرق الخط السريع وقد اوصى المجلس البلدي في اجتماعات سابقة بعمل دراسة كاملة لسيول الأمطار لجميع مناطق جدة ومنها منطقة شرق الخط السريع ولكن حتى الآن لا توجد دراسة متكاملة واعتمادات مالية لايجاد حل جذري لحل هذه المشكلة».