هيئة عليا لإصدار قوانين للأحكام القضائية بالاستناد للمذاهب الأربعة

ترتبط بالملك.. وستفصل مواد لـ «العقوبات» و«الأحوال الشخصية» و«المعاملات المالية»

TT

كشفت لـ «الشرق الأوسط» مصادر قانونية متطابقة، عن انتهاء هيئة الخبراء، من صياغة رؤيتها للجوانب التنظيمية التي سيعتمد عليها في تشكيل هيئة علمية عليا، ستتولى إصدار مدونات مكتوبة على شكل قوانين، لتكون الأساس في عملية إصدار الأحكام في القضاء، الذي يحكم وفقا للشريعة الإسلامية.

وبحسب المصادر، فإن هذه الهيئة والتي سترتبط مباشرة بالملك، ستعمل على إصدار 3 قوانين؛ هي: قانون للمعاملات المالية، وآخر للأحوال الشخصية، وثالث للعقوبات الجنائية. وأضافت أن ارتباط الهيئة بالملك «سيعطيها قوة واستقلالية في عملها».

ونصت الترتيبات التنظيمية لأجهزة القضاء وفض المنازعات، والتي أقرتها السعودية في 3 أبريل (نيسان) 2005، على «أن يتم تشكيل هيئة علمية على مستوى رفيع لتتولى صياغة الأحكام الفقهية المتعلقة بالمعاملات والجنايات والأحوال الشخصية، وغيرها مما يتطلبه القضاء».

وأفادت المصادر أن القضاء السعودي تصدر 80 في المائة من أحكامه، استنادا إلى رأي المذهب الحنبلي. إلا أن الهيئة العلمية، والتي لم تشكل بعد، ستعتمد في عملها على «اختيار الراجح من بين المذاهب لإصدارها على شكل مواد»، وفقا لما هو منصوص عليه في قرار إعلانها.

وعلقت المصادر، على جزئية «اختيار الراجح من بين المذاهب»، بأنها محاولة لتوسيع الأفق والبحث عن المصلحة العامة. وأضافت أن «العبرة في الأحكام، هو الراجح منها المدعوم بدليل، وهذا سيعطي تلك الهيئة حرية التحرك في الاختيار من المذهب المالكي أو الحنفي أو الشافعي، إضافة إلى الحنبلي».

وسيستثنى من قانون العقوبات المزمع كتابته، «الحدود التي قدرها الشارع» وفقا للمصادر، التي قالت ان القانون يهدف إلى «القضاء على التظلمات، والتفاوت الكبير في الأحكام، وتحقيق العدالة التامة، بحيث تكون جميع الأحكام التي تصدر عن القضاء متقاربة في مجملها».

ولا تزال هيئة كبار العلماء في السعودية، بصدد دراسة مسألة تقنين الأحكام الشرعية، وإصدارها على شكل مواد مكتوبة، وهي التي كانت قد عارضت هذا التوجه منذ أكثر من 30 عاما، حيث أصدرت قرارا بـ «منع التقنين».

وتتوجه الأنظار في 17 أغسطس (آب) المقبل، صوب مقر هيئة كبار العلماء، والتي ستعقد جلسة في ذلك التاريخ لاستكمال مناقشة موضوع تقنين الأحكام الشرعية، وهي التي كانت قد درسته خلال جلستيها الماضيتين.

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن هيئة كبار العلماء خاطبت وزارة العدل السعودية، للاستيضاح منها عن مدى تفاوت الأحكام الصادرة عن القضاء، حيث استجابت الوزارة لهذا الطلب، وبعثت بالدراسة التي طلبتها منها الهيئة.

ولا توجد أي عوائق أمام إصدار قانون مكتوب للعقوبات في السعودية، بحسب المصادر، غير أنها أقرت بوجود معارضة من قبل البعض لهذا المشروع التحديثي.

وفيما تأتي خطوة تقنين الأحكام الشرعية، مدعومة بآراء كثيرة من مجلس الشورى السعودي، والتي تنادي بإصدار قانون جنائي مكتوب، ترى الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أهمية قصوى لضرورة مراجعة بعض التطبيقات القضائية المعمول بها، وبخاصة فيما يتعلق بموضوع الكفاية في الزواج، وتقنين الأحكام الشرعية الإسلامية الخاصة بالأسرة، وهي الموضوعات التي ستكون محل اهتمام الهيئة العلمية العليا بعد تشكيلها.

وكانت الرياض قد أقرت في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) العام المنصرم، نظامين جديدين للقضاء وديوان المظالم، صدرت الموافقة عليهما بمرسوم ملكي، بعد أن استمر العمل بالنظام القضائي القديم لمدة ناهزت الـ37 عاما، حيث استمرت بالعمل في النظام القضائي السابق، منذ 22 يوليو (تموز) 1975، فيما عملت وفقا لنظام ديوان المظالم منذ 10 مايو (آيار) 1982.

وبالإعلان عن نظامي القضاء وديوان المظالم الجديدين واللذين سيشرع في تطبيقهما خلال الفترة المقبلة، تكون السعودية قد شرعت بتحرك فعلي لإصلاح القضاء، مدعوم بمشروع تبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير ذلك المرفق، بمبلغ 7 مليارات ريال.